نحن السينمائيون الجزائريون نطلق صرخة نجدة لإنقاذ السينما. لقد اطلعنا عن طريق الإشاعة أولا في 2021 ثم عبر الصحافة في 2022 على خبر حذف صندوق ترقية الفنون وتقنيات السينما (فداتيك). وتم بذلك إلغاء آخر آليات الدعم العمومي للسينما الجزائرية دون توفير معلومات رسمية عن مستقبل السياسة السينمائية في بلدنا.
الثقافة وترقيتها وحماية حريتها مسألة دولة. ونحن نرى القرار الانفرادي لغلق الصندوق الوطني لدعم السينما دون التشاور المسبق مع مهنيي القطاع كتهديد مباشر لحصول الجمهور الجزائري على سينما حر ومستقل.
يتكون جمهورنا من نساء ورجال، مراهقين وأطفال جزائريات وجزائريين، في الجزائر وفي كل أنحاء العالم. دورنا هو أن نصنع لجمهورها أفلام مؤلف، أفلام ترفيهية، أفلام وثائقية، أفلام قصيرة، أفلام الرسوم المتحركة، أعمال تسمح لنا بأن نترابط، بأن نشعر معا بالمشاعر العميقة التي تحرّكنا.
السينما هي حكاية حلم ورغبة ومخيال وعاطفة. نحن نوجد من خلاله كشعب وهو يسمح للجزائر بالتألق عبر العالم. السينما ينقل لغتنا وثقافتنا وتاريخنا وهويتنا وروحنا وكفاحاتنا. وحين يستحيل علينا سرد حكاياتنا وتصوير عوالمنا، نترك المكان شاغرا لكي يتكلم الآخرون عوضا عنا ونصير مقيدين بالتمويل الأجنبي ومحرومين من نقل صوتنا بكل حرية، وبهذا نخاطر بأن جمهورنا لن يشعر بأنّه مُمثّل من هنا وصاعدا.
للتذكير فإن صندوق دعم السينما قد ساهم في تمويل أفلام جزائرية، سواء كانت وطنية بالكامل أو بالتعاون مع أطراف دولية، حازت على السعفة الذهبية وتوجت بجوائز الأوسكار والسيزار وتم اختيارها وتتويجها في عدة مهرجانات دولية من بينها “كان” والبندقية وعمان والجونا وكليرمون-فيرون وبجاية ودبي والدوحة وقرطاج وساو-باولو والقاهرة ونامور ولوكارنو وسيدني، وميامي وصاندانس وسياتل ولندن إلخ…
أما اليوم فقد بزغت موجة جديدة تحاول إعطاء نفس جديد من الإبداع والانتعاش للسينما الجزائرية. إبداعاتنا غنية ومتفردة بشهادة زملائنا في العالم بأكمله ومحبوبة من طرف جمهورنا، لكنها اليوم مهددة في بقائها بسبب غلق صندوق الدعم الوطني.
كما يعتبر السينما كقطاع، بغض النظر عن مهمته الفنية والهوياتية والثقافية، مصدر عمل وعيش لمؤلفي وتقنيي وممثلي القطاع وعائلاتهم، ولن يشكل حرمانه من التمويل العمومي خطرا على الأفلام الجزائرية فحسب بل وعلى حياة عامليه وأسرهم.
عمليا، لم يتم عقد اجتماع لجنة الدعم العمومي للسينما الذي كان من المفترض عقده في 15 سبتمبر 2021 كما لم تصادق وزارة الثقافة على اللجنة السابقة. وإثر غلق الصندوق فإن الأفلام في طور الإنتاج تعطّلَت بما أنها لم تنل الشطر الأخير من التمويل واضطر المخرجون لإيقاف التصوير بين ليلة وضحاها والبحث عاجلا عن تمويل أجنبي لإتمام أفلامهم ودفع حقوق الممثلين والتقنيين.
نحن نعيش اليوم في حيرة وشك دائمين أمام مستقبل غامض وتعليق عشرات المشاريع المدفوعة لدى لجنة الصندوق، دون أية معلومات أو إمكانيات لحل المشكل. وقد نبهنا سابقا وزيرة الثقافة من خلال بريد تم إيداعه لدى مكتبها بتاريخ 23 أكتوبر 2021 والذي بقي إلى اليوم دون إجابة.
السيدة وزيرة الثقافة، نطالبكم اليوم دون انتظار بتقديم تقييم رسمي وشفاف للوضعية: مستقبل السياسة الوطنية لتمويل السينما من جهة وتوضيح المعالجة الخاصة للمشاريع المعلقة التي تم تقديمها آنفا من جهة أخرى.
كما نضم صوتنا لانشغالات جمعية المنتجين الجزائريين (أباك) التي ساءلت، أوائل أفريل الماضي، رئيس الدولة عبد المجيد تبون عن وضعية الدعم العمومي للإنتاج السينمائي.
وندعو جميع السينمائيين وكتاب السيناريو والممثلين والتقنيين وكل عاملي القطاع للانضمام إلينا وإلى جمعية المنتجين الجزائريين.
السينما الجزائرية مهددة بالموت ويتوجب علينا إنقاذها وإعادة بريقها على الساحة الوطنية والدولية، ونرجو من مؤسساتنا الحكومية الدعم والترقية الذين من شأنهما الإبقاء على إبداعاتنا حية وحرة.
إمضاء:
كمير عينوز
عديلة بن ديمراد
أمال بليدي
ياسمين شويخ
صوفيا جاما
نبيل جدواني
حسن فرحاني
أمين حتو
فيصل حموم
عبد المالك كلو
دوروتي مريم كلو
ينيس كوسيم
ندير مقناش
كريم موساوي
داميان أونوري
لياس سالم
أمين سيدي بومدين
لينا سوالم