يحس الجزائريون بشيء من البؤس في فشل الدبلوماسية
الجزائرية في معالجة موضوع ليبيا أو حتى المساهمة في تخفيف معاناة هذا الشعب الشقيق
والجار، والأسباب تعود للآتي:
تتذكرون أن الرئيس بوتفليقة عندما كان قادرا على
الحركة استبدل دبلوماسية الجزائر المبنية على المبادئ والمصالح بدبلوماسية الجنائز.!
فطوال 10 سنوات الأولى من حكم بوتفليقة نمت في الجزائر دبلوماسية الجنائز، فكان الرئيس
بوتفليقة لا يترك مقبرة في العالم يُدفن فيها دفين علا شأنه أم نزل إلا ساهم في الحضور
فيها والسير في جنازة الهالكين.!
واليوم عندما أصبح الرئيس غير قادر على امتطاء الطائرات
طور ما يُسمى “دبلوماسية عيادة المريض”! فأصبح الوافدون إلى الجزائر يزورون الرئيس
في بيته كما يُعاد المريض في مشفاه! وعلى الصعيد الخارجي أصبحت دبلوماسية رسائل التهنئة
والتعزية هي المظهر الرئيس للنشاط الدبلوماسي للسياسة الخارجية الجزائرية.
2- وصل العبث بالدبلوماسية الجزائرية إلى قمته
عندما أصبح هذا العبث يمس بالمصالح العليا للبلد، فلم تعد الدبلوماسية الجزائرية قادرة
حتى على إقناع السفراء والقناصلة الجزائريين بجدوى هذه السياسة، فما بالك بإقناع الأجانب
بنظرة الجزائر وصيانة مصالحها.!
هل من الصدفة أن العبث في وزارة الخارجية وصل إلى
حد تعيين وزيرين لهذه الوزارة بحجة الصراع بين مجموعة تلمسان ومجموعة تيزي وزو؟! وبات
أحدهما يسب الآخر في سفارة الولايات المتحدة أو فرنسا أو أية دولة خليجية! هل بلد فيه
مثل هذه التصرفات في مؤسساته السيادية يمكن أن يرعى حوارا ناجحا بين الأشقاء في ليبيا؟!
وسلطة هذا البلد التي لا تستطيع جمع مجموعة سعداني مع مجموعة زرالدة هل يمكن أن يعول
عليها في جمع المسلحين في ليبيا على طاولة الحوار؟! لقد كان الحوار الليبي الذي رعته
الجزائر عبارة عن ملهاة دبلوماسية فيها “الهف” الدبلوماسي أكثر مما فيها العمل الجاد.
ولهذا لم يكن الاتفاق بين الفرقاء يساوي قيمة الحبر الذي كتب به!
لقد قال لي أحد الليبيين: أنتم غير مؤهلين حاليا
للتأثير في الأحداث في ليبيا بفقدان رئاسة بلدكم قوة التأثير في السياسة الداخلية لبلدكم.
لقد ولى العهد الذي كان فيه تأثير الجزائر يمتد
من العيون إلى مرسى مطروح أو السلوم! وانتهى العهد الذي كانت فيه الجزائر تفشل الوحدة
بين ليبيا وتونس وتوقف الحرب بين مصر وليبيا، لأن الجزائر في ذلك الوقت كان بها حكم
سلطة وليس حكم عائلة.