يا رَفيقي في الأسى..الطاهر لكنيزي
يا رَفيقي
في الأَسى كُنْ لي عَزاءْ **** قَدْ غَدا لِلْعُنْفِ لَوْنٌ وَلِواءْ
فَتَرَجَّلْ
عَنْ قَصيدٍ في الهَوى **** وَاعْتَزِلْ كُلَّ نَشيدٍ وَغِناءْ
كُنْ
عَزوفاً عَنْ جَمالٍ فاتِنٍ **** في تَهاويلِ الرَبيعِ وَالشِتاءْ
في اشْتِعالِ
بَسْمَةٍ أَوْ لَوْحَةٍ **** في احْتِراقِ العَتَماتِ بِالضِياءْ
في ثَتَنّي
جيدِ ظَبْيٍ شارِدٍ **** وَجِلٍ أَذْهَلَهُ عُرْيُ العَراءْ
وَانْتَبِذْ
وَهْماً بِآجامِ الرُؤى **** وَتَفَيّءْ ظِلَّ دَوْحِ البُرَحاءْ
بِصَدى
مِنْ خَرَسٍ شُقَّ الْمَدى **** وَتَعالَ نَحْتَرِفْ فَنَّ الرِثاءْ
نَتَعَلَّمْ
كَيْفَ نَرْفو عَجْزَنا **** بِخُيوطٍ مِنْ عَويلٍ وَبُكاءْ
رُبَّما
نَرْقَأُ سَيْلَ جُرْحِنا **** بِمَناديلِ الوِدادِ وَالرَجاءْ
فَخَفافيشُ
الدُجى قَدْ ظَمِئَتْ **** لَيْسَ يُرْوي غُلَّها إلاّ الدِماءْ
وَدِنانٌ
مِنْ نُواحٍ قُطّرَتْ **** مِنْ قُلوبٍ بِأَنابيقِ العَداءْ
هَذهِ
الأرْضُ غَدَتْ جَبّانَةً **** وَلَنا فيها الرَدى زادٌ وَماءْ
لَيْسَ
لي فيها سِوى شِرْوى نَقيرٍ **** وَفُتاتٍ مِنْ قَريضِ الشُعَراءْ
وَعناقيدِ
سَلامٍ باذِخٍ **** مِنْ فُؤادي قَدْ تَدَلَّتْ في سَخاءْ
إنَّما
أَبْكي وَيَخْضَرُّ دَمي **** عِنْدَما تَبْطِشُ بي كَفُّ الغَباءْ
وَأَرى
ذاكَ الشَبابَ كالدُمى **** لَيْسَ إلاّ، بَيْنَ أَيْدي الجُبَناءْ
يا شَبيهي،
يا أخي يا كُلَّ ما **** تَرْتَضيهِ مِنْ أَسامِ الزُعماءْ
لَسْتُ
نِدّاً لَكَ أَوْ مُخْتَصِماً **** فَانْبُذِ العُنْفَ وَأَسْبابَ الفَناءْ
فُكَّ
زُنّارَكَ وَامْسِكْ قَلَماً **** مِبْضَعاً، رَفْشاً، خُيوطَ كَهْرَباءْ
مِحْلَجاً
، مِطْرَقَةً أوْ مالَجاً **** لَيْسَ هَذا عَصْرُ هَدْمٍ بَلْ بِناءْ
قِفْ
عَلى قُنَّةِ وَدٍّ دافِقٍ **** تَكْتَشِفْ أَنَّكَ للنّاسِ بَلاءْ
لا عَلى
حافَةِ حِقْدٍ ماحِقٍ **** يَتَمَطّى في انْبِعاجِ الكِبْرِياءْ
كَيْ
تَذوقَ الحُبَّ مِنْ مَنْبَعِهِ **** حُبَّ كُلِّ الْخَلْقِ لا جامَ الْجَفاءْ
وادْنُ
مِنّي نَحْتَسِ الشايَ مَعاً **** مَغْرِبِيّاً مِنْ أَباريقِ الإِخاءْ
في جَفاكَ
يا مُليمي شَطَطٌ **** فَلَكْمْ هَتَّكْتُ
صَمْتي بِالثُغاءْ
بَيْدَ
أَنَّ لَكَ أُذْناً وَقَرَتْ **** وَاسْتَوى فيها البُكاءُ وَالغِناءْ
أَنْتَ
مَنْ آوى الْحَيَّةَ الرَقْطاءَ في **** جُحْرِ بُهْتانٍ وَمَيْنٍ وَرِياءْ
لِتَبُثَّ
الرُعْبَ في أَحْلامِنا **** وأهازيجِ الصِغارِ والنِساءْ
فَأَذاقَتْكَ
زُعافَ سُمِّها **** أيُّها الراقي وَقَدْ عَزَّ الدَواءْ.