الفن الصحفي من أكثر الفنون المعرفية تطورًا وتحديًثا؛ لأن هذا الفن متصل بحياة الإنسان اليومية والمستقبلية، والحياة الإنسانية بطبيعتها تتغير وتتطور، ومن المحال الثبات على وتيرة واحدة. وكل بحث يلقي الضوء على تطوره وأصوله وقواعده، ويحمل في طياته تأريخًا لهذا الفن ودرجة انطلاقه وتطوره الذي بلغ في فترة بعينها من حياة أمة من الأمم، التي هي جزء من مسيرة الإنسانية.
ويؤكد د.خالد محمد غازي في كتابه الجديد
"التحرير الصحفي.. توظيف تكنولوجيا الاتصال" ( وكالة الصحافة العربية –
القاهرة ) أن عملية التحرير الصحفي لها
تأثير كبير في عملية الاتصال؛ فالصحف بكافة أنواعها وأشكالها
(مطبوعة أو الكترونية) تحرص على تحقيق تواصلها الفعال مع القارئ، وهذا يتوقف على
طبيعة العلاقة بين المرسِل والمستقبِل، فإذا كان المرسِل ضعيفًا في كتابته أو ليست
لديه معلومات كافية عن موضوعه؛ فإن ذلك يؤثر سلبًا على عملية
الاتصال، فإذا كانت الرسالة غير محررة بطريقة فعالة؛ فإن
المستقبِل لن يتمكن من استقبالها كما يجب، وبالتالي ستكون فاقدة للجدوى والتأثير.
والتحرير الصحفي يمثل صلب العملية الإعلامية
الاتصالية، والتي يمكن أن تكون في الوسيلة الإعلامية
التي تحملها العناصر التي تكون منها الرسالة، ثم يأتي بعد ذلك البناء والتركيب
الخاص بها بوضع هذه العناصر معًا؛ لتنتج رسالة إعلامية معينة مطلوب توصيلها للجمهور.
ويؤيد فريق من خبراء الإعلام أن
التحرير الصحفي هو الوسيلة؛ فالرسالة ليست
بمضمونها فقط، بل هي "فن تطبيق الكلام المناسب للموضوع، والحالة والجنس الإعلامي على حاجة القارئ
لها".
ويتضمن جوهر الفن الصحفي، مزيجًا إبداعيًا من فن التحرير الصحفي، أو الكتابة بلغة تناسب الصحافة،
كوسيلة، وتتسق مع سمات جمهورها، والتصوير الصحفي، والرسوم اليدوية بأنواعها
الساخرة، والتوضيحية والتعبيرية، وفن الصور الصحفية والرسوم، ثم الفن الإعلاني،
وأخيرًا، فن الإخراج الصحفي، الذي يتولى عملية الإبراز والتنسيق
والجذب للمادة الصحفية، وللمادة الإعلانية وتكوين شخصية للصحيفة.
من هنا، يكتسب
موضوع اكتساب المهارات اللازمة للعمل الصحفي أهمية قصوى، وهذه المهارات أو
الأساسيات بمثابة إرشادات تضيئ الطريق للصحفي في مشوار حياته؛ لهذا خصصنا لها هذا الكتاب على أمل أن يكون مفيدًا لمن
يطالعه، ومحققًا لهذه الغاية، وأن يكون استجابةً حضاريةً لمتطلبات من يحتاجون إلى الإلمام بأساسيات المعرفة في موضوع الكتابة الصحفية، دونما
إغراق في التعمق، أو سطحية في التناول. وهذا ليس موجهًا للعاملين في المجال الصحفي فحسب، بل يهدف بنفس القدر إلى رسم خريطة إعلامية للمسؤولين
عن مخاطبة الرأي العام، وصياغة عقل المجتمع وتوجهاته السلوكية.
ويرى
د. غازي أن مهنة الصحافة كسائر المهن في المجتمع، تحتاج إلى استعداد طبيعي، ولكنها
- كأي مهنة- لها مكونات ثلاثة هي: المعارف، والمهارات، والقيم، التي يمكن
اكتسابها، وتطويرها، تعليمًا وتدريبًا.
ويختلف خبراء الإعلام،
وخاصة في مجال الصحافة؛ فالبعض منهم يقسم
التحرير الصحفي على أساس الموضوع، فهناك تحرير
للحوارات وآخر للقاءات وثالث للتحقيقات ورابع للسينما والمسرح والفنون...
الخ. وهناك من يميلون إلى تقسيم التحرير الصحفي إلى فنون من حيث الزاوية التي ينظر
منها المحرر إلى هذه الفنون. فهناك الزاوية الواقعية، وهناك
التاريخية، وهناك الزاوية النقدية، وهناك الزاوية التي تتصل بالخبرات الخاصة
وإضفاء الجانب الشخصي على طريقة الكتابة...وهناك من يميل إلى الزاوية الموضوعية
الحيادية...
الخ.
ومن الخبراء من يفضلون تقسيم التحرير الصحفي
على أساس الأشكال المختلفة– كما هو معروف – الخبر، والمقال،
والعمود، والحديث، والتحقيق، والقصص الإخبارية
التي تكون على شكل طرائف خفيفة، ويسميها الإنجليز والأمريكيون "Features"
وكثيرًا ما تتصل هذه الطرائف بموضوع من الموضوعات الإنسانية التي
يميل إليها القراء.
وهذا يؤكد لنا بما لا يدع أي مجال للشك كيف
تتداخل فنون التحرير بعضها في بعض، وكيف يصعب التمييز بينها تمييزًا مانعًا
جامعًا.وال
والكتاب يقع تسعة عشر فصلا من أبرز موضوعاته تناولت
: أسس التحرير الصحفي والتحرير الصحفي الالكتروني والصحافة الالكنرونية وحرقية
التحرير الصحفي وأخلاقيات الصحافة وأخطاء لغوية في الكتابة الصحفية ، الفنون
الصحفية .. وغيرها ، والكتاب يجمع مابين الأكاديمة والمهنية الصحففية ، و يقع في
نحو ( 295 صقحة )