-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

الزبيبة تحكم : لمى محمد

” لقد جاهدت ليس لأضحك على تصرفات البشر، ليس كي أندبهم ، ليس لأكرههم..ولكن  لأتفهمهم.”
 الفيلسوف (المجاهد) “باروخ سبينوزا”و من عندي هذا هو ( الجهاد) الحقيقي…
في دار العجزة كل شيء مختلف، البشر أكثر هدوءا، فرحهم كما حزنهم أكثر وقارا.. و يخيل للناظر وجود ملائكة قبض الأرواح على كل الأشجار، هذا مكان للاستعداد لحياة أخرى من نوع آخر، عبر قطار مؤجل اسمه الموت.
العجزة هنا ينتشرون كما طيور مالك الحزين.. يلعبون الرياضة، يطالعون، يتبارون في الشطرنج، و جميعهم يشبهون (القلاع).
يلتقطون قدومي بابتساماتهم كفتات خبز، أشعر بحبهم، و بحزنهم، و ترتسم في مخيلتي صور من أحبهم جميعا على هيئة (قلاع) نهاية العمر.. حصينة و حزينة، و ثابتة.
قال لي أحدهم أنه تحول للإلحاد، لأنه يخشى أن يحاسبه سكان الحياة الأخرى على استخفافه بهم في حياته الطويلة،  سيرد عندها: – (لم أكن أعلم بوجودكم.)
كان يحدثني و يضحك، و كنت أعلم أن ” دفاعات الأنا” عنده تصعد في سخريتها كيما تنسى أعوامه التسعين.
لم يسألني أي منهم عن ديني، لكنهم بعضهم  أخبرني عن أولياء يعتقد بهم..و أسر لي بسر من أسرار الحياة:
لا تنصب نفسك قاضيا على أحد، بل محاميا عن الجميع.
لا أتخيل أن” توماس هارفي ” الطبيب المشرح المرضي الأمريكي و الذي اشتهر لتشريحه دماغ الفيزيائي “ألبرت أينشتاين ” قد وجد ختم (دين) العبقري كطابع على التلافيف المخية، أو أنه قد استخلص شيئا من أفكاره عبر عصر نصف الكرة المخية الأيمن -باعتباره كان ( أعسرا).
ذلك لأن  الفكرة النبيلة تغادر العقل بعد موته إلى عقول أخرى، و هذا سر آخر من أسرار الروح..
يقول أينشتاين: (ليست الفكرة في أني فائق الذكاء، بل كل ما في الأمر أني أقضي وقتاً أطول في حل المشاكل!) حيث يعتبر “أينشتاين ” أن العبقرية عبارة عن 1٪ موهبة و99٪ عمل واجتهاد.
 لم يصل اسم “هارفي” لملوك الأديان و الطوائف، لذلك ظلت علاقته بربه مجهولة، بينما تفنن ” المتزمتون” في تحليل يهودية ” أينشتاين”.. و منهم كثير ممن نصب  نفسه قاضيا، و منفذا لأوامر السفهاء في تجريم و تحليل و تحريم أشكال العلاقة ب ” الله” .. 
خلط المفاهيم لا يجلب سوى العار و التخلف، و التكفير المتبادل، بينما هي الحياة تتسع للعمل و الاجتهاد من قبل الجميع، و توزع موهبتها على الكل دون استثناءات ( عجاف).
تخيلوا معي شكل ( الله) الذي يخلق البشر جميعا، كل في بلاد.. يضع المحظوظ منهم في دولة متقدمة، و التعيس في أخرى( نامية)..طيب ( خدوني على قد عقلي الناقص) و أجيبوني:
أليس من الكفر تسمية هؤلاء المحظوظين بالكفار؟!
يطالعنا على ( الفيسبوك) من يفخر بالدكتور الأمريكي من أصل تركي ( محمد أوز) المسلم و يقول لنا:
(هل رأيتم كيف يخفي الإعلام الأمريكي إسلامه، لأنهم لا يريدون أخذ فكرة جيدة عن المسلم!)
يا أعزائي:
وصل ” الدكتور أوز” إلى ما هو عليه بجهده و تعبه و علاقته مع الآخرين الطيبين -الذين تسمونهم ( كفارا)- و ليس عبر علاقته بربه.. 
علاقته ب ” الله” في قلبه، يعكسها عمله .. و ليست مجالا للمزاودات و التجارة.. هذا أولا.
ثانيا: الأمريكيون ساعدوه و احترموه و جعلوا منه مثالا، و لم يجرموه و لا هم كفروا معتقداته، لأنهم يحترمون الإنسان، و القانون.. هكذا تعلمهم أو تفرض عليهم علمانية الدولة.
سؤال آخر:
لو كان “الدكتور أوز “تحت سلطان استبدادكم، ألم يكن مهدور الدم بسبب مزاحه و استقباله للسافرات ( الكاسيات العاريات) كما تسمونهم؟!، ألم يكن موضوعه قد تحول من شخص نفخر به إلى شخص أساء للدين ؟!
 هذا السؤال برسم عقولكم.. و إجابتي ترسم ما أراه على أرض الواقع:
في أمريكا ( العلمانية) الدين لله و الوطن للجميع.
 الله هو ملاذنا.. ليس فلم رعب، و لا هو خارج عن حدود العقل، و من لا يستخدم عقله لا يحق له تجريم المخالف، و إدعاء النبوة.
نحن بحاجة إلى ثقافة الحب، و ثقافة ( الحق الطبيعي) الذي هو بالتعريف:
 الحق الذي يتملكه كل إنسان منذ لحظة تشكله، و اكتسب في (عصر التنوير ) أهمية سياسية، إذ عارضت فكرته “مفهوم النعمة” الذي ساد في العصور الوسطى في قضايا كالحياة والكرامة الإنسانية والحرية والتي كان يعتقد بأنها تمنح منحاً كفضيلة من صاحب السلطة (الملك)  لأنها ملك له أو لكونه مسؤول عنها بالوكالة.
اليوم يسود ” مفهوم النعمة” و يملك شيوخ الدين و السلاطين وكالات حصرية للحق الطبيعي!
و لكي لا أطيل.. شرح الفيلسوف الهولندي المجاهد “باروخ سبينوزا” مضمون فكرة ( الحق الطبيعي) بشكل نحتاجه اليوم أكثر من الخطابات الجوفاء:
(حرية التفلسف لا تمثل خطراً على التقوى (الدين) أو على سلامة الدولة، بل إن في القضاء عليها قضاءً على سلامة الدولة وعلى التقوى ذاتها في آن واحد.).
لا استغرب قصة أهل الكهف، بل استعجب من أمة الكهف التي استيقظت لتجلس وراء شاشات العولمة.. هكذا دفعة واحدة !
و من يستغرب استغرابي فلينظر بكلتا عينيه:
كيف استلمت ( اللحى) الأمر و الفتوى.. و كيف وقف المثقفون خلف ( متاريس) المثاليات..أو فوق جثث الأبرياء.. تاركين خواء أماكنهم  عرضة لحكم ( الزبيبة).
لو أنكم يا أصحاب القلم أمسكتم بكارثة ( محاكمة علاقة المرء بربه) من عنقها، و خنقتموها بالحجة و المنطق بدلا عن إنكارها، لما كانت شعوبكم تفتح آذانها لكل من يعمل بلسانه مقلدا دور ( الرب)، لكنكم عوضا عن ذلك إما تفننتم في إلباس البسطاء ثياب أحلامكم الشفافة، أو -في قسمكم الأكبر- بعثرتم مشاعر البسطاء الفقراء بسكاكين النقد الهدام، و الإلغاء.. لذلك خسرتم الساحة التي ستحتل لعقود من قبل تجار الدين، و لن يكون لصوتكم فيها حتى الصدى.
سألني أحد الأصدقاء الأمريكيين: 
– ” سوريا” إلى أين؟!
فأجبته:
–  في بلادي يقتل الأخ أخته لأنها تزوجت من طائفة أخرى…

هو ظن أنني لم أفهم السؤال، و أنا كنت حزينة بالإجابة.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا