كان الداودي، وزير ما تبقى من التعليم العالي في نسخته العمومية، قد وسم الأدبيين بالخطر المحدق بمستقبل المغرب.
البعض اعتبر حينها أن مقولته مجرد زلة لسان شخصية لا تعكس رؤية الحزب الذي ينتمي له ويتحمل حقيبة وزارية باسمه.
لكن رئيسه في الحزب والحكومة عاد يوم الأربعاء الماضي ليؤكد (للمتشككين) أن هجوم الداودي يندرج ضمن تصور منهجي وممنهج يحتقر الأدب برمته، ومعه الشعر والتفلسف على وجه الخصوص.
وأنا أكتشف تصريحات معالي السيد رئيس الحكومة، تذكرت ما سبق أن كتبه الزميل عمر أوشن ردا على الداودي، وهو تعليق صالح أيضا، مع تعديلات طفيفة، للرد على بنكيران.
ورد في نص الصديق عمر الذي أعيد نشره أسفله (ليس لأن الاسمين الشخصي والعائلي اللذين أحملهما وردا فيه، بل انتصارا للإبداع ضد سعادة رئيس الحكومة ومن معه) والذي عنوانه «ما الذي يجمع بين الداودي وجاد المالح وحبيب الطالب وسعيد عاهد...؟ والفلسفة وعلم الاجتماع والعلوم الإنسانية والأدب والحقوق لا تصلح للمستقبل...»:
الأدب لا يصلح للمستقبل والعمل..»
والفسلفة وعلم الاجتماع والعلوم الإنسانية لا تصلح أيضا.
القانون والحقوق لا يصلح ولا يسمن ولا يغني من جوع في سوق العمل؟
الداودي يصر على تذكيرنا بهذه الحقائق المفجعة التي وصل إليها.. ونحن لا نساير العصر ولا ندرس ونعلم الرياضيات والفيزياء والجيولوجيا وعلوم الحياة والأرض والهندسة الميكانيكية..
جاد المالح حين ضحك وسخر من المدرسين وأساليب التعليم التي أكل عليها الدهر وشرب لم يكن يفكر بنظريات الماتيماتيك.. ولا معادلات خوارزمية.. كان ينطلق من الآداب والفنون والخيال والسخرية وقدم أحسن نقد لتفاهة المواد المدرسة وهشاشتها ولا جدواها في الحياة المهنية والاجتماعية.
كان الفنان المغربي اليهودي الذي غادر المدرسة في الدار البيضاء مبكرا يقدم لنا أحسن درس لفهم تفاهة كثير من المواد ومنها طبعا مواد تحسب على العلوم التي يعشقها الوزير..
الأدب والفلسفة والفنون تمنح لصاحبها قدرة على فهم العالم وهشاشة الوجود.. الأدب والعلوم أبناء من جد واحد.. لا فرق بين من يدخل مختبرا يبحث ويصل إلى حقائق وبين باحث آخر يصل إلى نفس الحقائق عبر مسالك أخرى في الفلسفة.
لقد قال قديما هرقليطس اليوناني. لا يدخل علينا من لا يتقن الرياضيات.
وكان طبعا يقصد الدخول إلى عالم الفلسلفة التي تحتاج إلى مبادئ رياضية في التفكير..
هرقليطس يوحد ويجمع بينهما والداودي يفرق وينشر الفتنة بين أنصار الأدب وأنصار العلوم..
حين كان فقيه الصخيرات يجمع «الشعب» في منزله ليعالجهم من كل الأمراض بنظرة أو لمسة أو قنينة سيدي علي، كان من بين زواره للتبرك والعلاج من خريجي أعلى المدارس والكليات العلمية والهندسية في المغرب وكندا وفرنسا..
كان العجب العجاب هو سؤال: كيف يمكن لدكتور في الفيزياء النووية أو علوم الهندسة الوراثية أن يقبل بشرب ماء المكي؟ أين ذهبت العلوم؟ وما فائدتها إن لم تمنح لنا أسلوب تفكير عقلاني منهجيي نقدي؟
كبار المفكرين والكتاب والسياسيين في المغرب تخرجوا من الأدب والحقوق قبل الطب والهندسة..
كثير من المهندسين تتحدث إليهم وتكتشف أن مول الزريعة في رأس الحومة أعمق وأغنى منهم..
العيب ليس في الأدب وليس في العلوم، العيب فينا نحن..
محمد حبيب الطالب، القيادي ومؤسس حركة 23 مارس، معروف عنه أنه باحث في الفلسفة والتاريخ والسياسة وكاتب ومفكر من صنف محترم جدا راق.. الذين يعرفون الطالب عن قرب يعرفون أنه يحمل باكالوريا منتصف الستينيات في الرياضيات وليس في الأدب.
صحافي وكاتب آخر له مكانه الرفيع في ما أنتجه في الصحافة والترجمة والإبداع والنقد هو سعيد عاهد.. لم أكن أعرف أن عاهد هو أيضا حاصل على باكالوريا رياضيات بداية الثمانينات من مدينة الجديدة قبل أن يتمرد على نمطية الرياضيات وما يتبعها ويدخل عالم الفكر والأدب والكتابة من بابها المشرف جدا..
سيدي الوزير لا تشعل الحروب بين الآداب والعلوم.. المهم في القضية هو الإنسان... عقله ومنطقه ونمط تفكيره ونظرته للحياة والمجتمع.
لا تعد إلى إشعال الحروب الله يرحم الوالدين»..
صدقت عمر. سنواصل كتابة الشعر يا عزيزي ضد الظلام|... ليس لنلعنه، بل لإشعال شموع في رحم العتمة... لأنه «يجوز للشعراء ما لا يجوز لغيرهم...»
البعض اعتبر حينها أن مقولته مجرد زلة لسان شخصية لا تعكس رؤية الحزب الذي ينتمي له ويتحمل حقيبة وزارية باسمه.
لكن رئيسه في الحزب والحكومة عاد يوم الأربعاء الماضي ليؤكد (للمتشككين) أن هجوم الداودي يندرج ضمن تصور منهجي وممنهج يحتقر الأدب برمته، ومعه الشعر والتفلسف على وجه الخصوص.
وأنا أكتشف تصريحات معالي السيد رئيس الحكومة، تذكرت ما سبق أن كتبه الزميل عمر أوشن ردا على الداودي، وهو تعليق صالح أيضا، مع تعديلات طفيفة، للرد على بنكيران.
ورد في نص الصديق عمر الذي أعيد نشره أسفله (ليس لأن الاسمين الشخصي والعائلي اللذين أحملهما وردا فيه، بل انتصارا للإبداع ضد سعادة رئيس الحكومة ومن معه) والذي عنوانه «ما الذي يجمع بين الداودي وجاد المالح وحبيب الطالب وسعيد عاهد...؟ والفلسفة وعلم الاجتماع والعلوم الإنسانية والأدب والحقوق لا تصلح للمستقبل...»:
الأدب لا يصلح للمستقبل والعمل..»
والفسلفة وعلم الاجتماع والعلوم الإنسانية لا تصلح أيضا.
القانون والحقوق لا يصلح ولا يسمن ولا يغني من جوع في سوق العمل؟
الداودي يصر على تذكيرنا بهذه الحقائق المفجعة التي وصل إليها.. ونحن لا نساير العصر ولا ندرس ونعلم الرياضيات والفيزياء والجيولوجيا وعلوم الحياة والأرض والهندسة الميكانيكية..
جاد المالح حين ضحك وسخر من المدرسين وأساليب التعليم التي أكل عليها الدهر وشرب لم يكن يفكر بنظريات الماتيماتيك.. ولا معادلات خوارزمية.. كان ينطلق من الآداب والفنون والخيال والسخرية وقدم أحسن نقد لتفاهة المواد المدرسة وهشاشتها ولا جدواها في الحياة المهنية والاجتماعية.
كان الفنان المغربي اليهودي الذي غادر المدرسة في الدار البيضاء مبكرا يقدم لنا أحسن درس لفهم تفاهة كثير من المواد ومنها طبعا مواد تحسب على العلوم التي يعشقها الوزير..
الأدب والفلسفة والفنون تمنح لصاحبها قدرة على فهم العالم وهشاشة الوجود.. الأدب والعلوم أبناء من جد واحد.. لا فرق بين من يدخل مختبرا يبحث ويصل إلى حقائق وبين باحث آخر يصل إلى نفس الحقائق عبر مسالك أخرى في الفلسفة.
لقد قال قديما هرقليطس اليوناني. لا يدخل علينا من لا يتقن الرياضيات.
وكان طبعا يقصد الدخول إلى عالم الفلسلفة التي تحتاج إلى مبادئ رياضية في التفكير..
هرقليطس يوحد ويجمع بينهما والداودي يفرق وينشر الفتنة بين أنصار الأدب وأنصار العلوم..
حين كان فقيه الصخيرات يجمع «الشعب» في منزله ليعالجهم من كل الأمراض بنظرة أو لمسة أو قنينة سيدي علي، كان من بين زواره للتبرك والعلاج من خريجي أعلى المدارس والكليات العلمية والهندسية في المغرب وكندا وفرنسا..
كان العجب العجاب هو سؤال: كيف يمكن لدكتور في الفيزياء النووية أو علوم الهندسة الوراثية أن يقبل بشرب ماء المكي؟ أين ذهبت العلوم؟ وما فائدتها إن لم تمنح لنا أسلوب تفكير عقلاني منهجيي نقدي؟
كبار المفكرين والكتاب والسياسيين في المغرب تخرجوا من الأدب والحقوق قبل الطب والهندسة..
كثير من المهندسين تتحدث إليهم وتكتشف أن مول الزريعة في رأس الحومة أعمق وأغنى منهم..
العيب ليس في الأدب وليس في العلوم، العيب فينا نحن..
محمد حبيب الطالب، القيادي ومؤسس حركة 23 مارس، معروف عنه أنه باحث في الفلسفة والتاريخ والسياسة وكاتب ومفكر من صنف محترم جدا راق.. الذين يعرفون الطالب عن قرب يعرفون أنه يحمل باكالوريا منتصف الستينيات في الرياضيات وليس في الأدب.
صحافي وكاتب آخر له مكانه الرفيع في ما أنتجه في الصحافة والترجمة والإبداع والنقد هو سعيد عاهد.. لم أكن أعرف أن عاهد هو أيضا حاصل على باكالوريا رياضيات بداية الثمانينات من مدينة الجديدة قبل أن يتمرد على نمطية الرياضيات وما يتبعها ويدخل عالم الفكر والأدب والكتابة من بابها المشرف جدا..
سيدي الوزير لا تشعل الحروب بين الآداب والعلوم.. المهم في القضية هو الإنسان... عقله ومنطقه ونمط تفكيره ونظرته للحياة والمجتمع.
لا تعد إلى إشعال الحروب الله يرحم الوالدين»..
صدقت عمر. سنواصل كتابة الشعر يا عزيزي ضد الظلام|... ليس لنلعنه، بل لإشعال شموع في رحم العتمة... لأنه «يجوز للشعراء ما لا يجوز لغيرهم...»