بمناسبة اليوم الوطني للمسرح، تقدم فرقة "مسارات
للإبداع الفني والثقافي" بتعاون مع المسرح الوطني محمد الخامس، مساء يوم السبت
14 ماي بالمركب الثقافي بمدينة
القنيطرة (الحي الإداري- شارع محمد الخامس)، العرض الأول
لمسرحية "مانا غير ولية" للمخرج سعيد باهادي، والمؤلف عبد الإله بنهدار،
وذلك على الساعة السابعة مساء.
"ماناغيرولية"، كوميديا اجتماعية، تحكي
قصة أربع أخوات تصارعن من أجل الحفاظ على وصية الأم،وعلى روابط الأخوة،وتواجهن مايحبكه
قدرهن من خلال فصول الحكاية،من طمع وغدرواعتداءعلى حقوقهن وسكينتهن،من طرف "العربي السمسار" وابن أخيه "أنس"،و"سالم"
الذي اعتدى على البنت أحلام واغتصبها،هذاإلى جانب معاناة الأخت "ضحى" جراءخدمة
البيوت وجحيم الهجرة إلى بلاد الخليج من أجل لقمة العيش. وبفضل إصرارالأخوات وتضامنهن
وتسلحهن بالقيم النبيلة التي تربين عليها،استطعن تجاوزكل تلك المحن وتحقيق أحلامهن.
كلمة تقديمية للعمل المسرحي "مانا غير ولية"
بعد اختيار النص، وضعنا نصب أعيننا في التصور الإخراجي لهذا العمل، كل
القضايا التي يطرحها واقعنا اليوم أكثر من أي وقت مضى؛ فهي تلك التي تهم التفكك العائلي،
وفقدان روابط الأخوة والقيم الأسرية المثلى، التي نشأ عليها المجتمع حتى الأمس القريب.
وجدنا المادة الدسمة لاقتراح عمل مسرحي على شكل
كوميديا اجتماعية، حيث يتجسد هذا في المواقف الساخرة التي تفضح ما شاب مجتمعنا من طمع
وحب زائف، مع التركيز على هدر حقوق المرأة، انطلاقا من النظرة الدونية التي مع الأسف
لازالت تعتمد من طرف أفراد وجماعات، وفي بعض الحالات من طرف مؤسسات.
في هذا الجو، تنسج الشخصيات علاقات متجاذبة؛ فالأخوات
الأربع تصارعن من أجل الحفاظ على روابط الأخوة، خصوصا الأخت الكبرى "مليكة"
التي تحمل عبء وصية الأم. أما التيار القوي للمجتمع فيتجلى في شخصية "عبد المولى"
و"العربي السمسار" اللذان يراودان الأخوات للاستيلاء على الدار، و"سالم"
فاقد للضمير، الذي يقتحم المنزل دون احترام لحرمته ولا لميثاق الجار، ليستبيح عذرية
البنت "أحلام". و"ضحى" التي تضحي بالدراسة من أجل أخواتها، وتذهب
للخدمة في البيوت، حيث تهاجر إلى الخليج عسى أن تنقد الأسرة، لكنها تجد أسوأ المعاملة
من طرف ربة البيت التي تطردها دون أجرة.
نقدم هذه النماذج في شكل فرجوي يعتمد تقنيات مدرسة
ستانيسلافسكي وإدارة الممثل، ونمد جسرا مع المتلقي، حيث تتحول الأحداث من قصة بسيطة
إلى جو مثير للتفاعل، يخاطب وعي الجمهور ووجدانه، وتكون النتيجة: السخرية على الموقف
دون السقوط في المبتذل، لا من حيث الحركة والتشخيص، ولا من حيث الحوار؛ فنجعل المتفرج
يطل من النافذة على هذه المشاهد المفعمة بالإيحاءات والمواقف الساخرة التي تتيح المتعة.
أما الفضاء الذي يناسب فرجتنا هذه فهي الدار التقليدية
للأسرة المغربية على أصالتها، بما تحمله من رموز في احتضان الشخصيات والأحداث؛ فالأثاث
والأكسسوار والديكور يجسد كل الركائز التي تتبع نمط العيش والاستقرار الأسري، وكرم
الضيافة إلخ، مما يميز الأسرة المغربية.
ساعة وربع من الفرجة يعيشها الجمهور في أجواء كوميدية،
صحبة شخصيات تعانق الحلم الهارب، لكنها لا تستسلم أبدا للإحباطات ولا للمعيقات، بل
تظل تصارع التيار حتى النهاية. وبعد كل التضحيات يتحول مفهوم "ولية"، التي
تعني ضمن ما تعنيه "ضلع أعوج" عندنا، إلى الفتاة التي تتسلح ضد الحواجز بحسن
التربية والعلم والتجربة في الحياة والإصرار والصبر على المحن. " رجاء" و"أحلام"
تجسدان هذا بوضوح، إذ تبرهنان على أنهما قادرتين بامتيازعلى الأخذ بزمام أمورهما بنفسهما،
وبناء مستقبلهما كما تحلمان به بكل حرية دونما التفريط في مقومات تربيتهما وأصالتهما.
سعيد باهادي ـ مخرج المسرحية
إلى المرأة المغربية وإلى كل نساء العالم
نهدي هذا العمل المسرحي إلى كل النساء المغربيات
اللواتي قدمن التضحيات الجسام لأبناء وبنات وطننا العزيز، هن اللواتي برهن على ما أثبتته
كل الدراسات العالمية، بضرورة إفساح المجال واسعا أمام المرأة في كل المجالات والقطاعات،
حتى يتسنى لها لعب دورها كاملا في بناء الصرح الحضاري الإنساني.
دأبت جمعية "مسارات للإبداع الفني والثقافي" منذ إنشائها، على
تنظيم أنشطة فنية، يتم من خلالها تكريم المرأة المغربية، بل جعلته تقليدا راسخا، خصوصا
أن إبداع المرأة يقع في صلب اهتمامات الاستراتيجية المتبعة في مخطط الجمعية، سواء من
حيث النوع أو من حيث القيمة الفنية، دون أن نسقط في تمييز هذا الفعل الإبداعي عن غيره
من ناحية تصنيف الجنس الفني.
وإذا نظرنا إلى خصوصيات أنشطة برنامج "مسارات نسائية"، سنلاحظ
أنه اجتمع فيه ما تفرق في غيره من التظاهرات، ويعزى ذلك إلى كونه ينبثق أساسا من فكرة
رسم إطارمعنوي يرد الاعتبار للمرأة من جهة، ويجعل من مسار هذه الكفاءات المثل الأعلى
لللواتي يحلمن بمستقبل مهني أفضل من جهة أخرى. كما نوجه نداءنا هذا إلى كل المغاربة
على اختلاف مواقعهم لمساندتنا على تعزيز وتقوية الدعامات الديمقراطية المبنية على الأسس
والمثل العليا، التي نص عليها الدستور المغربي، كما يرتكز عليها المستقبل الثقافي والإبداعي
للمواطنة والمواطن المغربيين.
وبهذه المناسبة، فإننا نحيي كل المبادرات، فردية كانت أم جماعية، تلك
التي ترى في المرأة نصف المجتمع، ونحثها على أن تراه نصفا كاملا متكاملا قائما بذاته،
وفي مأمن من الحيف والإقصاء.
ولهذا، نتقدم بجزيل الشكر لكل من ساهم في دعم جهودنا لإنجاز هذا العمل
المتواضع.