في غمرةِ هذا الجدل المستمِّر حول إمكانية فوز أحد الشاعرين الكبيرين أدونيس أو سعدي يوسف بجائزة نوبل للأدب تساءلتُ ما إذا قدَّمت القصيدةُ العربيَّةُ الحديثة منجزاً
جماليَّاً تراكميَّا يعالجُ معضلات ومشاكلَ الإنسان الحديث وتصدُّعات هويَّتهِ بشكل مغاير ومختلف وعميق، أو طرحت ما يجيبُ على الكثير من الأسئلة المؤرِّقة على مستويات فكريَّة وإنسانيَّة وابداعيَّة لا حصرَ لها، خارج الحساسيَّة اللغوية المشدودةِ إلى محاكاة المنجز الأدبي الراهن باعتبارهِ أداة محاكاة مقدَّسة، وخارج التأثر بالشعر العالمي في نصِّهِ الأصلي ونصِّهِ المترجم، هل حقَّق الشعرُ العربيُّ الحديثُ شيئاً يمكن اعتبارهُ معادلاً موضوعياً للإلياذة أو للأوديسة مثلاً أو لآثار شكسبير أو فرانز كافكا أو مارسيل بروست أو غابرييل غارسيا ماركيز وعمالقة آخرين؟
كيفَ ينظرُ القارئ الأجنبي إلى هذهِ القصيدة العربيَّة التي أشكُّ أنها تخاطبهُ أو تخاطب وعيَهُ أو قلقه أو بحثهُ عن الخلاص الأبدي من مأزقهِ الوجودي؟ آلاف النصوص الشعريَّة تبدو لي متشابهةً ولستُ أرى فتوحات عميقةً وكشوفاتٍ لامعةً كتلك التي يتحدَّث عنها ناقد فرنسي وهو يحلِّل أدب شارل بودلير، يبدو لي الشعرُ العربي من جهة مغايرة حبيسَ بيئتهِ وتاريخهِ ونظرتهِ النمطيَّه للأشياء، فكيفَ نريدُ وضعهُ على الخريطة الكونيَّة بين ليلةٍ وضحاها؟ ربمَّا أكون مخطئاً في قولي، وبالطبع هناك استثناءات جميلة ومؤثِّرة وفاعلة، لكنها لا تتعدَّى أصابعَ اليدِ الواحدة.
كنتُ وما زلتُ أعتبرُ سعدي يوسف رمزاً شعريَّاً كبيراً وأيقونةً شعريةً عربيةً عاليةً ستضيء إلى الأبد ما عتمَ من مناطق جمال القصيدةِ العربيَّة وأساليبها البكر، بغضِّ النظر إن كانَ أستاذاً لأجيالٍ شعريةٍ لاحقةٍ أو لم يكن كذلك، ولكن بصمتهُ واضحةٌ في الكثير من تجارب شعراء قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، وأدونيس كذلك على غموضهِ وإبهامهِ الشعريِّ غير المبرَّر في كثير من قصائدهِ، وهما على اختلافهما شعريَّا يجتمعانِ في فضاءاتِ متشابكة وحساسيَّات تركيبيَّة جديدة ومبتكرة، ولكن سؤالي هو هل اسم الشاعر سعدي يوسف راسخٌ في الذاكرة الشعريَّة العالمية الآن رسوخ اسم أدونيس عبر ترجماته وطروحاته المختلفة والمتجدِّدة ومشاركاتهِ الجريئة في فتح آفاق ورؤى جديدة للقصيدة الإنسانية المعاصرة؟ بمعنى آخر هل حاول سعدي أن يغرِّب قصيدته قليلا كما فعل الشاعر السوري أدونيس؟
قيمةُ سعدي يوسف الشعرية بنظري تكمن في حفاظهِ على بلاغة وإشراق وأصالة القصيدة العربية وفي كونهِ أحد أهمِّ تلاميذ السيَّاب النجباء، حيثُ أنَّ نظرى عجلى على تراث سعدي الشعريِّ تكشفُ تأثَّرهَ الواضحَ بأستاذهِ السيَّاب ويتجلَّى هذا التأثُّر بوضوح في دواوين سعدي الأولى المنشورة في الخمسينيَّات ومطالع الستينيَّات، أما أدونيس فهو يختلف عنه بمحاولاته الكثيرة في كسر السائد الشعري العربي والابتعاد عن كلِّ ما هو نمطي أو مكرَّر، ويرى بعض النقاد أن أدونيس توقفَّ عن التجديدِ بعد ديوانهِ الرائعِ (أغاني مهيار الدمشقي) واكتفى بالتنويع الذهني أو الغنائي على هذا الديوان الفريد، بخلاف سعدي الذي بلغتْ تجربتهُ الشعريَّة أوجها في السبعينيَّات والثمانينيَّات، عبر تجريبيَّة فذَّة وتفرُّد واختلاف.
في حالة شاعرينا كنتُ أتمنى أن يتم التغاضي عن الهنات والمزالق السياسية التي عادةً ما يقعُ فيها المبدع الحقيقي وأن يتمَّ التركيز على منجزهِ الإبداعي أوَّلا ويكون تكريمهُ عربيَّا قبلَ تكريمهِ من قبل أي مؤسَّسة عالمية.
جماليَّاً تراكميَّا يعالجُ معضلات ومشاكلَ الإنسان الحديث وتصدُّعات هويَّتهِ بشكل مغاير ومختلف وعميق، أو طرحت ما يجيبُ على الكثير من الأسئلة المؤرِّقة على مستويات فكريَّة وإنسانيَّة وابداعيَّة لا حصرَ لها، خارج الحساسيَّة اللغوية المشدودةِ إلى محاكاة المنجز الأدبي الراهن باعتبارهِ أداة محاكاة مقدَّسة، وخارج التأثر بالشعر العالمي في نصِّهِ الأصلي ونصِّهِ المترجم، هل حقَّق الشعرُ العربيُّ الحديثُ شيئاً يمكن اعتبارهُ معادلاً موضوعياً للإلياذة أو للأوديسة مثلاً أو لآثار شكسبير أو فرانز كافكا أو مارسيل بروست أو غابرييل غارسيا ماركيز وعمالقة آخرين؟
كيفَ ينظرُ القارئ الأجنبي إلى هذهِ القصيدة العربيَّة التي أشكُّ أنها تخاطبهُ أو تخاطب وعيَهُ أو قلقه أو بحثهُ عن الخلاص الأبدي من مأزقهِ الوجودي؟ آلاف النصوص الشعريَّة تبدو لي متشابهةً ولستُ أرى فتوحات عميقةً وكشوفاتٍ لامعةً كتلك التي يتحدَّث عنها ناقد فرنسي وهو يحلِّل أدب شارل بودلير، يبدو لي الشعرُ العربي من جهة مغايرة حبيسَ بيئتهِ وتاريخهِ ونظرتهِ النمطيَّه للأشياء، فكيفَ نريدُ وضعهُ على الخريطة الكونيَّة بين ليلةٍ وضحاها؟ ربمَّا أكون مخطئاً في قولي، وبالطبع هناك استثناءات جميلة ومؤثِّرة وفاعلة، لكنها لا تتعدَّى أصابعَ اليدِ الواحدة.
كنتُ وما زلتُ أعتبرُ سعدي يوسف رمزاً شعريَّاً كبيراً وأيقونةً شعريةً عربيةً عاليةً ستضيء إلى الأبد ما عتمَ من مناطق جمال القصيدةِ العربيَّة وأساليبها البكر، بغضِّ النظر إن كانَ أستاذاً لأجيالٍ شعريةٍ لاحقةٍ أو لم يكن كذلك، ولكن بصمتهُ واضحةٌ في الكثير من تجارب شعراء قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، وأدونيس كذلك على غموضهِ وإبهامهِ الشعريِّ غير المبرَّر في كثير من قصائدهِ، وهما على اختلافهما شعريَّا يجتمعانِ في فضاءاتِ متشابكة وحساسيَّات تركيبيَّة جديدة ومبتكرة، ولكن سؤالي هو هل اسم الشاعر سعدي يوسف راسخٌ في الذاكرة الشعريَّة العالمية الآن رسوخ اسم أدونيس عبر ترجماته وطروحاته المختلفة والمتجدِّدة ومشاركاتهِ الجريئة في فتح آفاق ورؤى جديدة للقصيدة الإنسانية المعاصرة؟ بمعنى آخر هل حاول سعدي أن يغرِّب قصيدته قليلا كما فعل الشاعر السوري أدونيس؟
قيمةُ سعدي يوسف الشعرية بنظري تكمن في حفاظهِ على بلاغة وإشراق وأصالة القصيدة العربية وفي كونهِ أحد أهمِّ تلاميذ السيَّاب النجباء، حيثُ أنَّ نظرى عجلى على تراث سعدي الشعريِّ تكشفُ تأثَّرهَ الواضحَ بأستاذهِ السيَّاب ويتجلَّى هذا التأثُّر بوضوح في دواوين سعدي الأولى المنشورة في الخمسينيَّات ومطالع الستينيَّات، أما أدونيس فهو يختلف عنه بمحاولاته الكثيرة في كسر السائد الشعري العربي والابتعاد عن كلِّ ما هو نمطي أو مكرَّر، ويرى بعض النقاد أن أدونيس توقفَّ عن التجديدِ بعد ديوانهِ الرائعِ (أغاني مهيار الدمشقي) واكتفى بالتنويع الذهني أو الغنائي على هذا الديوان الفريد، بخلاف سعدي الذي بلغتْ تجربتهُ الشعريَّة أوجها في السبعينيَّات والثمانينيَّات، عبر تجريبيَّة فذَّة وتفرُّد واختلاف.
في حالة شاعرينا كنتُ أتمنى أن يتم التغاضي عن الهنات والمزالق السياسية التي عادةً ما يقعُ فيها المبدع الحقيقي وأن يتمَّ التركيز على منجزهِ الإبداعي أوَّلا ويكون تكريمهُ عربيَّا قبلَ تكريمهِ من قبل أي مؤسَّسة عالمية.