ما هو مصير الكتاب الورقي في غمرة صعود الكتاب الالكتروني، وهل صحيح ان الكتاب الورقي لن يعود موضع تعامل خلال الخمسين سنة المقبلة؟ أياً يكن
الجواب، فالسؤال في ذاته، الذي يُطرح بكثافة، يعكس جوانبموضوعية من طبيعة الأزمة الكيانية التي يعانيها الكتاب اليوم، سلباً وإيجاباً.
شخصياً، أمضي قسماً كبيراً من نهاري وليلي في العمل على الكومبيوتر. انكبابي على هذا العالم الافتراضي ليس هواية. إنه التزام. وهو ليس للتسلية أو لتمضية الوقت، إنما عكوف على العالم في معناه الشمولي الواسع، بما يعنيه ذلك من غوص في خصوصيات الحياة الأدبية والفنية والثقافية في أنحاء الكرة الأرضية. ارتباطي بعالم الكومبيوتر، بما هو اتصال بعالم الثقافة، يضع الكون الثقافي في متناول يدي وتحت بصيرة عقلي. أراني بكل بساطة أنحني على خريطة للوجود، فأرى فيها ما أريد أن أرى، وآخذ منها ما أريد أن آخذ. ثم أواصل حياتي بالطريقة التي أراها مناسبة.
هذه العلاقة المشيّدة عبر الوسيط الالكتروني، تجعلني أشعر في بعض الأحيان أنني أستطيع أن أحيا ثقافياً من خلال هذا الوسيط، مستقيلة من الحاجة الى كل الوسائط الثقافية الأخرى. لكن هذا الاستنتاج ليس صحيحاً تماماً. إنه أحد وجوه المرآة الثقافية.
هاكم وجهاً آخر لا غنى لي عنه البتة. صحيح أن العالم الافتراضي، بما فيه الكتاب الالكتروني، يجعلني في الوجود، في الكرة الأرضية كلها، ثقافياً. وصحيح أنني أستطيع، من خلاله، أن أحصل على كل ما أريده في هذا الباب. لكن الصحيح أيضاً أن لا شيء يغنيني عن تصفح كتاب ورقي.
ما أقرأه الكترونيا يعطيني أن أطلع وأستفيد، لكنه لا يعطيني أن أستمتع وأتلمظ، أي أن أقيم علاقة حيوية، خلاّقة، مثلما يفعل بي الكتاب الورقي. حتى لأقول، إن لا شيء يغنيني عن الورق. فما أمتلئ به، وما أحققه، وما أشعر به، فأصير جزءاً من ضمير صفحاته، ومن مواهب هذه الصفحات، لا يستطيع شيء آخر مهما يكن عبقرياً أن يعطيني إياه.
هذه حقيقة شخصية، ناجمة عن تجربة أواصل عيشها يومياً. صحيح أني غارقة في البحر الالكتروني، لكنني غارقة في الآن نفسه، وبالشغف نفسه، في بحر الورق. لا هذا يغنيني عن ذاك. ولا ذاك يغنيني عن هذا. كأنني إذ أحيا بهما، أشعر بأنهما باتا عندي كالأوعية الدموية المتصلة، فإذا انقطع شريان واحد أصيب كياني كله بالشلل.
كتابان مختلفان، صحيح، لكنْ لا غنى لواحد عن الآخر عندي. هذه هي حقيقتي.
هذه العلاقة المشيّدة عبر الوسيط الالكتروني، تجعلني أشعر في بعض الأحيان أنني أستطيع أن أحيا ثقافياً من خلال هذا الوسيط، مستقيلة من الحاجة الى كل الوسائط الثقافية الأخرى. لكن هذا الاستنتاج ليس صحيحاً تماماً. إنه أحد وجوه المرآة الثقافية.
هاكم وجهاً آخر لا غنى لي عنه البتة. صحيح أن العالم الافتراضي، بما فيه الكتاب الالكتروني، يجعلني في الوجود، في الكرة الأرضية كلها، ثقافياً. وصحيح أنني أستطيع، من خلاله، أن أحصل على كل ما أريده في هذا الباب. لكن الصحيح أيضاً أن لا شيء يغنيني عن تصفح كتاب ورقي.
ما أقرأه الكترونيا يعطيني أن أطلع وأستفيد، لكنه لا يعطيني أن أستمتع وأتلمظ، أي أن أقيم علاقة حيوية، خلاّقة، مثلما يفعل بي الكتاب الورقي. حتى لأقول، إن لا شيء يغنيني عن الورق. فما أمتلئ به، وما أحققه، وما أشعر به، فأصير جزءاً من ضمير صفحاته، ومن مواهب هذه الصفحات، لا يستطيع شيء آخر مهما يكن عبقرياً أن يعطيني إياه.
هذه حقيقة شخصية، ناجمة عن تجربة أواصل عيشها يومياً. صحيح أني غارقة في البحر الالكتروني، لكنني غارقة في الآن نفسه، وبالشغف نفسه، في بحر الورق. لا هذا يغنيني عن ذاك. ولا ذاك يغنيني عن هذا. كأنني إذ أحيا بهما، أشعر بأنهما باتا عندي كالأوعية الدموية المتصلة، فإذا انقطع شريان واحد أصيب كياني كله بالشلل.
كتابان مختلفان، صحيح، لكنْ لا غنى لواحد عن الآخر عندي. هذه هي حقيقتي.