-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

يحيا الباطل بين الشحرور والجنرال … ويتأدب الإلحاد بين الخليفتين: طوني ومارسيل لينا أبو بكر

هل كان مارسيل خليفة على حق عندما قارن بين موقف السلطات اللبنانية في التسعينات من عمله الإبداعي: «أنا يوسف يا أبي»، وبين موقفها من أغنية ابنه، التي يطلب فيها
من الله «أن يحل عنا» ويرحمنا متضمنة إيحاءات جنسية لا تليق بالذات الإلهية؟
علما أن الأغنية نشرت على «اليوتيوب» عام 2015 ولم تلق رواجا يُذكر، فهل يكون الحظر دعاية مجانية لهذا؟

الملحد صديق للإخوة الأعداء
الإلحاد قضية العصر، بعد قضية جزيرتي «صنافير وتيران» و«قوارب الموت» وعمليات التجميل، ولم تنفك تظهر موجات متخبطة من جماعات لا دينية حينا ولا ربوية حينا آخر، منذ مسيلمة الكذاب إلى عصر التنوير وحتى عصر الإنسان الآلي الذي يتقوقع في صحنه الفضائي ولا يخرج منه سوى وحش متكهرب على الشاشة!
حاول طوني خليفة في برنامجه على «الجديد» استضافة بشار مارسيل خليفة، ولكنه رفض، فاكتفى بدعوة أحد الناشطين الملحدين ورجلي دين مسيحي وشيعي، مديرا الحوار بتهذيب وحرفية وحذر تتطلبه هذه المرحلة الطائفية التي لم تزل نيرانها تتقد من فوهة جحيم في عمر الغليان… الجميل في الحلقة استجابة الجميع لهذا الرقي في الأداء الإعلامي، وتبادل احترام الآخر، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، لتحسم الحلقة لصالح النتيجة الأهم ألا وهي الانطواء تحت لحمة فسيفسائية تعكس طبيعة التنوع في مجتمعاتنا وتستحق أن تُحتذى، غير أننا سرعان ما أحبطنا في الفقرة الثانية، التي جمعت رجل الدين الشيعي بالداعية السلفي من القاهرة ناصر رضوان، والذي قدم بلاغا ضد «المنار»، مطالبا بإغلاقها ليتم اختياره عضوا عاملا في منظمة العفو الدولية… فجأة ضاق صدر الشيوخ، وبدأت اللهجة الطائفية تستحوذ على الأجواء لتصل إلى تبادل التهم وانهيال الشتائم فيا لغرابة الاحتمال، الذي حدا بخليفة لإنهاء الفقرة وفض اشتباك اللحى الطائفية بين وحوش شاشته، معتذرا للمشاهد عن المستوى الذي وصل إليه النتف المذهبي!
ولو عدت لبرنامج «أسرار من تحت الكوبري»، الذي كان خليفة يقدمه على «القاهرة والناس»، لرأيت رجل الدين السني يناقش ملحدا بكامل صبره وسعة صدره، إلا أن استبساله بالدفاع عن أدبه أمام خصمه فاق ما لزمه للتصدي لفكره الأسود، فهل كان سيقع في فخ (الفعفلة) الطائفية لو كان يحاجج رجل دين شيعي أو حتى مسيحي؟ ما رأينا من نخوة «الفتيش الديني» في العاشرة مساء مع وائل الأبراشي بعد حادثة «الشرقية»، التي اغتصب فيها مسيحي فتاة مسلمة، يؤكد أن الاقتتال على الدين غشي في هذا الزمن الأعمى على عيون من لا يروا من ربهم سوى ما وجدوا عليه آباءهم من تفكير وثني فقأ بصيرتهم؟ ويا إلهي ما أفجع الفاجعة!
محاربة السماء
لم يخل تاريخ أمة من المعابد منذ بدء التاريخ، فلماذا يؤسس الماسونيون لثقافة جديدة قوامها محاربة السماء؟ ثم إن كان العلم في الغرب هو الذي أوصل العلماء لمرتبة الإلحاد، فكيف يكون الجهل في العالم الإسلامي هو الذي انحدر بنا من قمة السماوات إلى حضيض الظلمات؟
الدكتورة سهير السكري أستاذة اللغويات لأربعين عاما في جامعة جورج واشنطن، على قناة «النيل» الفضائية، ذكرت على أن الحصيلة اللغوية لطفل غربي في عمر الثلاث سنوات تصل إلى ما يعادل 16000 كلمة، في حين أن الطفل العربي في العمر نفسه يختزن ما معدله 3000 مفردة باللهجة العامية مما يوقعه في مشكلة الازدواج اللغوي «دياجلوسيا»، أي بفارق يصل لـ13000 ألف كلمة، ومن يقرأ الكتاب الذي صدر في عهد الخميني عام 1979 لمؤلفه «جيسون»، الذي حرم توزيعه لأكثر من نصف قرن كي لا يتنبه المسلمون لفحواه، يصل لاكتشاف صاحبه سبب عبقرية الحضارة الإسلامية التي قامت على نظام تعليمي صارم في الكُتّاب قوامه تحفيظ القرآن من عمر ثلاث إلى ست سنوات، ثم «ألفية ابن مالك» في عمر السبع سنوات، مما يعني ذخيرة لغوية من خمسين ألف مفردة هي عدد كلمات القرآن الكريم، عداك عن الذخيرة المعرفية، ولهذا أغلق الاستعمار الفرنسي كل الكتاتيب في مستعمراته الإسلامية… فهل بعد هذا تكذب مصطفى محمود، الذي عاد من الإلحاد إلى برنامجه «العلم والإيمان» لتصدق الراوندي، الذي تقلب بين مضاجع «المعتزلة» ثم «الشيعة» ثم «السنة» ليناكي الآلهة ويباطح السماء؟!
المشكلة في الملحدين العرب أنهم يتبنون الشعارات دون التعمق في الحيثيات، فينبذون ما سماه نبي الوهم الشيوعي «كارل ماركس» بأفيون الشعوب «الدين» ليدخلوا في ملة «رأس المال»، و «بؤس الفلاسفة»، فلا يعلنون بهذا «موت الخالق» على طريقة نيتشه إنما يبرهنون على تبعيتهم للضلال كموضة عصرية لا أكثر، وما سياسة القمع التي اتبعها أتاتورك وشاه إيران سوى دليل على هذا التحرر المفخخ بالأقفال وقضبان التطرف الانفتاحي!
أليست هذه شريعة العبث أيها المشاهد؟ ألا يخض دمك أن تعرف أن مقدار الروح التي تحرك الطبيعة لا يزيد في جسم الإنسان عن 21 غراما يفقدها حال موته من وزنه الكلي؟ كيف نؤمن بالعبث وكل شيء في هذا الكون خلق بمقدار؟
الإلحاد بين التشكيك والتوثيق
جوناثان ميلر، الإعلامي البريطاني على قناة «بي بي سي» تناول الأمر من منظور تأملي وتاريخي في برنامجه «الإلحاد»، ولو أنك تابعته لبكيت على ربك، لأنه وجد في «أحداث سبتمبر» ملاذا ليتهم الإرهابيين بالحقد على الشعب الأمريكي، لأنه يساند اليهود ليعودوا إلى أرض الميعاد، مستنكرا تضحيتهم بأنفسهم في سبيل رب لا يرونه ولا يراه ميلر، فماذا تقول له وهو الذي رفض يهودية أبويه اللذين هربا من «الهولوكوست»، فكفرا عن ذنبهما بزجه في المعبد لأداء الشعائر التي لم يكن يفهم منها شيئا؟
لم يترك ميلر شريحة إلا وأحاط بها، ليدون شهادات لملحدين من الفلاسفة وعلماء التاريخ والإنسانيات والأدب والإعلام والعجزة والأطفال، الذين اتفقوا على التشكيك بوجود الله أو رفض الإيمان به ما دام يأخذ أحباءهم أو يرى معاناتهم مع الفقر والفاقة دون أن يكترث لأمرهم، في حين يطلع على كل بشاعة الحروب، التي لا يتخذ إجراء سماويا لوقفها، وهو ما اختزل فكرة الوجود الإلهي بين القدرة والإرادة ساخرا من الصلوات، التي بثت على الهواء تستنجد براع لم ينقذ رعيته من تفجيرات برجي التجارة على مرأى العالم!
التوثيق كان للتشكيك لا أكثر، وهو ما ينقض عدالته ومهنيته، ويبرهن على نشر دين جديد هو العدم، فأين أنت من كل هذا يا إله الوجود؟ عبادك منشغلون عنك بـ «إكس فاكتور» و أخواته، وبرامج تكلفهم الملايين لصهر وعي المشاهد، واستئصال عقله من رأسه لزرعه في المنطقة المحرمة بين الخاصرة والحوض، ثم بعد كل هذا يطالب ابن مارسيل خليفة ربه بأن يحل عنا؟!
يا للغة، يا للفن، يا للحرية! يا ليته غنى «أنا يوسف يا أبي» لكان للعبث دلالة إبداعية موروثة تغويك بتأمله في زمن ينشز فيه شحرور «دايخ « صارخا على قناة الجنرال «يحيا الباطل»، وقلبي عليك أيها اللبنان، إن كان هذا رئيسك فالزبالة أرحم!
كاتبة فلسطينية تقيم في لندن
لينا أبو بكر

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا