من الأحاديث التي اشتهرت بين الناس والتي يستخدمها البعض ككارت أحمر يخرجه لإنهاء النقاش من قبل أن يبدأ إن حاولت أن تناقشه فيما يظنه مُسلمات عنده.
بنظري أن اختزال الدين في هذه الطقوس التعبدية وكأنها هي مقصود الله تعالى من إرسال النبي يعد خطأً شنيعا
والأغرب أنه مخرج في صحيح مسلم وعلق مسلم عليه بأنه مروي بألفاظ مختلفة، بمعنى أن متن الحديث الذي يحتوى على الأركان الخمسة مروي بزيادة ونقصان في ألفاظه!! مما يعني أن الأركان الخمسة ليست خمسة في كل رواية، وأن هناك احتمالا كبيرا بأن الحديث من فهم ابن عمر الخاص ورفع للنبي بطريق الخطأ من أحد الرواة.
بوجه عام ليس يعنيني كثيرا سند الرواية واختلاف ألفاظها، إنما أردت أن أوضح أنه حتى التمسك بصحة الحديث لن تفيد المحتجين به.
وإذا ألقينا نظرة على متن الحديث، سنجد أن المتن يختزل الدين الإسلامي في مجموعة من العبادات، وكأن هدف الدين ومقصوده وسبب إرسال الله لرسوله هو هذه العبادات فقط لا غير!
أين رفع الظلم؟ أين العدل؟ أين المساواة ؟ أين مكارم الأخلاق؟
والأدهى أن الخمس المذكورة في الحديث أوزانها النسبية ليست واحدة، فالصلاة والزكاة هي أقواها بنص القرآن، فهل يتساوى فرض الصلاة مع فرض الحج الذي هو أصلا للمستطيع، هل إثم تارك الصلاة يتساوى مع إثم تارك الحج مع إثم تارك الشهادتين اللتين من تركهما خرج من الإسلام أصلا في حين أن باقي العبادات تاركها يأثم فقط؟ هناك خللا كبيرا واضحا.
بنظري أن اختزال الدين في هذه الطقوس التعبدية وكأنها هي مقصود الله تعالى من إرسال النبي يعد خطأً شنيعا ورزيَّة بالدين، أيعقل أن يكون أبو جهل وأبو لهب قد حاربا الدعوة المحمدية لأنهما لا يريدان أن يصليا؟
أيعقل أن قامت قريش عن بكرة أبيها لتحارب النبي لأنها لا تريد الحج؟ أيعقل أن تآمر اليهود مع المشركين مع قبائل العرب حتى لا يصوموا رمضان؟
الأمر أعمق مما يبدو في الحقيقة فجوهر الدين ومقصوده الأساسي وقبلته هي الإنسان وما شرع كان لمصلحة الإنسان، فالله غني عن العالمين، وهذا لا ينتقص من قيمة العبادات، إنما هي محاوله تصحيح لمفهوم الدين عند البعض.
اعتقد أن لدي الحق في التساؤل عمن الذي كانت له مصلحة في قلب نظرة المسلمين للدين واختزاله في مجموعة شعائر لا تفيد دنياهم، وأفهمهم أنهم إذا أدوها فقد ضمنوا الجنة، فطالما هذه غاية الدين فلا حاجة لهم بعدها للعمل والاجتهاد لا حاجه لهم في احترام الإنسان والإنسانية لا حاجة لهم في العلم لا حاجة لهم في رفع الظلم ولا حاجة لهم في احترام المخالفين، بل والأدهى أنهم إذا أدوها فقد برئت ذمتهم وصاروا مسلمين من أهل النعيم.
هل الدين أن تؤدي الشعائر أم هو أن تعرف الله وتعمل الصالحات أي أن تعمل للإنسان لخدمة البشرية؟.
هل يقاس الناس بمدى التزامهم بالعبادات أم بأخلاقهم ونفعهم للبشرية ؟
فإذا بُني الإسلام على خمس !! فهل لنا أن نتخير تلك الخمس؟