اليمين
الغَمُوس:
ضمن
مراسيم تنصيب السيد عبد العزيز بوتفليقة رئيسا لدولة الجزائر،في 28أبريل2014 – للمرة الرابعة،تتاليا- أقسم ،من ضمن ما أقسم،
على :
*الدفاع عن الدستور ،والسهر على استمرارية الدولة.
*تدعيم المسار الديمقراطي، واحترام مؤسسات الجمهورية وقوانينها.
*الحفاظ على سلامة التراب الوطني،ووحدة الشعب والأمة.
*حماية الحريات، والحقوق الأساسية للإنسان والمواطن.
*العمل بدون هوادة من أجل تطور الشعب وازدهاره.
*السعي ،بكل قواه،في سبيل تحقيق المثل العليا للعدالة والحرية والسلم في
العالم.
وختم بإشهاد الله على ما يقول.
(تُرسم المادة76 من الدستور الجزائري متن القسم كاملا.)
وقد
جرت مراسيم هذه اليمين الدستورية وفق الآتي:
" أدى بوتفليقة اليمين ،مُكَرِّرا القسم وراء رئيس
المحكمة العليا، بصوت خافت لا يكاد يُسمع أمام صوت رئيس المحكمة العليا سليمان بودي،
ويده اليمنى على القرآن الكريم.
بعدها أعلن رئيس المحكمة العليا:
"أعطي إشهادا لعبد العزيز بوتفليقة بتأدية اليمين" واستلامه منصب رئيس الجمهورية" نقلا عن قناة العربية
.
ورغم
أن مقام هذا القسم الدستوري جليل ،ومهيب ؛والقائم فيه :
" يقوم " مقاما لو يقوم به ***
يرى ويسمع ما لو يسمع الفيل
لظل
يُرْعَدُ إلا أن يكون له *** من
الرسول بإذن الله تنويل
( كعب
بن زهير)
رغم
هذا فان كل جارحة في جسد الرئيس ،شافاه الله -
إذ أناخه المرض والزمن – تعطي إشهادا على الحنث باليمين الدستورية،حنثا حالاّ:أي
وقت التلفظ بها.
أما
رئيس المحكمة العليا ،ورغم ما ثبت لديه –شهادة- من عجز صوتي وبدني للرئيس، فقد مكنه
،أمام ممثلي الشعب الجزائري، من صك تدمير دولة الجزائر.
ومن
المفارقات أن الحنث باليمين الدستورية،من الرئيس وغيره من رجال الدولة، لايُرتب له
القانون،في دولنا العربية على الأقل، عقوبات؛ على غرار الحنث باليمين القانونية التي
تُؤدى من طرف الشهود في المحاكم.
من المناسب
هنا أن نستعيد ما حدث للرئيس الأميركي السابق "بيل كلنتون" مع المتدربة
"مونيكا لوينسكي" سنة1997؛مما كاد أن يطيح به ،لولا أن اللجنة القانونية
التي شكلها الكونغريس أكدت ،بعد التقصي الدقيق،أن الرئيس لم يكذب على الشعب الأميركي.
لم تشتغل هذه اللجنة على الفضيحة الأخلاقية،
في حد ذاتها،بل على التزامات الرئيس الدستورية ،وتصريحاته.
ومن
المفارقات الصارخة أن يُصَدَّر القسمُ باحترام الدين الإسلامي وتمجيده؛والحال أن الأهلية
الجسدية ،الشرعية،للإمامة/الرئاسة ،تكاد تكون منعدمة.
وإذا
كان الجسد الرئاسي شاهدا على نقض الأيمان المذكورة "بعد توكيدها" ،فكيف بشهادة
الله عز في علاه؟
أما
الدستور الذي التزم – حانثا - بالدفاع عنه ،فان المادة88 منه تنص على :
" إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه ،بسبب
مرض خطير ومزمن؛يجتمع المجلس الدستوري وجوبا ؛وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع ،بكل الوسائل الملائمة ،يقترح بالإجماع على
البرلمان ،التصريح بثبوت المانع."
ومهما
يكن فان الحنث باليمين أمر يخص ضمير الرئيس ؛ويخص دولة الجزائر وشعبها ؛وقد عنى الشاعر
العربي مثل هذا حينما قال:
عشقتها شمطاء شاب وليدها *** وللناس
في ما يعشقون مذاهب
يقول
الفقه عن اليمين الغموس:
" كل كاذبة فهي يمين غموس، لكنها تختلف في الكبر والعظم
على حسب ما يترتب عليها من الظلم والشر. وليس فيها كفارة فيها العقوبة العظيمة والوعيد
الشديد.."
لا شأن
لنا بالرجل إن غمسته يمينه في النار؛أو "لقي الله وهو عليه غضبان"
ولا
شأن لنا أن " يُقنع " الشعب الجزائري،
من طرف نواطير خِفاف الأرجل- إن لم يكونوا بأجنحة- على أن الأنسب له ، لشدة معاناته الشاملة و المزمنة
، أن يحكمه رئيس لا تَسرَحُ به قدمان ؛صيانة
للزمن الرئاسي؛أو أن يُقنع مُترشح مُرغَم على الرئاسة(ربما) بأن تدبير الدولة في الجزائر،لا
يحتاج إلى قدمين،مادامت دولة أميل إلى الركود منها إلى الحركة ؛فهذا شأن جزائري صرف.
لا شأن
لنا ،ولكن للفراغ الرئاسي وقع دولي أيضا..
حينما
ينتشر الضرر خارج الحدود الوطنية؛ ويخبط خبط عشواء، مصيبا
الجوار الإقليمي،والمحيط الدولي فان من حق الجميع أن يتساءل : من يحكم الجزائر؟
إلى أين تمضي هذه الدولة ؟ كيف يمكن الحد من الضرر؟
لو طُرحت
مثل هذه الأسئلة ،في الوقت الحي والمناسب ،بخصوص أنظمة أخرى ؛بل مفاسد رئاسية ورَّثت
كل الخراب الذي نرى لما تحللت دول عربية ،حد التعفن. ظننا القذافي شأنا ليبيا،وصداما شأنا عراقيا،وعلي
صالح شأنا يمنيا،وبشارا شأنا سوريا.. والحال أننا اليوم أمام شعوب عربية- من هذه الدول-
دخلت على غرار التوراتيين، مرحلة التيه والتشتت ،والبحث ولو عن ظل جدار،حيثما اتفق،بعد
خراب البيوت.
هل يصح
أن نعتبر أن من حق الجزائر ألا يكون لها رئيس كامل المؤهلات الجسدية ؛ومن حقها ألا
تصرح بمن يسيرها؛ ونحن نعاني – مغربيا ،إقليميا،دوليا - من أضرارها ؟
هل يستقيم
ألا تعرف كل الجهات المتضررة، من تخاطب في الجزائر؟ومن تحمله المسؤولية؟
هل يستقيم
ألا يكون عليها سلطان من المجتمع الدولي، في غياب سلطانها؟
واليكم
بعض "الخوارق "السياسية الخارجية، التي تُحمل في الجزائر ل"الإمام الغائب"
فك الله أسره كما يدعوا الإيرانيون:
ما أشبه اليوم بالأمس البعيد:
تتوفر بالأرشيف الكولونيالي،للخزانة الوطنية الفرنسية،وثيقة
تتضمن خطابا تحريضيا، موجها من القيادة العسكرية الفرنسية إلى جنودها ؛في إطار التعبئة
لغزو الجزائر التركية، الذي تم في14يونيه1830م.
مما يرد في هذا الخطاب،وصفا للجزائر:
" إنها أراضي خالية ،مُتخلى عنها للأعشاب
البرية،من طرف أموات لم يعد لهم شغل.نساؤها مُهمَلات - وبدون وازع أخلاقي- من طرف رجال
يقضون حياتهم في التدخين. نساء لا دين
لهن ،والكثير منهن يعتقدن أنهن بدون روح آدمية يطالها الموت؛ وألا دور لهن في الحياة
عدا الإنجاب.
المناخ جيد ،والنساء متفرغات لشهواتهن. هيا يا جنود
،أراضي خالية،نساء غاويات ،لا ينتظرن غير الجنود الفرنسيين.."
نقلا عن شريط:déjà le sang de mai ensemençait novembre للسينمائي الفرنسي الراحل ،المناضل السابق ضمن جبهة التحرير الجزائرية : René Vautier.
في زيارة الوزير الأول الفرنسيManuel
Valls الأخيرة للجزائر -9أبريل2016-
وقد تمت في إطار سعي فرنسا الحثيث إلى استعادة ثقلها الاقتصادي، في مواجهة الاكتساح الاقتصادي الصيني لهذا البلد ؛بصادرات تتجاوز8ملايير
دولارسنويا،في مقابل صادرات فرنسية نزلت إلى حدود5ملايير دولار ،رغم كونها المستثمر
الأول في الجزائر،خارج مجال المحروقات.
في إطار هذه الزيارة –ولأسباب غير واضحة تماما- ركزت وسائل الإعلام الفرنسية
على التشهير بالعجز المستفحل للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ؛وقد بدا ،فعلا، في اللقطات المنتقاة بدقة،في كامل
العي والذهول ،مغالبا شبح ابتسامة ،لاهي تظهر ولا هي تختفي..
اتخذ هذا التشهير طابعا رسميا ،حينما عزز
"فالس" تغريدته بصورة للرئيس المريض؛مبدعا سابقة في العلاقات الدبلوماسية
بين الدول،بصفة عامة.أما حينما يتعلق الأمر بفرنسا والجزائر،فقراءة التغريدة /الصورة
لا يمكن أن تتم إلا داخل التاريخ المعقد و الطويل الذي نعرف.
بعد أن شهد الرئيس الفرنسي Holand،سنة2012،بكون بوتفليقة،رغم عجزه الحركي، بكامل
الأهلية للرئاسة؛مما اتُّخِذَ وقتها سندا واجه به محيط الرئيس الجزائري المعارضة التي
صرحت ،غيرما مرة ،بشغور منصب الرئاسة(علي بنفليس وآخرون)؛ هاهو وزيره الأول ،اليوم،
اختار التوقيت المناسب لأمر ما، ليعلن للعالم ،وبالصورة بأن الرئيس الجزائري يوجد في
حالة غيبوبة مرضية تجعله خارج دائرة الحكم الفعلي.
كأنه بهذا يسقط الخطاب الكولونيالي القديم"الجزائر أرض خلاء"
على قصر المرادية،حيث لا يوجد غير ظل رئيس.
كأني بفرنسا تُذكِّر العملاق الصيني بكونها لاتزال
في مقاطعتها السابقة(لم تكن الجزائر لا محمية ولا مستعمرة) ؛ولا يمكن إلا أن تبقى،تُعز
من تشاء وتذل من تشاء. وكأني بها تضخ الأكسجين في حاضنتها السياسية بالجزائر؛ التي
ستخرج منها رئيسها ،في الوقت المناسب .هذا الوقت غير بعيد ،على كل حال،ما دام الملف
الصحي لبوتفليقة بحوزتها،وهي أدرى به حتى من رجالات الدولة الجزائرية .
تغيير الرئاسة الجزائرية وجهة العلاج نحو سويسرا
،هذه المرة،يعزز هذا الطرح. لا ثقة حتى في مستشفيات الجزائر ،ولو تعلق الأمر بمجرد
فحوصات وتحليلات روتينية؛لأن فرنسا تعشش في كل مفاصل الدولة.
وكأني بفرنسا ،إذ غردت بهذه الكيفية ،تقلم أظافر
من اعترضوا على زيارة وزيرها الأول ،احتجاجا على الخلط المتعمد ،في جريدة لوموند،بين
الرئيس وبعض محيطه ،في ما يخص تسريبات" أوراق بنما":الصورة للرئيس والحديث
عن غيره.
وكأني بها ،مرة أخرى،تؤدب محيط الرئيس – وهو المحيط
الحاكم الفعلي للبلاد- إذ تأكدت بأن فشل الزيارة في تحقيق أهدافها الاقتصادية ،دُبر
بليل.
أين الضرر بالنسبة للمغرب؟
في المغرب لا يمكن أن نعتبر أنفسنا غير معنيين ،بهذا
الذي يحدث في جوارنا– من فرنسا أو من بطانة الرئيس- وفي أعلى هرم الدولة الجزائرية.
(أذكر هنا ،عَرَضا،أن الكثير من المغاربة
عبروا عن ألمهم ،وهم يشاهدون صور إذلال الرئاسة
الجزائرية ؛التي تندرت بها،بمنتهى الخبث، إحدى القنوات الفرنسية. (نحن لا نفرط في الجار
ولو عادى وغدر.)
نتجاوز العواطف المشتركة إلى الحقائق التاريخية،المشتركة
أيضا:
ألم يعقُب غزو الجزائر – بعد استتباب الأمر- تطاول
فرنسي على قبائلنا بالحدود الشرقية: (حملة
الجنرال"مارتنبري"-1859- لتأديب قبائل بني يزناسن ،لمهاية ،الزكارة،بني
يعلا،أنكاد، بني كيل...) ؛خصوصا بعد انكشاف تخلف الآلة العسكرية السلطانية في معركة
اسلي:1844 ؛رغم أن المستعمر لم يحرك لها غير فيالق محدودة من قواته التي كانت حاضرة بالغرب الجزائري. أحيل ،للتوسع،على مقالي بأرشيف هسبريس:"أي
دور سيكون للمغرب في خلافة بوتفليقة؟":
http://www.hespress.com/writers/286213.htmlالرابط:
وعلى مقالي :"الدايرة،قاعدة الأمير عبد القادر
في المغرب" ورابطه:
http://www.hespress.com/writers/82459.html
كيف لا نستعيد هذا التاريخ ،ونحن نعاين ،صباح مساء،اصطفاف
الدول العظمى ،ومنها فرنسا طبعا،وتحرك قواتها البرية والبحرية والجوية صوب خرائط "سايس بيكو"
لتعيث في الفساد فسادا ،ولتقسم المقسم؟ نستعيده
ونحن نعي أنه سيتكرر ،بصيغ أخرى ،أذكى وأدهى وأمر.
لكن مع من نناقش الأمر في الجزائر؟ مع الرئيس؟ مع
أخيه؟ مع قائد الأركان ؟مع سلال؟مع السعداني؟مع الجنرالات الطلقاء،أم مع الأسرى منهم؟
لا أبْصَرَ من لا يبصر ما يحيط بالجزائر من أخطار
:حزام النار الإرهابي يمتد من شمال مالي إلى صحراء سيناء.الشعب الليبي على وشك التفرق
شذر مذر ؛حال اندلاع المواجهات الكبرى مع داعش.سيولة الحدود التونسية .اشتعال البؤر
الإرهابية القديمة،في الداخل...
ومن المفارقات أن تواصل الجزائر معاداة المغرب،وهي
تدرك ألا أمن وألا ثقة وألا اطمئنان إلا في حدودها معه؛حيث تقف القوات الملكية المسلحة
سدا منيعا.
ومن المفارقات أيضا أن تدرك أجهزتها ،تمام الإدراك،أن
قيادة جبهة البوليساريو آخذة في استقطاب القيادات
الإرهابية المجاورة لها ،بكل الإغراءات ،حتى تسد الفراغ الذي قد يحدث ،إذا انهار النظام
الجزائري ،وتحركت بوصلة العهد الجديد صوب الصلح وتطبيع العلاقات مع المغرب،ثم البناء
الحقيقي للاتحاد ألمغاربي.(مشروع المرحوم محمد بوضياف،وقد سعى من أجله حتى الرئيس التونسي
السابق منصف المرزوقي).
حتى الرئيس بوتفليقة ( الخليجي)كان يلمح إلى مثل
هذا في بداية عهده،قبل أن تتقمصه الأرواح العسكرية الشريرة.
لكن حتى مع إدراك كل هذا - ونظرا لصراعات الأجنحة
،ومنها جناح المخابرات
DRS- لم يعد هناك من يهتم بمثل هذه التفاصيل
. وفي أحسن الأحوال يعتبرونها مجرد دعاية مخزنية مغرضة.وربما يوجد تفسير هذا في العلاقات
المشبوهة للجزائر الرسمية مع بعض قادة الإرهاب:(يشاهد شريط المختار لعور الذي فضح تنسيقا
مع جهة رسمية أثناء الإعداد لغزوة مركب الغازعين
أميناس".ومما له دلالة أيضا أن يعتقل،ويحاكم، الجنرال حسان جلاد الإرهابيين طيلة
العشرية السوداء.
عيادة المريض،ولو رئيسا،ممنوعة في الجزائر:
كل العارفين بشخصية الرئيس بوتفليقة ،وقناعاته ،وحتى
دهائه،أكدوا ،مرات عديدة،أن ما أصبح يصدر عن الرئاسة من قرارات يقع دون مستوى الرجل
بكثير.
رغم كل المحاولات التي بذلتها مجموعة التسعة عشر(19)
شخصية جزائرية سامية،من أجل الاجتماع بالرئيس ،لتطمئن على أنه المسير الفعلي للبلاد
باءت بالفشل.
من هؤلاء من جمعتهم بالرئيس صداقات متينة،زالت بموجبها
كل أشكال البروتوكول. وقف السعداني ،بالخصوص ، في وجه الجميع؛وفي وجه حتى الفضائل الإسلامية التي تلزم بعيادة المريض.
يحدث كل هذا التعتيم – إن لم يكن الاختطاف- في الجوار
القريب ،وأمام أنظار العالم؛ونواصل نحن ،رسميا، انتظار ارتقاء النقاش مع الجزائر إلى
مستوى نقاش دولتين متكافئتين سياسيا ومؤسساتيا ؛تسعيان إلى تطوير علاقاتهما في مختلف
المجالات خدمة لمصالح شعبيهما.
لا يتعلق الأمر بصحرائنا ،لأننا لا نستفتي فيها
أحدا ؛ولكن بالقضايا الأمنية ؛بل والعسكرية ؛مادام حزام النار يكاد يحيط بخاصرتينا.
هل يعقل أن تُظهرنا الجماعة الحاكمة في الجزائر
– كدولتين بجيشين قويين - بكل هذه السذاجة:نغرق في سبات عميق ،ولسنين ،وطلائع بن لادن
،منذ التسعينيات،آخذة في احتلال مواقع بدول الساحل،بل وفي العمق الجزائري.ولولا تهديدها المباشر للمصالح الفرنسية،لما حلقت طائرة فوق غربان جبال "ايفوغاس".
ألم تكن مصالح الجزائر مهددة أيضا،ولاتزال؟ ألم
تكن مصالحنا أيضا مهددة ولو بكيفية غير مباشرة؟
ورغم كل هذا تصر الجماعة الحاكمة في الجزائر،حتى
لا نظلم الرئيس،على رفض كل تدخل أجنبي في ليبيا.
وآخر خوارقها
السياسية العجيبة اعتبار القمة المغربية الخليجية موجهة ضدها ؛بل كادت تعتبرها
إعلان حرب،عليها، من طرف الملوك الثمانية.
يا جماعة ألا ترون قواتنا المسلحة الملكية كافية
لحماية كل تراب المملكة؛كما حمته لعشرات السنين؟
ألا تنتبهون إلى كل ما يحاك للمنطقة من طرف القوى
العظمى،بمسميات شتى؛مما يستدعي وقفة صارمة للملوك
العرب،بعد أن خر الرؤساء صرعى ،كل بجريرته.
ألا تغيظكم إيران وهي تقضم يوما بعد يوم خرائطنا
العربية ،انتقاما لمُلك فارس ،وإيوان كسرى أنو شروان؟
ألا تغيظكم "عقيدة أوباما" ،وهي تتبنى
الحلم الإيراني،وتجتهد لتوصله إلى مداه نكاية
في السخاء والخنوع العربيين؟
ألا ترون أن لغة القمة تغيرت ،وتجاوزت المجاملات
،والقهوة بالهيل، وسوالف زمان ،وحديث الهجن ،إلى
تشمير الأكمام ،والاشتغال المباشر على القضايا الشائكة للأمة،والسعي من أجل
حلها للمضي قدما صوب القضايا الإستراتيجية؛ومنها إعادة هيكلة وتفعيل جامعة الدول العربية
،وبناء جيش عربي قوي ،قادر على مواجهة الأخطار المحدقة.
وأي عيب أن تحضر الصحراء المغربية ضمن هذه القضايا؛خصوصا
وأنتم أدرى بمدى تنكيلكم بتاريخنا ونضالنا المشترك؛وبكل ما زرعتم من كراهية وتشكيك
،بين الشعوب المغاربية ،وبين ساكنة مغربية واحدة لصحراء واحدة؟
Il faut sauver le soldat rayane
كان على القمة المغربية الخليجية أن تبحث المسألة
الجزائرية؛من زاوية غرابة القرارات التي أصبحت تصدر عن قصر المرادية؛ولا تَشتم فيها
حتى المعارضة الجزائرية رائحة بوتفليقة(ولو رائحة البيتا دين فقط).
من هذه القرارت تبرئة ذمة حزب الله اللبناني من
أي جريمة في سوريا ؛واعتباره مكونا طبيعيا (ديمقراطيا) من مكونات الساحة السياسية اللبنانية
والعربية.
ومنها المسارعة أخيرا –في إطار الرد على القمة الخليجية+المغرب-
إلى توجيه وفد جزائري هام إلى الرئيس السوري بشار الأسد.صرح رئيس الوفد أن الهدف الأول
للزيارة هو كسر الحصار العربي والدولي المفروض على سوريا.
وقبل كل هذا الاعتراض على عاصفة الحزم التي تسعى
لتثبيت الشرعية في اليمن،في مواجهة النفير الحوثي الإيراني .
هل يمكن أن تصدر هذه القرارات عن رجل دولة بمستوى
عبد العزيز بوتفليقة؛خصوصا وقد قضى بالخليج العربي ،بعد وفاة هواري بومدين - أزيد من
عشرين عاما.
لا بأس أن أذكر هنا ما رواه الرئيس الجزائري الراحل
الشاذلي بنجديد عن بوتفليقة الخليجي:
فاتحه في موضوعه الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله
؛مؤكدا أن وجوده-بوتفليقة- في الامارا ت أفضل من أن يتواجد لدى القذافي أو صدام حسين.
يبتسم الشيخ زايد ويواصل: إن الوزير بوتفليقة لايوفر مالا وهو يرتاد أسواقنا
الكبرى. يتندر الشيخ بهذا وهو يعلم أن الأمر
جرى ،منه،بتحمل الإمارة لكل نفقات بوتفليقة.
من أين كراهية الخليج الآن؛حد إجهاد النفس لتشتيت ما هو مشتت أصلا؟
ابحثوا عن جهة أخرى تحكم الجزائر ؛حيث الرئيس بوتفليقة
مجرد سجين من فئة خمسة نجوم.
وسيظل السؤال مطروحا ؛كما طرحته "نيويورك تايمز"
منذ دجنبر 2015: من يحكم الجزائر؟
بل إلى أين تمضي الجزائر ؟ كما تساءل المرحوم محمد
بوضياف ذات انقلاب على الشرعية.
Sidizekri.blogvie.com