في خضم الحراك الشعبي في الشقيقة الجزائر، وفي أتون لهيب الحرائق المفتعلة والمقصودة التي أتت على الأخضر واليابس في عدة مناطق من البلاد، وخصوصا منطقة القبايل، بادر الشهيد جمال بن اسماعيل وبحسه الحضاري الجمعوي إلى جمع عدة تبرعات من إخوته المواطنين وقرر السفر إلى منطقة القبايل لمساندة ودعم أهاليها في إطفاء الحرائق… لكن الشهيد بعد أن وصل إلى هناك يوم 9 غشت وبعد يوم واحد فقط أي 11 غشت وقع له ما قد يقع لكل جندي غيور على سلامة وطنه ومواطنيه، حيث وجد هناك أعداء الداخل الحقيقيين والطابور الخامس الموالي للنظام الديكتاتوري العسكري متربصا به ومعدا باحتراف مخابراتي خطير سيناريو مدبر بإحكام لقتله وإسكات صوته وقتل كل فكرة تروم تلحيم وحدة البلاد ضد التفرقة … وهكذا استفرد أعداء الفن بالشهيد في وسط الغابة واعتدوا عليه وساقوه إلى مقر الشرطة ولفقوا له تهمة إضرام الحرائق… ومع تعطش المواطنين إلى إشفاء غليلهم في الكوارث والخسائر الفادحة في الضحايا والممتلكات، هاجموا ناقلة الشرطة هجوما شرسا وأخرجوا الشهيد جمال بن اسماعيل وقاموا برفسه وتعنيفه وسحله إلى ساحة عمومية وأنهوا مأدبتهم الوحشية بحرقه بل قام أحد المتربصين به منذ حلوله بمنطقة لقبايل فذبحه وقطع رأسه بمباركة إحدى النساء.وأعتقد أن الشهيد لو كان يعلم بمصيره التراجيدي ذاك فهو لن يتراجع ولو خطوة واحدة عن تأدية واجبه الوطني والإنساني تجاه أهالي منطقة القبايل لمساعدتهم على إطفاء الحرائق.
إن النظام القمعي الجزائري لم يكتف بهذه الجريمة الفظيعة، بل أضاف إلى سجله الدامي جريمة أخرى حين لفق تهمة ما وقع من غليان الحراك الشعبي والحرائق التي أتت على الأخضر واليابس وكعادته عزف على أسطوانة (المؤامرة) الخارجية المشروخة التي لم تعد تطرب حتى الرأي العام الداخلي باتهامه المغرب مباشرة بكل ما يقع في الجزائر الشقيقة، في حين أن المملكة المغربية تعيش تجربتها الديمقراطية الانتخابية وهي مشغولة بتنزيل نموذجها الاقتصادي الذي من المنتظر أن يفتح آفاق تنموية رائدة في المنطقة وإفريقيا برمتها.
رحم الله الفقيد جمال بن إسماعيل ضحية النظام العسكري الغوغائي ومن خلال هذا المقال نتقدم بأصدق عبارات التعازي من كافة الفنانين والجمعويين المغاربة لأسرة الفقيد وإلى أصدقائه وإلى كافة الشعب الجزائري الشقيق.