-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

" العدمية " إدريس كثير

" ماهية العدمية ليست عدمية "
هايدجر
     اعتاد العديد من المناضلين و المناضلات – لا أشك في طويتهم السياسية و لا الأخلاقية – أن يعتبروا " العدمي " لا قيمة له لا سياسيا من حيث تقديره السلبي
للظرفية السياسية و لا أخلاقيا من حيث حكمه الرافض للقيم السائدة . وابتلوا بوصفه بالسذاجة و المرض الطفولي ...
   العدمي في المغرب هو ذلك الضعيف الذي لا يستطيع مواجهة الآلة السياسية والإدارية الرسمية  و ذلك الذي يطاله القمع و المنع و لا يقدر على الدخول بله مجاراة اللعبة السياسية أو ذلك الساذج الذي يعتبر الرفض مبدأ كفاية ..
     عادة الأحزاب السياسية الضعيفة في المغرب هي التي تدعو إلى الرفض و المقاطعة و عادة التنظيمات السرية أو شبه السرية هي التي تكون عدمية   ناهيك عن العديد من المراهقين و المتطفلين السياسيين الذين يرتاحون في مبدأ المقاطعة و الرفض و يعتبرونه مبدأ تقدميا نضاليا .
    العدمية حسب هذه الدوكسا هي النكران و الرفض و المقاطعة و الشجب و التنديد ...
      في الحقيقة العدمية ليست هي رفض الانتخابات و لا هي الهروب من الواجبات ولا هي مرض طفولي ولا سذاجة لم تنضج و لاهي ضعف و لا هم يحزنون . أو هذا هو الاستعمال السائد  و السطحي للمفهوم .
أما المفهوم الفلسفي  فيعتبر العدمية موقفا فلسفيا من الوجود نعثر عليه  لدى جورجياس  وهو موقف شكي من وجود الأشياء : لا شيء موجود . وإذا وجد لا أحد يستطيع معرفته و لا إدراكه . وإذا تم إدراكه ومعرفته بشكل ما لا أحد يمكن نقله و لا الإخبار عنه .
   بالنسبة لنيتشه الوجود و منه الواقع و الحياة  يتكون  من قوى حيوية  وأخرى خمولية  . الأولى إيجابية تأكيدية و الثانية سلبية نافية . من هنا فالوجود عامة والمجتمع خاصة يتكون من إرادة القوة الإيجابية و من القوى الإرتكاسية الواهنة المريضة . صراع هذه القوى وجدلها هو الذي يمنح للعدمية قوتين واحدة إيجابية والأخرى سلبية . العدمية إذن لدى نيتشه على ضربين . عدمية خنوعة ترفض الوجود لا لأنه غير موجود وإنما لأنه  فاسد مدنس و ما هو إلا سيمولاكر للوجود الأصل ( المثال ) و ترفض الجسد لا لأنه من طين فقط و إنما لأنه فان غير خالد كالروح  و ترهنه بخلود في عالم آخر . أما العدمية الإيجابية فهي تلك التي ترفض كل القيم الفاسدة لأنها متجاوزة و تنفي   كل الأوهام  التي لا أساس لها من الصدق  في الواقع . العدمية الأولى عدمية تنتصر لقوة الارتداد و الارتكاس وأصحابها أصحاب غل و روح انتقام و تماسيح وشياطين أما الثانية فهي عدمية بطولية تنتصر للتقدم والتطور و المروءة وأصحابها أصحاب المرح  الديونيزوسي المحطم للقيم  المهترئة .
    العدمية في نظر هايدجر هي النتيجة الحتمية لحركة فكرية طويلة و بطيئة أدت إلى " نسيان الوجود " و هذا الأخير معناه أن الوجود يختبئ و ينحشر في أثلام  العدم  و لا يرى النور إلا  في  شكل الموجودات  بعد أن كان وجودا ماهويا . لهذا كانت العدمية من مجال العدم  الذي يحاول دوما تعديم الوجود . وبما أنه لا يمكن تجاوز  العدمية ينصح  هاديجر بالدخول فيها و الاستقرار في أحشائها لأن رفضها معناه صعوبة تصور العدم  بله استحالته . وحلها يوجد طيها لأن ماهيتها  ليست عدمية
     قد لا نكون في حاجة ماسة إلى التذكير بهذه الأطاريح الفلسفية من العدمية . إلا أننا في حاجة خاصة إلى تدقيق المصطلح وتدقيق تداوله أخلاقيا و سياسيا :
فحين تعتبر العدمية  نداء إنسانيا في وجه الصمت المطبق للعالم أو للجبار أو للمسؤول و تعتبر مرتكزا مكينا حين يكون العالم خال من المعنى قريب من العبث و تعتبر حداثة حين يكون فكر أمة بكاملها واهنا مريضا كسيحا (فاتيمو ) و تعتبر نقدا لاذعا للحنين للماضي وكذا لتأنيب الضمير من الآتي حين تكون النوستالجيا مطمح أمة وأزمة الضمير مسلكها ، آنذاك تعتبر العدمية فلسفة  ...... يحبذ التهليل لها وإشهارها بقوة .        

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا