صدر مؤخرا عن منشورات القلم المغربي بالدار البيضاء كتاب نقدي جديد للباحث والناقد المغربي سالم الفائدة بعنوان" جماليات السرد البصري"، يقع الكتاب في 210 صفحة من الحجم المتوسط، وهو الكتاب الثالث في مسيرته بعد كتابيه "الثقافة والرقابة دراسة تاريخية معرفية " الصادر سنة 2019. و"الرواية العربية والمحرم التلقي اللغة ورؤية العالم " الصادر مؤخرا 2021.
يقول الفائدة في كلمة ظهر كتابه الجديد:" يواصل السرد البصري مساره ويغتني بمختلف أشكال الكتابة التصويرية، وغدت تشكل نصوصه تجربة مغايرة في سماء الإبداع الأدبي العربي، ولعل ذلك الغنى هو ما جعل الدرس الأسلوبي المعاصر يطوّر أدوات قراءته بحثا عن مفاهيم جديدة قادرة على استيعاب ما تزخر به هذه النصوص من جماليات وقيم فكرية جديدة. ببساطة تتطور أدوات التحليل الأسلوبي في علاقة مع جملة السرد؛ فبلاغة الصورة تعيد توجيه عجلة السرد نحو آفاق أرحب مشرعة على الزمن والحياة والمستقبل، إلى حدّ يجوز لنا معه القول: إن الصورة السردية أضحت تشكل سلطة، وكأننا نستعيد ما سطّره التاريخ القديم الذي جعل الصورة بمعناها العام تتبوأ الصدارة؛ ففي البدء كانت الصورة، خطّها الإنسان تمسّكا بالحياة ومقاومة للموت. واليوم يتواصل التصوير من مواقع ومنظورات مختلفة، يجسّد السرد البصري أحد وجوهه الأكثر حيوية وتوهّجا وجدلا، ذلك أن أدوات التصوير السردي تبنى في المقام الأول من نسغ اللغة التي تتفاعل فيها أبعاد عديدة. ولعل طبيعة هذا التصوير ومنطقه اللغوي يفترض على الدوام تطوير العدة المفاهيمية والمنهجية لمواكبة لغة السرد وإمكاناته الجمالية والفني".
وقد حاول في هذا الكتاب تقديم تأويل من زاوية دراسة "الصورة السردية" باعتبارها، مكونا أسلوبيا للنظر والقراءة، يمكن أن يضيء عتمة النص مع القراءات المحتملة الأخرى من زوايا جديدة، وقد درس الفائدة في هذا الكتاب متنا سرديا متنوعا من المغرب والعالم العربي تراوح بين الرواية والقصة القصيرة، ونص الرحلة، فإلى جانب اشتغاله على نصوص من السرد السجني المغربي، يتناول الكتاب نصوصا من مصر والمغرب وتونس وإسبانيا ، لكتاب من أجيال مختلفة، صنع الله إبراهيم ، وشعيب حليفي، وعبد القادر اللطيفي وأمينة برواضي إدريس الشعراني ، وتوفيقي بلعيد، وأحمد الملواني ، والزهرة رميج، ورضوى عاشور، وإنريكي كوميت كريبو.
ويؤكد الباحث إن اعتماد مفهوم "الصورة السردية" لقراءة نصوص من السرد العربي غايته بيان وكشف جمالياته الحكائية واللغوية والفنية، وكذا تبيّن ماهية الرؤى الفكرية والجمالية التي وجهت فعل الكتابة السردية الروائية والقصصية والرحلية، فالكتاب محاولة للمساهمة في الجهد القرائي والنقدي الأسلوبي المعاصر، وإغناء لما قدّمه رواده في تجديد وتطوير أساليب النظر والتفكير في النص السردي العربي الذي يخرق باستمرار كل الحدود التقليدية للإبداع، ويتمرد على مختلف أشكال التصنيف والقوالب الجاهزة التي طالما حاول بعض المشتغلين بالنقد أسره فيها.