كثيرون قد يظنّون أنّ "جرائم الشرف" محصورة بالمجتمعات العربية والمسلمة، وأنّ النساء في الغرب، لا سيّما الأوروبيات، بعيدات عن ذلك. لكنّ الأمر ليس كذلك، فثمّة جرائم قتل نساء مشابهة إلى حدّ ما وتأتي تحت اسم "جرائم الغيرة".
تفيد بيانات أخيرة للأمم المتحدة بأنّ نحو 34 ألف امرأة يقضينَ سنوياً حول العالم على أيدي أزواج حاليين أو سابقين أو أفراد آخرين من الأسرة. وبمعدّل يومي، تُقتل نحو 82 أنثى في دول العالم المختلفة، ولأوروبا نصيبها كذلك في استهداف النساء. والأرقام تبدو متشابهة تقريباً منذ عام 2017، خصوصاً تلك المتعلقة بجرائم وقعت على أيدي شركاء. فقد شهدت آسيا وأفريقيا 11 ألف جريمة، فيما كان نصيب الأميركتين ستّة آلاف وأوروبا نحو ألفَين، بحسب تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (أوندوك) العام الماضي.
واستهداف النساء بهذه الجرائم لا يخصّ ثقافة أو بيئة بعينهما، فبينما يُطلق على هذا النوع من الجرائم في الدول العربية وكذلك المسلمة "جرائم شرف" فإنّها تُسمّى "جرائم غيرة" في دول غربية، لا سيّما أوروبية، من قبل الصحافة والمتخصصين في الشأنَين الاجتماعي والنفسي. وبخصوص تلك الأخيرة، يشرح خبراء في علم النفس يشاركون في التوعية بتلك الجرائم أنّها تأتي على خلفية أمراض نفسية يعانيها مرتكبوها من بينهم الأزواج، إذ يخشون أن تهجرهم زوجاتهم أو النساء اللواتي يصنفونهن "ملكية خاصة" لهم.
وبحسب دراسات للأمم المتحدة ارتكزت عليها تقارير مختلفة، فإنّ جرائم قتل النساء على أيدي رجال يعرفون ضحاياهم، كأزواج حاليين أو سابقين، تختلف عن جرائم القتل الأخرى. فتلاحظ تقارير مكتب "أوندوك" أنّ القتلة في هذه الحالة "يعملون وهم متعلمون وليس لديهم ماضٍ جنائي في أغلب الأحيان" في حين أنّ القتل في معظم الحالات لا يأتي "مرتّباً مسبقاً مقارنة بجرائم القتل الأخرى بمعظمها"، خصوصاً في الحالات التي تشهدها دول الشمال الأوروبي المتقدمة. فقد سُجّلت جرائم القتل في حقّ نساء شابات يصغرنَ شركاءهنّ الرجال، وقد بيّنت دراسة لـ"أوندوك" أنّه "إذا كان الرجل أكبر بخمسة عشر عاماً من المرأة، فإنّ مخاطر القتل تزيد، بحسب دراسات أميركية متخصصة في هذا المجال".