-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent

في رحيل أكسل كان.. الإنسان هو ما يفعل بوعلام رمضاني


 الرجالُ الكبارُ لا يَدخُلون التاريخَ بما قدَّموه للبشرية من اكتشافات وإبداعات في شتى المجالات وهم أحياء فحسب، بل حتَّى بطريقةِ رحيلهم، ومُقاربتهم الموتَ، بغضِّ النظرِ عن هَوامشِ اختلافِنَا معهم على هذا الصعيدِ أو ذاك، أو من مَنظورِ إيمانِهِم بالوجودِ، بعيدًا عن كلِّ تفسيرٍ غيْبِيٍّ. والشيءُ الذي يَزيدُ من خصوصياتهم الصانعة للفَرادَةِ والتميُّز والاستثناء، هو الشيء الذي يَتركُهم يختلفونَ في ما بينَهُم استنادًا لمواقف نادرة ومُدهِشة وخارقة، تتفاوَتُ في درَجَةِ تأثيرها الوجداني والعقلاني على المُتابِع والشَّاهِدِ على "نوعيَّةِ" رحيلِهم في علاقتِها بفلسفة الحياةِ بوجهٍ عامٍ، وبمفهومِ السَّعادةِ بوجهٍ خاصٍ.

عبدكم الضعيف والمحظوظ يَقوَى من يومٍ لآخرَ بفضْلِ مُواكبته حياةَ وموت رجالٍ ونساءٍ عاهدوا اللهَ، أو الضمير الإنساني، ببقائِهِم على قيدِ الحياةِ حتَّى بعد انتهائهم كحُضُورٍ جسدي سَمَحَ لهم بالتواصُلِ بصفةٍ مرئيَّةٍ ومحسوسةٍ معَ كلِّ منْ أحاطَ بهم على صعيدِ الحياةِ الشخصيةِ، أو العلميةِ، أو الأدبية، أو الفكرية الإبداعية.
من نوع الرجال الذِّينَ يُمثِّلونَ الخُصوصية المذكورةِ فكريًّا ومِهنيًّا وإنسانيًا، أكسل كان Axel khan (الشقيق الأصغر للصحافي والكاتب الشهير أيضًا جان فرنسوا كان) الذي رَحَل في السادس من الشهر الجاري عن عمرٍ يُناهز السادسة والسبعين. إنه الحَدَث الذي هزَّ فرنسا، وأحزَن عامَّةِ وخاصَّة الناسِ من الذين كانُوا يتَّفِقُون أو يختلفون مع توجُّهِهِ، وربما كانوا لا يحبُّون عِرْقَهُ، ويَروْن فيه شُبهةً مُعينةً، وربما أيضًا شيئًا ما من شخصيته العجيبة والمُبهرة.
كان، المتخصص الذي اشتهر كعالم وطبيب وباحث في الأمراض الوراثية، وَهَبَ حيَاتَه دفاعًا عن قناعاته العلمية، مُطاردًا المرض الذي قضى عليه، وكتَبَ ثلاثين كتابًا، أعلنَ عنْ قُربِ رحيله قبل حوالي شهرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر القنوات التلفزيونية والإذاعية، ليس بحثًا عن شُهرةٍ عاشها لعُقودٍ بفضلِ وطأتِه العلمية ونشاطه الإنساني والتزامه السياسي، ولكنْ لتَمْريرِ درسٍ ثقافيٍّ وأخلاقيٍّ وإنسانيٍّ يُؤكِّدُ مُقاربةً يتَّفِقُ ويختلفُ حولهَا المؤمِنُون بالله وغير المؤمنين به. كانت كثيرةَ الإطلالاتِ التي مكَّنتْهُ من تمريرِ رسالته، لكنَّ إطلالته قُبالة الصحافية القديرة ليا سلامة، ابنة الديبلوماسي غسَّان سلامة، عبر أمواجِ إذاعة "فرانس أنتير"، كانت الأقوى تأثيرًا على الإطلاق، وهي التي دفعتْ ببعضِ الصحافيين إلى التأثُّرِ إلى حدٍّ دَفَعَ بعضهم إلى قَمْعِ دمعةٍ حارقةٍ كانت على وشكِ النُّزول رغمَ أنفِ صاحبها.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا