طبيعة التأليف والكتابة، على وجه الخصوص،
أنها تعتمد على الأفكار، بل وتوظيفها أو النظر لها من زاوية مختلفة عن الآخرين، عندما
يتوقف المؤلف أو الكاتب، عن توليد
الأفكار فهو في الحقيقة يكون قد توقف عن تقديم الجديد،
وعندما يكون لا جديد فيما يقدمه ويكتبه، يصبح منجزه اعتيادياً، وهو ما يتنافى مع التطور
والتميز الأدبي الذي يقوم الإبداع فيه على التفرد واستلهام الحديث.
هذه الحاجة الملحة في مجال الكتابة والتأليف، هي
أهم خصلة قد يعانيها كل من يتوجه نحو هذا المضمار، لذا دوماً تجد كل مبدع يجد زاده
وراحته في القراءة، لأن القراءة واحدة من أهم مصادر الفكر الجديد وتطوير الفكرة، بل
هي المخزون الطبيعي للنزف الكتابي.
البعض وأشدد على كلمة البعض، ممن يريد احتراف هذا
المضمار، يخطئ تماماً في توجهه وفي رؤيته وطريقته نحو توليد الأفكار التي يحاول طرحها
والكتابة عنها، بل في الحقيقة يضل الطريق تماماً، فهو لا يذهب نحو القراءة كمورد طبيعي
وحقيقي في مجاله، بل يذهب للسطو على أفكار الآخرين، وأقصد تحديداً بكلمة السطو، أخذ
الفكرة ثم البناء عليها أو طرحها بشكل مغاير ومختلف عن الكاتب الذي سبقه لها، هنا سيكون
بعيد عن السرقة الأدبية، فهو لم يأخذ نصاً كما هو، لكنه أخذ فكرة المقال، أو فكرة الرواية
أو فكرة القصيدة الشعرية أو فكرة القصة، وكتبها بأسلوب مختلف وطرح مختلف وبكلمات مختلفة،
لكن جوهر هذا المنجز، لا يعدو أن يكون مسخاً مكرراً لا أكثر ولا أقل.
ولمن يحترف ويمارس هذا الفعل، أقول لهم، صحيح أنكم
لن تقعوا في شر أعمالكم، وصحيح أنكم لن تجدوا من يحاسبكم، لكن ثقوا أنكم ترتكبون خطأ
جسيماً بحق مستقبلكم الإبداعي، أضف إلى هذا أنه ظهرت ضمائركم مفلسة.