بيانكا نوغريدي ترجمة/ هالة عدي
نوع المشاركات وعدد المرات التي ننشر فيها تكشف جوانب عن شخصيتنا وما يجري في حياتنا أكثر من الكلمات نفسها؛ مثلا وجدت دراسة تضمنت 555 مستخدما للفيس بوك في الولايات المتحدة أن المنفتحين والصريحين يفضلون النشر عن النشاطات الاجتماعية والحياة اليومية ويفعلون ذلك كثيرا.
من يحبون ذاتهم بدرجة أقل يميلون غالبا للنشر عن أحبتهم، أما المصابون بالأمراض العصبية والنفسية فيلجأون للفيس بوك لتحقيق أو اثبات شيء ما وللبحث عن الاهتمام، فيما يستخدم أصحاب الميول النرجسية تحديثات الحالة للتفاخر بانجازاتهم والكتابة عن حميتهم الغذائية أو تمارينهم الرياضية.
اقترحت دراسة أخرى أن من ينشرون الكثير من الصور الملتقطة ذاتيا (أو السيلفي) يكونون بصورة عامة أكثر نرجسية ومصابون بعلل نفسية، ومن يكثرون من تعديل وتحسين صورهم رقميا يعانون من تدني في احترام وحب الذات.
وسائل التواصل كعلاج
كل من ألقى عبارة قاسية غاضبة في الفيس بوك أو نشر تغريدة كئيبة أو باردة في الثالثة صباحا يعلم أن هنالك نوعا من العلاج الذاتي الذي يتضمنه استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي، لكن هل هو مجرد صراخ في فراغ يضخم مشاكلك بدلا من مساعدتك؟
يبدو أن «مركز الصحة العقلية المكسيكي» في مدينة مكسيكو يعتقد ذلك، ونُقل أنه قد أطلق حملة لتحذير المواطنين من أن مشاركة أحزانهم ومشاكلهم عبر الفيس بوك ليست بديلا رخيصا للعلاج النفسي السليم.
غير إن الفراغ يستمع ويمكنه تقديم المساعدة، لذا يدرس الباحثون التحديثات التي يجريها الناس على حالتهم في الفيس بوك أو تغريدات تويتر وكيف يمكنها اطلاق تحذير بأن الشخص قد يقدم على الانتحار مثلا .
مؤخرا أجرت «مؤسسة الكلب الأسود» الأسترالية التي تديرها الباحثة «هيلين كرستينسن» (Helen Christensen) دراسة استخدمت برنامج حاسوب راقب خلال شهرين الكثير من التغريدات بحثا عن عبارات أو مصطلحات معينة مرتبطة بالانتحار، ثم قام باحثون بمساعدة برنامج بتصنيف تلك التي تثير القلق منها، اتفق البرنامج مع المبرمجين البشر كثيرا- مما يفتح احتمالية تعليم البرامج تمييز صرخات الاستغاثة وربما حتى تنبيه العائلة أو الأطباء.
تدرك بعض المجموعات عبر الإنترنت أيضا أهمية التحذيرات ذات الصلة بالانتحار في المنشورات لذا تنظم شبكات الدعم الخاصة بها، صمم الموقع الالكتروني «ريديت لمراقبة الانتحار» ليقدم طريقة للاستجابة ودعم الأعضاء المعرضين للخطر، ورغم أن ساحة الإنترنت العدوانية ما زالت تنتج العدد الذي لا مفر منه من المسيئين والمتصيدين في مثل هذه المواقف، أظهرت العديد من الردود رغبة حقيقية في مساعدة انسان يتألم.
قد تشير قلة التواصل عبر الشبكات الاجتماعية إلى أمراض عقلية أيضا، إحدى الدراسات تستخدم تطبيقا يعمل بالبلوتوث لوضع خريطة لأنماط التواصل الاجتماعي للشباب، وبالتالي يمكنه ملاحظة متى يتواصل ذلك الشخص بشكل أقل مع أصدقائه وينسحب من الشبكات المذكورة، وهي غالبا من علامات الاكتئاب.
كشف التوجهات العاطفية
غالبا ما تمر المجتمعات والدول والبشرية ككل بمراحل وتجارب جيدة وسيئة معا، اجتمعت «مؤسسة الكلب الأسود» و»هيئة البحوث الاسترالية» (CSIRO) لمعرفة النبض العاطفي للكوكب بأسره مع مبادرة «نحن نشعر».
من خلال مراقبة موقع تويتر بحثا عن مجموعة كبيرة من المصطلحات المعبرة عن العاطفة والمشاعر وأيضا التقاط عينة عشوائية مؤلفة من واحد بالمئة من التغريدات العامة، يتم تحليل ما معدله 19 ألف تغريدة في الدقيقة لمعرفة شعور المستخدم في أية
لحظة.
النتيجة خريطة من النسب المئوية المقربة لحالات عاطفية مختلفة- دهشة وفرح وحب وحزن وغضب وخوف- في أجزاء مختلفة من العالم، كشفت كيف تزداد مستويات هذه الحالات وتقل أو تصبح أقوى ثم تضعف استجابة لأحداث وطنية وعالمية مختلفة.
يستغل «مشروع قياس السعادة» أيضا تيار تويتر لادراك السعادة النسبية المعبر عنها في اللغات المختلفة؛ بضمنها الإنجليزية والفرنسية والعربية والإندونيسية؛ بعد استخدامهم نصا من تويتر أو الصحف أو كتب غوغل أو حتى من أسماء الأفلام، وجدوا العشرة آلاف كلمة الأكثر استخداما في كل لغة، ثم جعلوا ناطقين بها يقيمون ويصنفون كل كلمة بحسب مقياس الإيجابية أو السلبية.
كشف هذا التحليل أننا نميل عموما باتجاه الإيجابية والسعادة، رغم أن الإسبانية والبرتغالية من اللغات المتفائلة أو المبتهجة بشكل خاص مقارنة باللغات الأخرى.
يستخدم الفريق اليوم النهج نفسه لتحليل معدل السعادة في تويتر، والكشف عن تأثير أحداث مثل المناظرات الرئاسية في الولايات المتحدة (هبوط وتراجع في السعادة)، طلاق براد وأنجلينا (تراجع آخر)، والسماح بزواج المثليين (زيادة في السعادة). استخدم كذلك في معرفة ما يربط السعادة بعوامل أخرى، مثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي، والجغرافيا والتركيبة السكانية في مختلف أرجاء الولايات
المتحدة.
لذا في المرة المقبلة التي تتصفح فيها وسائل التواصل الاجتماعي، توقف لحظة للتفكير مليا في أن ما تقرأه وتشاركه يكشف عما يدور داخل رؤوسنا بدرجة أكبر بكثير مما قد يبدو للوهلة الأولى.
موقع بي بي سي البريطاني
«ماذا يخطر في بالك؟» هكذا يحيي الفيس بوك 1,7 مليار مستخدم نشط لديه كل يوم، إنه أيضا سؤال يطرحه عدد لا يحصى من أطباء الأمراض العقلية والاستشاريين وعلماء النفس على مرضاهم بداية كل جلسة، وهو ما نطرحه بصورة غريزية على صديق أو أحد أفراد العائلة عندما يبدو مضطربا أو منزعجا.
يمكن لنشاطاتنا على وسائل التواصل الاجتماعي أن تمنح فكرة عميقة- وغالبا غير مقصودة- عن صحتنا النفسية والعقلية، لذا ليس من المفاجئ أن يستكشف الاخصائيون المهتمون بصحتنا النفسية اليوم كيفية استخدامهم تلك الإشارات لفهم ’النبض العاطفي‘ للأفراد والمجتمعات والدول وحتى الجنس البشري بأكمله.نوع المشاركات وعدد المرات التي ننشر فيها تكشف جوانب عن شخصيتنا وما يجري في حياتنا أكثر من الكلمات نفسها؛ مثلا وجدت دراسة تضمنت 555 مستخدما للفيس بوك في الولايات المتحدة أن المنفتحين والصريحين يفضلون النشر عن النشاطات الاجتماعية والحياة اليومية ويفعلون ذلك كثيرا.
من يحبون ذاتهم بدرجة أقل يميلون غالبا للنشر عن أحبتهم، أما المصابون بالأمراض العصبية والنفسية فيلجأون للفيس بوك لتحقيق أو اثبات شيء ما وللبحث عن الاهتمام، فيما يستخدم أصحاب الميول النرجسية تحديثات الحالة للتفاخر بانجازاتهم والكتابة عن حميتهم الغذائية أو تمارينهم الرياضية.
اقترحت دراسة أخرى أن من ينشرون الكثير من الصور الملتقطة ذاتيا (أو السيلفي) يكونون بصورة عامة أكثر نرجسية ومصابون بعلل نفسية، ومن يكثرون من تعديل وتحسين صورهم رقميا يعانون من تدني في احترام وحب الذات.
وسائل التواصل كعلاج
كل من ألقى عبارة قاسية غاضبة في الفيس بوك أو نشر تغريدة كئيبة أو باردة في الثالثة صباحا يعلم أن هنالك نوعا من العلاج الذاتي الذي يتضمنه استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي، لكن هل هو مجرد صراخ في فراغ يضخم مشاكلك بدلا من مساعدتك؟
يبدو أن «مركز الصحة العقلية المكسيكي» في مدينة مكسيكو يعتقد ذلك، ونُقل أنه قد أطلق حملة لتحذير المواطنين من أن مشاركة أحزانهم ومشاكلهم عبر الفيس بوك ليست بديلا رخيصا للعلاج النفسي السليم.
غير إن الفراغ يستمع ويمكنه تقديم المساعدة، لذا يدرس الباحثون التحديثات التي يجريها الناس على حالتهم في الفيس بوك أو تغريدات تويتر وكيف يمكنها اطلاق تحذير بأن الشخص قد يقدم على الانتحار مثلا .
مؤخرا أجرت «مؤسسة الكلب الأسود» الأسترالية التي تديرها الباحثة «هيلين كرستينسن» (Helen Christensen) دراسة استخدمت برنامج حاسوب راقب خلال شهرين الكثير من التغريدات بحثا عن عبارات أو مصطلحات معينة مرتبطة بالانتحار، ثم قام باحثون بمساعدة برنامج بتصنيف تلك التي تثير القلق منها، اتفق البرنامج مع المبرمجين البشر كثيرا- مما يفتح احتمالية تعليم البرامج تمييز صرخات الاستغاثة وربما حتى تنبيه العائلة أو الأطباء.
تدرك بعض المجموعات عبر الإنترنت أيضا أهمية التحذيرات ذات الصلة بالانتحار في المنشورات لذا تنظم شبكات الدعم الخاصة بها، صمم الموقع الالكتروني «ريديت لمراقبة الانتحار» ليقدم طريقة للاستجابة ودعم الأعضاء المعرضين للخطر، ورغم أن ساحة الإنترنت العدوانية ما زالت تنتج العدد الذي لا مفر منه من المسيئين والمتصيدين في مثل هذه المواقف، أظهرت العديد من الردود رغبة حقيقية في مساعدة انسان يتألم.
قد تشير قلة التواصل عبر الشبكات الاجتماعية إلى أمراض عقلية أيضا، إحدى الدراسات تستخدم تطبيقا يعمل بالبلوتوث لوضع خريطة لأنماط التواصل الاجتماعي للشباب، وبالتالي يمكنه ملاحظة متى يتواصل ذلك الشخص بشكل أقل مع أصدقائه وينسحب من الشبكات المذكورة، وهي غالبا من علامات الاكتئاب.
كشف التوجهات العاطفية
غالبا ما تمر المجتمعات والدول والبشرية ككل بمراحل وتجارب جيدة وسيئة معا، اجتمعت «مؤسسة الكلب الأسود» و»هيئة البحوث الاسترالية» (CSIRO) لمعرفة النبض العاطفي للكوكب بأسره مع مبادرة «نحن نشعر».
من خلال مراقبة موقع تويتر بحثا عن مجموعة كبيرة من المصطلحات المعبرة عن العاطفة والمشاعر وأيضا التقاط عينة عشوائية مؤلفة من واحد بالمئة من التغريدات العامة، يتم تحليل ما معدله 19 ألف تغريدة في الدقيقة لمعرفة شعور المستخدم في أية
لحظة.
النتيجة خريطة من النسب المئوية المقربة لحالات عاطفية مختلفة- دهشة وفرح وحب وحزن وغضب وخوف- في أجزاء مختلفة من العالم، كشفت كيف تزداد مستويات هذه الحالات وتقل أو تصبح أقوى ثم تضعف استجابة لأحداث وطنية وعالمية مختلفة.
يستغل «مشروع قياس السعادة» أيضا تيار تويتر لادراك السعادة النسبية المعبر عنها في اللغات المختلفة؛ بضمنها الإنجليزية والفرنسية والعربية والإندونيسية؛ بعد استخدامهم نصا من تويتر أو الصحف أو كتب غوغل أو حتى من أسماء الأفلام، وجدوا العشرة آلاف كلمة الأكثر استخداما في كل لغة، ثم جعلوا ناطقين بها يقيمون ويصنفون كل كلمة بحسب مقياس الإيجابية أو السلبية.
كشف هذا التحليل أننا نميل عموما باتجاه الإيجابية والسعادة، رغم أن الإسبانية والبرتغالية من اللغات المتفائلة أو المبتهجة بشكل خاص مقارنة باللغات الأخرى.
يستخدم الفريق اليوم النهج نفسه لتحليل معدل السعادة في تويتر، والكشف عن تأثير أحداث مثل المناظرات الرئاسية في الولايات المتحدة (هبوط وتراجع في السعادة)، طلاق براد وأنجلينا (تراجع آخر)، والسماح بزواج المثليين (زيادة في السعادة). استخدم كذلك في معرفة ما يربط السعادة بعوامل أخرى، مثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي، والجغرافيا والتركيبة السكانية في مختلف أرجاء الولايات
المتحدة.
لذا في المرة المقبلة التي تتصفح فيها وسائل التواصل الاجتماعي، توقف لحظة للتفكير مليا في أن ما تقرأه وتشاركه يكشف عما يدور داخل رؤوسنا بدرجة أكبر بكثير مما قد يبدو للوهلة الأولى.
موقع بي بي سي البريطاني