سبعة كُهّانٍ من أور..
|
سبعة حُكماءٍ من بابلَ... سَبعُ أميراتٍ من آشورْ
|
النيرانُ تُحاصرهم في فردوسِ الوطنِ المغدورْ
|
يَطردهم وحشُ العتمة... من حقلِ النورْ |
...السومريون أَفاقوا من سَماديرِ الرؤى ..
|
فانفتحت على جَحيم العالم السفليِّ... ألفُ بابْ وجاءَ رَبُّ الجُنْدِ من ممالكِ الحقد..
|
إلى أوروك...
|
منتقماً..
|
فأَشعَلَ النيران في نَخيلها... وأَشعَلَ النيرانَ في الأعنابْ
|
أيقَظت المليكَ البابليَّ من سُباتهِ البعيدِ..
|
ضَجَّةُ اللصوصِ في الأسواقْ
|
وفَزَعت كاهِنةُ المعبدِ في آشورْ
|
أهذهِ نهايةُ الكون... وهذي فَورَة التَّنّورْ؟!
|
خائفةٌ عشتار... قانِتٌ تمّوز..
|
مَنْ هؤلاء؟
|
انتزعوا الألوانَ مِن ثمارِ حَقلهِ..
|
وجَرَّحوا الألحانَ... في ليالي الحانْ
|
نَهبوا ما أبدَعَ الزمانُ.. من كُنوزْ
|
...
|
القادمون من أَرومةِ الخَلِّ... ومن مُسْتَعمراتِ النملِ..
|
من بقايا مدنٍ منسيةٍ.. من حُقَبٍ وحشيَّةٍ..
|
من عَفَنٍ في الروحِ..
|
من عَجينٍ فاسدٍ..
|
ومن سُلالات الخَراب والخرائبِ..
|
مَنْ هو انكيدو؟
|
تَقولُ المرأةُ البَغِيُّ... لم يكن لي صاحباً
|
ولَمْ يَذُقْ من ثَمراتِ جَسدي... حُلواً ولا مُرّاً
|
ولم يَكُنْ خِلاًّ لكلكامش... ما رافقَهُ يوماً إلى الماءِ..
|
الذي خَبَّأَ فيه الجدُّ... سرَّ الموتِ والحياة
|
.......
|
تَرتَجفُ النصوصُ في أصابعِ اللصوصْ
|
تَسّاقَطُ القَصائدُ الأوُلى... كما الأسنانُ في الشيخوخةِ..
|
اقتربتُ من كاهنةِ المعبَدِ..
|
كانتْ تَتَخفّى في أزقَّةِ الكرخِ... وكانَ دمُها..
|
يَمتَدُّ من جراحها إلى فضاء الموت... في المتحفِ
|
كانَ ناصر بعل يبكي... بَعدَ أنْ جَرَّدهُ الغُزاةُ من خُوذَتهِ
|
حيثُ رأى الليلةَ... في مواسمِ الأَسلافْ
|
النارَ والرمادْ
|
النارَ والرمادْ
|
النارَ والرمادْ
|
ليس سوى مرثيةٍ سوداءَ... صارَتْ البلادْ
|
...
|
سمعتُ في غيابةِ المتحفِ... صوتاً يصيحْ
|
يا أُمَّنا شبعادْ
|
مَنْ ذا الذي يَطردُنا من لغةِ الملحمةِ الأُولى..
|
ومَنْ ذا الذي يُحيلُنا إلى تُخومِ الظلامْ؟!
|
يا أُمَّنا شبعادْ
|
ليسَ سوى مرثيةٍ سوداءَ... هذه البلادْ
|
.......
|
المجموعة:
|
سبعةُ كُهّان من أورْ
|
سبعةُ حكماءٍ من بابلَ... سَبعُ أميراتٍ من آشورْ
|
ضاعوا في ظلموتِ الماءِ المسجورْ
|
وافترقوا في اللحظات المجذومةِ.. مسمولينَ بأيدي الأوغادْ
|
لا أحدٌ.. يسأل عن بغداد
|
لا أحدٌ يسألُ عن بابل.. عن أور.. وعن آشورْ
|
...
|
شاهدتُ عبد اللهِ في الجوارْ
|
يُمسِّحُ الجدرانَ.. يَستظلُّ بالخرائبِ التي كانت بلاداً
|
ويُقيمُ مأتماً في سرِّهِ.. يفتحُ في الدمارْ باباً.
|
إلى حدائقٍ غَفَتْ على أَديمها عشتارْ
|
وغَيَّبَتْ آلاؤها.. ما خلَّفَ التتارْ
|
أَعادَ للأشجارِ أسماءها..
|
وأعادَ العِطْرَ للأزهار.. والأَلوانَ للثمارْ
|
والخريرَ للسواقي.. والهديرَ للأنهارْ
|
حتى أذا أفاقْ
|
كان الرمادُ سيِّداً..
|
وكانْ..
|
وحشٌ خرافيٌّ يلمٌّ دورة الزمانْ
|
في لحظةٍ غُيِّب عنها الله والأنسانْ
|
وكانَ عبدُ الله والنخيلُ والقبابُ الخُضْرُ والنَهران..
|
في مضارب الأَقنانْ
|
أهذهِ الغيبوبةُ السوداء بغداد
|
وهذا الموتُ بغداد؟
|
لماذا وقَفَتْ في حرمِ التارِيخِ حتى جاءَها القاتِلُ من مأمنها
|
ماذا سيبقى لك إِن لم تَصْعَدي من عثراتِ العالم السُّفليِّ
|
من نار الأساطيرِ إلى نورِ المقاصيرِ
|
وماذا يُلهمُ العشاقَ.. إنْ لم تَغسلي بالضحكِ الأمطارَ..
|
ماذا يُلْهِمُ العُشاق؟
|
...........
|
تَتساقط الأحلامُ.. مثل تساقطِ الأوراق
|
تزدحِمُ الشوارعُ بالعناكبِ.. بالحرابِ وبالترابِ
|
حتى كأنَّ الموت.. يَخْتِلُ وردَها والشوكَ..
|
من ماتَ العَشِيَّةَ.. دون أن يدري لماذا مات في هذي العَشيَّةِ..
|
لا يُثاب ولا يُعابُ..
|
وكأَنَّ كُلَّ يدٍ تُمَدُّ إلى بهائِكِ..
|
أو تَوَدُّّ..
|
يدَ العذابْ
|
المجموعة:
|
في هذا الديجورْ
|
لا قَمرٌ يفتحُ بواباتكِ بغداد.. ولا الأَرضُ تَدورْ
|
هَجَرَ الشعرُ الأرضَ.. وغادَرَ موطنَهُ الماءْ
|
الأوتارُ بقيثارِكِ عُميٌ.. والصمتُ عُواءٌ مقرورْ
|
في هذا الدَيجورْ
|
...
|
لا شاهِدٌ فَطِنٌ.. ولا راوٍ يَقولُ لنا الحقيقَةَ..
|
كُلَّ شاهِدَةٍ تَخطَّفَها السُعارْ
|
وكُلَّ ما خطَّ الجدودُ الصيدُ من أَحلامِنا الأولى..
|
على طِينِ البلادْ
|
أَضحى سَبيّاً..
|
كل ما رسموا وما نَحتوا وما كَتبوا..
|
يُقيمُ مع الرمادْ
|
أهذهِ بغداد؟!
|
أسأَلُ عابرينَ فما أجابوا..
|
أينَ الصِحابُ؟
|
لا سامرٌ في الحيِّ.. لا ضَحِكٌ..
|
ولا صوتُ المؤذِّنِ يذكرُ اسمَ اللهِ..
|
لا ماءٌ قُراحُ.. لا سرابُ
|
هذا الخرابُ..
|
بُستانُ عزرائيل.. يُثمر في مواسمِهِ خرابْ
|
لم يَبْقَ في أرجائهِ شَجَرٌ ولا حَجَرٌ..
|
لقد عَمَّ الخرابْ
|
عَمَّ الخرابْ
|
عم الخرا...
|
لا شاهِدٌ فَطِنٌ.. ولا راوٍ يَقولُ لنا الحقيقَةَ..
|
كُلَّ شاهدةٍ تَخطَّفها السُعارْ
ــ حميد سعيد هادي . ــ ولد في مدينة ( الحلة ) بالعراق عام 1941 ــ تخرج في قسم اللغة العربية ـ جامعة بغداد ــ عمل في التعليم وفي السلك الديبلوماسي والصحافة . ــ من دواوينه : شواطئ لا تعرف الدفء 1964، لغة الأبراج الطينية 1970، قراءة ثامنة 1972 ، ديوان الأغاني الفخرية 1975، حرائق الحضور 1978، رطفولة الماء 1985 ، مملكة عبد الله 1987، ديوان حميد سعيد: 1984 ، باتجاه أفقي أوسع 1992 ، فوضى في غير أوانها1996 ، من الحدائق التسع 1997
|