رسمت لي إحدى سيدات بيروت من ذوات الحضور والنفوذ
الاجتماعيين والسياسيين المستقلين، صورة المشهد الانتخابي العام في البلاد على الوجه
الآتي:
التحالف الثنائي الشيعي بين "حزب الله"
وحركة "أمل"، سيحصد أصوات الطائفة
الشيعية بنسبة ساحقة، ما سيؤدي إلى فوز
مرشحي هذا التحالف، من دون أن يتمكن أحد من إحداث أيّ اختراقٍ حقيقي. الاختراق الوحيد
الممكن سيكون في نسبة الأصوات التي سينالها المستقلون والمدنيون والديموقراطيون، وهي
نسبة لن تستطيع أن تلامس احتمالات الفوز.
التحالف الثنائي المسيحي بين "التيار الوطني
الحرّ" و"حزب القوات اللبنانية"، قد لا يستطيع أن يحقّق فوزاً ساحقاً،
موازياً لما سيحققه التحالف الثنائي الشيعي، لكنه سيتمكن من حصد النسبة الكبرى من المقاعد،
بالضربة القاضية، وبالتحالف مع "تيار المستقبل" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"،
ولِمَ لا بالتحالف الموضوعي مع الثنائي الشيعي حيث تدعو الحاجة.
خرجت السيدة المتمكنة جداً من تفاصيل الواقع الانتخابي
وخلفياته، باستنتاج "موضوعي" أوّلي مفاده أن الانتخابات المقبلة ستكون نتائجها
محسومة سلفاً، بنسبة تسعين في المئة، إنْ لم يكن أكثر. لكن السيدة المقرّبة جداً في
الآن نفسه من الاتجاهات التغييرية التي ترفض الاستسلام للأمر الواقع، والعاملة بدأب
شديد على تأليف شبكة واسعة من العلاقات الإنسانية والمجتمعية والسياسية المتآلفة، التي
من شأنها بلورة عمل تنظيمي انتخابي "مضاد"، في بيروت الكبرى وفي مناطق جبل
لبنان المختلفة، كما في مناطق الأطراف، تعرب عن ثقتها بأنها، مع مجموعة من الناشطين
والناشطات المجتمعيين والاقتصاديين، ستتمكن من إحداث "صدمة" نوعية جماعية
لدى الرأي العام ولدى الطبقة السياسية نفسها التي لم يعد في وسعها أن تتجاهل ضرورة
إشراك القوى المدنية في إدارة البلاد وضخ دم جديد في الحياة السياسية اللبنانية.
تعرّفتُ إلى هذه السيدة وإلى المجموعات الضاغطة
العاملة معها، من رجال بيروت ونسائها، عندما كنتُ أنشط على الأرض خلال الأسابيع القليلة
الماضية، لأرى إلى أيّ حدّ يمكن خوض غمار العمل السياسي المباشر، وتفعيل الاعتراض المجتمعي
على ما يجري حالياً على المستوى السياسي العام، من تسويقاتٍ مسبقة تفضي إلى احتكار
القوى السياسية التقليدية للسلطة في الاستحقاق الانتخابي المقبل.
كلّ ما أعرفه، أني لن أغيّر اقتناعاتني ومفاهيمي،
وإنْ سُدّت كلّ السبل في وجه التغيير المنشود. كلّ ما أعرفه أيضاً، أن الناس هم المعنيون
بإحداث هذا التغيير، وأن أبناءهم سيرثون الأثقال التي لم يرفعوها عن الأكتاف.
الناس هم الحلّ. ولن يستطيع أحدٌ أن يسوق الناس
كـ"قطيع"... إلاّ إذا أراد الناس أن يكونوا قطيعاً!
Joumana.haddad@annahar.com.lb / Twitter: @joumana333