-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

العلمانية كأسلوب حياة : د. مني أبو سنة

في الأول من مارس من عام 2006 عقد منتدى ابن رشد بالاشتراك مع عدد من منظمات المجتمع المدني، المؤتمر الدولي لتأسيس العلمانية في مصر بعنوان “العلمانية
والديمقراطية” وتحت شعار “لا ديمقراطية بلا علمانية”
ثم واصل منتدى ابن رشد بمفرده عقد المؤتمر الثاني بعنوان “العلمانية والدستور” في الأول من مارس 2007، والمؤتمر الثالث بعنوان “العلمانية وقضايا التغيير” في مارس 2008، والمؤتمر الرابع بعنوان “العلمانية طاردة للتعصب” في مارس 2009 وفي المؤتمرات الأربعة تنبي المشاركون تعريف د. مراد وهبة للعلمانية باعتبارها “التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق”، وذلك انطلاقا من قناعتهم بأن العلمانية بالمفهوم سالف الذكر هي الحل الأمثل لخروج المجتمع المصري من أزمة التخلف الحضاري التي يعاني منها والمتمثلة في تحكم الفكر الأسطوري اللاعقلاني في عقل الجماهير مما سمح للتيار الأصولي بالسيطرة علي المجتمع ويهدد بصعود ذلك التيار إلي السلطة السياسية.
وقد اتفق فريق من المثقفين علي هذا الطرح الفلسفي للعلمانية باعتبارها المضاد للطرح الأصولي الديني بيد أن المعضلة كانت دئما، كيف نصل إلي عقل الجماهير وهي الرافضة للعلمانية شكلا ومضمونا منذ أن روج لهذا الرفض مشايخ التيار الأصولي الذين وصموا العلمانية بالكفر والإلحاد وصاحب هذا التساؤل تساؤلا آخر، هو: كيف نحول التعريف الفلسفي النظري للعلمانية إلي طريقة إجرائية للتفكير والسلوك يسهل علي الجماهير تمثلها وممارستها في الواقع؟
وأنا هنا اجتهد في طرح إجابة عن هذه التساؤلات من خلال خبرتي الشخصية في التواصل مع الجماهير بهدف تحويل العلمانية كمفهوم نظري إلي منهج تفكير وأسلوب حياة، والجماهير في تجربتي تتمثل في طلاب الدراسات العليا مع حديثي التخرج في كليات التربية الآداب بدأنا بتجديد “منهج التفكير العلماني” واخترت له قوانين المنطق الجدلي باعتبارها المعبر عن قانون التغيير الذي يستند إلي مبدأ النسبية والتطور، وينفي القانون الأول للجدل علي وحدة وصراع الأضداد، والقانون الثاني يدور علي مبدأ التراكمات الكمية تؤدي إلي نقلة كيفية، والقانون الثالث هو نفي النفي.
أما تطبيق هذه القوانين الثالثة فيتم في إطار إشكالية تمثل هما رئيسيا من هموم الجماهير وهي إشكالية الفقر وحيث إن الإشكالية تنطوي علي تناقض فإن تطبيق القانون الأول للجدل يسهم في التعرف علي التناقض الكامن في إشكالية الفقر.
ونسأل ما هذا التناقض؟ للجواب عن هذا السؤال يلزم تحديد معني الفقر في إطار القانون الأول للجدل فنجيب الفقر يعني التناقض بين احتياجات الإنسان الأساسية من مأكل وملبس ومسكن وتعليم وصحة وندرة الإمكانيات المالية لمواجهة تلك الاحتياجات فكيف نتجاوز هذا التناقض؟
في إطار القانون الأول للجدل وهو وحدة وصراع الأضداد، ثمة طرف واحد يفوز نقيضة بفضل التناقض مع الوحدة وفي حالة إشكالية الفقر فأن الفقر يفرز نقيضة وهو الثراء، كما أن الدرة تفرز نقيضها وهو الوفرة ونسأل: كيف تتم هذه العلمية؟ ونجيب تتم تحت شرط  جوهري وهو مماسة العقل الناقد المبدع.
ونسأل: كيف تتحقق هذه الممارسة؟ ونجيب تتحقق أولا بالوعي بقدرة الفعل علي النقد والإبداع، ثم ممارسة هذه القدرة بلا ادني حساسية وبلا قيود في نقد المحرمات الثقافية المكبلة للفعل الناقد وفي هذه الحالة يتم تجسيد القانون الأول للجدل تجسيدا ماديا في الوقع مما يؤهل الفرد ويدفعه إلي ابتكار الوسائل التي تمكنه من الخروج من خندق الفقر وتنتج له أفاق الوفرة والثراء استندا إلي تفكيره المبدع وعمله المنتج.
تؤدي الخطوة الأولي بالضرورة إلي الخطوة الثانية وهي تتمثل في القانون الثاني وهو التراكم الكمي الذي يؤدي النقلة الكيفية فعندما يعتاد العقل علي ممارسة الفكر الناقد المبدع الذي يفرز العمل المنتج فإنه في هذه الحالة سوف يراكم خبرات إبداعية تتمثل في إيجاد حلول غير تقليدية للإشكاليات منها ما هو تقليدي ومنها هو ما هو غير ذلك، وهذه الخبرات التراكمية تنعكس بدورها علي وضع الفرد الاجتماعي إيجابيا، مما يشحنه بالثقة في عقله وفي قدرته علي تغيير الواقع ومع مرور الزمن يحدث هذا التراكم نقلة كيفية ليس في عقل الفرد فقط ولكن في وضعه الاجتماعي والاقتصادي أيضا.
ولدينا العديد من النماذج الدالة علي صعود أفراد من قاع الفقر إلي قمة الثراء بفضل إعمال تفكيرهم الناقد المبدع وفي هذه الحالة ينصح الشباب بالبحث عن تلك النماذج من الأفراد ودراسة تاريخ حياتهم من اجل التعرف علي التناقضات والتحديات التي واجهتهم في مسار حياتهم وكيف تجاوزها بالفكر الناقد المبدع.
وبعد الخطوة الثانية تأتي الخطوة الثالثة والأخيرة وهي نفي النفي، وتتمثل في إيجاد توليفة جديدة تتجاوز التناقض بين ما أفرزه إلي وضع جديد، وفي حالة تجاوز الفقر إلي الثراء كحالة فردية يتمثل نفي النفي في توظيف النقلة النوعية من اجل تغيير الوضع الاجتماعي القائم إلي وضع مستقبلي تتجسد فيه خبرات الفرد المتراكمة وهذا لا يتحقق إلا ببزوغ الوعي بالمسئولية الاجتماعية كشرط جوهي لتحقيق مبدأ نفي النفي.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا