يأبى الليل الا أن يتسع لجريمة قادمة، نتساءل ماذا بوسع ذلك في العالم بروح مهاجرة وأنين جسد يفتش عن بقايا جدار وعود ثقاب وبريق جثة ..
جعلنا ذلك نعثر على جثة المغني المتسكع محمد برشيد، عازف موسيقي في فرقة موسيقية بعدما فارق الحياة بالشارع العام حيث كان يعيش مشردا بين شوارع المدينة ويعرفه العديد من سكانها متأسفين لحالته المزرية وهو يستنجد طالبا الصدقة من المارين بشارع البرانس او بوشريط او جالسا امام مسرح عفيفي ..
والى ذلك، فحالته المتمردة هي نفس حالة العديد من الفنانين المتسكعين والمتشردين الذين يجوبون شوارع مازكان في ظروف صعبة بحثا عن لقمة العيش بعد ان تخلى عنهم الكل أو كانوا يعيشون في ظروف اخرى دون اي رحمة من الاخر او من الجهات المعنية سواء المنتخبة او الساحة الثقافية والفنية المحلية والوطنية في صمت تام .
المرحوم محمد برشيد، فنان متأصل وعازف ماهر على الالات الموسيقية معروف في مدينته وبين شلة من اصدقائه وخلانه الفنانين والمبدعين. كان يعيش في أواخر حياته متشردا بين الازقة والشوارع لا يجد من يأويه مسندا ظهره للحائط ولعكازين يطالبك بسيجارة وكسرة خبز..
وقد فارق الحياة في الوقت الذي يشكو آخرون ظروفا صعبة ويهيمون على وجوههم بعد ان تخلت به الظروف واحاطت بهم الامراض من كل جانب وتكالبت عليهم الدنيا بمشاكلها وانصرف الاصدقاء والخلان وبقوا بدون اسرة وبدون سكن وبدون معيل
في الوقت الذي ينكب فيه البعض على اقامة المهرجانات الكبرى والسهرات بالملايين وفنانون ومبدعون يعيشون العالة والفاقة في دولة الحق والقانون.
لم يخلق الموت الا لكي يحلق في السماء :
صوت البرد يدوي بين أضلعي
على الامكنة بوارج وألوان، ثمة ظل يمشي جانبي
وطنين خطو ثقيل، إني سألتقي بالأحبة وسنكمل المسار
وستبتلعنا الطريق
حتى إن صباح الغد كنت في أخبار جرائد المدينة نفتح علبا للحديث
بدل الذهاب الى المرسى القديم
وسماع قفقفات اناملك على الكمان
مت وحيدا، كما الشارع الطويل
في غربة الخذلان
وما اضطررت أن آتي إليك أيها الوجه الشاحب
في صدري ثقل بلا معنى
فردة الحذاء الكبير اختفت
وكدت، أبكي ، من تعبي.. من صياح الشوق الى الموت.