موسى حوامدة في معرض القاهرة الدولي للكتاب
لا حرف عندي يخدش النبيل
شارك الشاعر موسى حوامدة في معرض القاهرة الدولي
للكتاب الثامن والأربعين في
أمسية شعرية في قاعة صلاح عبدالصبور، وقد اهدى قراءته إلى
عدد من الشعراء المصريين الراحلين وعلى رأسهم محمد عفيفي مطر وحلمي سالم وسيد حجاب.
وقرأ حوامدة من قصائده الجديدة التي من المتوقع
أن تصدر في كتاب عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، تحت عنوان "سامضي إلى العدم"
وسبق ان أصدرت له الهيئة مجموعة "موتى يجرون السماء" ضمن سلسلة إبداع عربي،
كما نشرت له هيئة قصور الثقافة عندما كان يديرها المرحوم ابراهيم أصلان مختارات شعرية
تحت عنوان "سلالتي الريح وعنواني المطر"
ومن بين القصائد التي قرأها، عند منعطف الحلم
عندَ مُنعطفِ الحُلمِ
بينَ التَفعيلةِ وشَهوةِ النثرِ
وَجدتُ ذراعَكِ سَنْديانَ القَصيْدة
وأصابعَكِ أقلامَ الكِتابَة
حروفُ اللُّغةِ من بَينِ يَديكِ
تَشْتَهي أنَ تُسكبَ في أنهارِ الصَّبابَةِ
في أطراسِ الحَنين
ودَفاترِ العُشَّاق.
وعلى مَرمَى النارِ
تحتَ رصاصِ الحربِ المُنْهَمرِ
لم أعدْ أُفرِّقُ بينَ الجِهةِ الغادرةِ
وَجَبْهَةِ العدوِ
خانَتْني الأرضُ
وسَرقتْ جُثَّتي منّي
خانَتْني الشمسُ
وسَلَبتْ وَجهَكِ من صَباحاتي
خانَتْني الغيومُ
وتلاشَتْ في الزَوال الأخيرْ.
قبلَ اكتمالِ البَنَفْسَجِ
ارتطمتْ قَصيدتي بكَمينِ الشرِّ
تحتَ وسادةِ اللغةِ
وَضَعوا لَكِ يا حَبيبتي عِلَّةَ الزَهْوِ
والزهوُ آفةُ الكَمانِ
وخريفُ المُحبين.
وعلى مَرمى الكِنايَةِ
وجدتُ روحي تَغْرَقُ في حِبرِ الخَديعة
كلَّما كتبتً سَطراً
مَحَتْهُ السُيولُ الطينيةُ
وكلَّما رَسَمْتُ شَجَرةً
قَصَفَتْها الزَوْبَعة.
لم أكنْ أعرفُ أن القتيلَ
يحتاجُ إلى شهادةِ حُسنِ سلوكٍ لمَوْعدِ القيامة
حتى انهارَ جدارُ الوهمِ الأخير
وطَمسَتْ وجهَهَا الأوراقُ البَيْضاءُ
صارتْ عُمْلةً رَديئَةً
لا تَصْلُحُ لتجفيفِ الدُّموع.
وقرأ قصيدة بعنوان
ذاهلٌ عني
ذاهلٌ عني
عنْ مَطلعِ الشمسِ وميعادِ الذنوبِ
ذاهلٌ عن صَفاءِ الخَييبةِ
ورَصانةِ المَسافةِ
وحَريرِ الذِّكرياتِ
إن لم تَعضُدي روحي بجُروحِها
وتَسكُبي ماءَكِ المُستريبَ على وَحْشَتي.
ذاهلٌ عن مَعْنى المَعَاني
وأنتِ تَرشُقينَ هواجِسي بالخِذْلان
وهَشاشَتي بزَوَغان الكَلمات
وأعْذاريَ بالخَطيئة.
كلُّنا كُهوفٌ مَخبوءَةٌ
تعجزُ الأبوابُ عن سَرْدِ عَتمتها
قلبي لا تُقيةَ لَديهِ
ولا أشجارَ تَحميهِ من النُوْر
وعُذري لا تكافئُه النُدوب.
كم مرَّةً جرَحَني اللهُ
وسَكتُّ..
فلا حَرْفَ عندي يَخدِشُ النَبيل
كم نمتُ على خَطلِ اللِّسانِ
وغَدرِ النسيانِ
ولم تغفرْ ليَ الكُروم
لم تَحسَبْني السَّنواتُ من أيَّامِها
ولا الفصولُ من حِصةِ الأعيادِ فيها.
نَفَتْني الأَرْضُ كَما تُنفَى الخَطايا
ولمْ تُشوِّه جَبينيَ العُيوبُ
بقيتُ خارجَ العُزلَة
مَطْوياً
مَكْسوراً صَالحاً لهَزيمةٍ
طَريَّاً مُغْبَرّاً كما تَشاءُ الصحراءُ
مريضاً بألمِ الطينِ
وَوجعِ الجبالِ
مُعافى من تُرابِ الحِقد
وغُبن التَّضَاريس.
أصيرُ شيئاً لا مَلامحَ له
عبثاً يُطاردُ الوَهم
وَهْماً مَريضاً بَلا سَببٍ
سببٍ ناقصٍ من كَمالِ الطُفولَةِ
من صَولَجانِ الرُّعونة.
أَنْبِئيني أيُّتهَا الوِهَادُ عنْ حَالي في العَراءِ
وسَّحْنَّتي فوقَ لَعنةِ الجُنودِ
وخَوفي من دُنوِّ الفُرسان
أخْبِريني يا خائنةَ الأَرْضِ
أيُّ ريحٍ حَملتْ نَعْشي
يومَ سُقوطِ الشُّهب
أيُّ بَلاءٍ حَمَى جثُّتي
من رَصَاصِ الضَّغَينة.
عاقرٌ هيَّ الأرضُ
ومتِّسخٌ ثوبُ النَّوايا
فكوني غرابَ البّينِ
يَجلسُ مرتاحَ الضَّمير
بعدَ حَريقِ الغابة.