إذا فسد الملح فأي شيء يملحه؟
هذا التساؤل الحكيم للمسيح عيسى بن مريم عليه السلام – حسب إنجيل متى - وهو
يهئ حوارييه
لتحمل مسؤوليتهم السامية ،في نقل رسالته إلى الناس؛بعد أن خاطبهم
"أنتم ملح الأرض ونور العالم".
هكذا عادت بي الذاكرة إلى
المتن الإنجيلي ،وأنا أقرأ قرار محكمة العدل بالاتحاد الأوروبي(CJUE)؛القاضي ب"
وقف استيراد المنتجات الفلاحية والبحرية من المغرب ؛خاصة تلك القادمة من الأقاليم
الجنوبية للمملكة".
كيف انتهى القضاء الأوربي
– ونحن نرى من رجاله "مونتيسكيو"؛وليس ،فقط،الهيئة القضائية الحالية- إلى
أن يصبح قضاء سياسيا؟
نعم تسمح قوانين هذا
القضاء للخواص والمؤسسات أن ينازعوا – من خلاله - مؤسسات الاتحاد الأوروبي ،إذا
بدا لهم أنها ضيعت حقا من حقوقهم؛مما يعني أن إطار الاشتغال قانوني صرف .لا يتصور
،مثلا،أن يقبل هذا القضاء النظر في خلاف سياسي حزبي على مستوى دولة من دول
الاتحاد؛أو خلاف سياسي بين الاتحاد ككل وجهة خارجية(روسيا على سبيل المثال).
هل يصح ،مثلا، أن تلجأ
زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي إلى هذا القضاء ،للطعن في الحلف الجمهوري الأخير- بين
اليمين واليسار-الذي حرم جبهتها من أي فوز في الدور الثاني من الانتخابات الجهوية؟
طبعا هذا لا يصح ،لأنه يقع في دائرة السياسي الفرنسي الصرف.
يتحدد دور محكمة العدل
،بالاتحاد الأوربي في " السهر على أن تكون تشريعات الاتحاد الأوربي
،مفهومة ومطبقة بنفس الدرجة،على مستوى كل
دوله؛وضمان احترام كل هذه الدول ،ومؤسسات الاتحاد،للتشريعات
الأوروبية"
وعليه،فما
دام حتى السياسي الأوروبي الأوروبي، يقع خارج اختصاص هذه المحكمة ؛فمن أين نفاذها
إلى الشأن السياسي المغربي؟ طبعا لا أعترض
على اختصاصها المتعلق بتقييم وتقويم الاتفاقيات التي يعقدها الاتحاد الأوربي مع
الأطراف الخارجية ؛لكنني،وكمواطن مغربي- وهذا حال جميع المغاربة- أستغرب أن يصدر
عنها قرار معيب شكلا وجوهرا:
فمن
حيث الشكل قبلت ،دون تمحيص وثاقي وميداني،
أن تجعل من أقلية مغربية،مغاضبة للدولة
،وبمطالب سياسية- إن لم تكن عقارية فقط- طرفا في التقاضي؛يدفع بكون الاتحاد
الأوروبي خرق حقا اقتصاديا ،من حقوقه؛باستيراده لمنتوجات فلاحية وبحرية من
المغرب؛بعضها صحراوي المصدر.
هكذا
،وبدون أي تدقيق ،نزيه ،محايد ،ومعلن،حفَّظت هذه المحكمة – وهي ليست محافظة
عقارية- كل الملكيات العقارية
الفلاحية ،للمغاربة،وكل المياه الإقليمية المغربية، في اسم أقلية من الانفصاليين
،لاتتجاوز عشرات الآلاف.
وفق
هذا العيب الشكلي ،ما على باقي المواطنين المغاربة ،وهم قرابة الخمسة والثلاثين
مليونا، إلا اقتفاء أثر السوريين المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي. فهل تقبل بنا
المحكمة مهاجرين ،وتطعمنا،بعد أن تنكرت لنا فلاحين ،وصيادي سمك؟
لم
تلتفت المحكمة حتى إلى مطلب الاتحاد الأوربي المُلِح ،للحصول على رقم دقيق لسكان
المخيمات ؛ليُحصن مساعدات مهدرة الدم ؛بين قيادات الجبهة ،والأجهزة الجزائرية
المسيرة
لها.
إذا
استقام لمحكمة العدل الأوربية أن تُحَكِم هذه الأقلية المتنكرة ،المتسولة،والتي
تحيط نفسها بدروع بشرية تتشكل من مهجري الحروب ،والفقر، بدول جنوب الصحراء؛ومن
طلائع جماعات إرهابية شاكية السلاح ؛ (تُحكمها)في خريطتنا المسترجعة ،بكل جهاتها
وأقاليمها ومجالسها ،وساكنتها النشيطة؛فلا حُجة لها في رفض ولايات و إمارات تدعيها
داعش لنفسها في قلب أوروبا. أكرم به من قضاء ،يقبلك منازعا حتى للفاتيكان إن رغبت في تاج البابا..
أما
من حيث الجوهر فيكفينا عيبا صارخا أن تعتبر المحكمة أن الأرض لمن يُلغمُها ،وليست
لمن يحرثها.الألغام تقاضي البطاطس – أوروبيا-ويُقضى لها.
شرذمة
انفصالية قطعت مع العمل والإنتاج منذ
أربعين عاما .استمرأت الاستجداء الأممي ،ورضيته ،تربية لأبنائها- ضدا على كبرياء
الصحراء - وليس فقط موردا لغذائها.
شرذمة
قتلت فيها الجزائر حتى عشقها للجِمال؛فلم تعد تحسن لا رعيا ولا حلابا ولا صَرّا.
كيف
يقرر هؤلاء مصيرهم ،وقد انتبذوا من أهلهم مكانا قصيا ؛ينتظرون المن والسلوى من
السماء؛أو أن يهاجر إليهم نخيل الصحراء ،وتهزه الرياح ،نيابة عنهم، حتى يساقط رطبا
جنيا.
عجبا
تقضي "روح القوانين"
،الأوروبية،لهؤلاء على حساب نساء ورجال قهروا رمال الصحراء،وجفاف القرون،
ليصنعوا الجوهرة المستحيلة،واسطة العقد في
المغرب الأخضر:
مئات
الهكتارات من الفلاحة المغطاة.ملايين الهكتارات الرعوية .الآلاف من رؤوس
الماشية:ابل ،أبقار،عجول،أغنام وماعز.
وتنتج
هذه التي كانت خلاء؛ذات استعمار أوروبي :
من حليب البقر : 600000 لتر / السنة .
ومن حليب الجمال : 2 مليون لتر في السنة .
ومن اللحوم الحمراء : 2500 طن سنويا .
ومن اللحوم البيضاء : 250 طن سنويا .
ومن الهيكلة الفلاحية التي حققت كل هذا :
* المستغلات الفلاحية في المنطقة : 76
* التعاونيات : 46.
أي تقرير للمصير أفضل من هذا؟
الاحصايات عن : http://www.dakhla-lagouira.ma/ar/node/24
معارك المغرب الأخضر ابتدأت: