قمرا صغيرا أراه وراء النافذة، صمت مهيب، خيطان
من حرير ملون، وأساور من ذهب تعانق الحناء على يد الأنثى. ليل يلف الكون كله إلا أنا..!
فأنَّى لظلام الليل أن
يتحول إلى وهنٍ في حنايا
القلب المحب؟
والحب يسكنني.. فأنا روضٌ، وأزهارٌ، وغزلانٌ،
وأسرارٌ، وأثمارٌ كفاكهة الجنان. أسمعُ زغاريد الفرح، وناقوسا يدق معلنا لقاءنا وبدء
طقوس الاحتفال.
قادمة للتو.. إني قادمة إليك.
آتية كالبرق.. أطير على جناح الظلام، يشدني
الشوق المهيب إليك، ومعي نجوم الليل تضاحكني، والروح تسبقني بدهرٍ من ألف عام.. وأنا لازلت في ذات المكان.
أنت النور في قلبي وفي عيني وسمعي، وفي ظل يطوف في
حرم المهابة والجمال.
أمد يديَّ.. فتتوه كلماتي وأنا أرتب حروفي
لأصوغ لكَ جملتي الأحلى. خرست دندنات البحر. ضاع صمتي وأسرار الهوى، وضاع معي صمت الشجر
وأصوات الرياح. صمتٌ مهيب يقطعه شتاء عيني وصوت زخات المطر.
عرفتكَ مذ كنت طفلة، وحين أتيتك أول مره، تحول
الدمع في عينيّ ابتسامة.. فحلقت مع طير الصباح، وعرفت يومها أنكَ دوما معي.. في ضحكة
الطفل الغرير، في نسمة الصبح والفجر المكلل بالندى، في اخضرار الأرض وصوت المطر، في
صلاة من خشوع وأحرف من نور الكتاب، ويد أقبلت من دمع المسيح تمسح الحزن عن رؤوس اليتامى
والثكالى والفقراء.
روحي تشدني دوما إليك، ثمانية وعشرون حرفا
وما استولدَتْ من كلام، أهمّ بقولها في كل لقاء وما نطقتُ منها حرفا أو بعض حرف. "إني أحبك".. قلتها لك دفعة
واحدة ملء القلب والفم، ثم عجبتُ كيف اتسع لها هذا القلب، كما اتسعت لكَ صلاة الأنبياء،
وترديد أغاني الشوق وأعذب الألحان؟
لا لن أزيد..
فقد آن لهذا الليل الطويل أن ينجلي.. آن لي
القول: "إني أحبك يا ربي".