لا شك بأن هناك حرفية في كتابة الفنون الأدبية، وهناك معيارية خاصة في العمل القصصي؛ فمن يكتب الحكاية ليس كمن يكتب الأقصوصة، ومن يكتب الأقصوصة ليس
كمن يكتب القصة القصيرة، ومن يكتب القصة القصيرة ليس كمن يكتب القصة المتوسطة، ومن يكتب القصة المتوسطة ليس كمن يكتب القصة الطويلة، ومن يكتب القصة الطويلة، ليس كمن يكتب الرواية.
ولكن دعونا من البطولات المعرفية، وفرد العضلات اللغوية، وتعال معي أيها القارئ الكريم لنتحدث ببساطة وبسجية مطبوعة غير مصطنعة أو متكلفة، العمل القصصي يستوجب السرية التامة بخوف وحرص حذر؛ خوف من السرقة، وحرص من تفكك الحبكة، وحذر من عين الحاسدين، «الكاتب سريع الإصابة العين»، فلا تبوح لأحد كائن ما كان بعملك الأدبي حتى ينشر، أو على أقل تقدير يذهب إلى المطبعة للنشر بدءا من عنوان القصة، كذلك العمل القصصي لا يحب أن يشرك معه أي عمل آخر، كما يقول المثل المصري «زي الفريك ما يحبش شريك»، والعمل القصصي يحب التفرغ الذهني الخالص، وهذا ما يميز قاص على آخر، كما أننا نحذر من الاندفاع بالكتابة المبكرة المنشورة - وأؤكد على المنشورة - ونأمل من الشباب التريث والتروي ريثما تتعانق الملكة بالثراء اللغوي، فإذا رأى القاص أنه جاهز لكتابة القصة، فليكتبها كتابة أولى بأي شكل من الأشكال وبأية لغة أو لهجة يراها حاضرة المهم في ذلك أن يؤسس لها، وهذا الأساس سوف أطلق عليه «عظم القصة»، لطالما فكرة الحدث المتكامل «الثيمة» موجودة في ذهنه، فلا تشغل نفسك بتقنيات القصة، ولا تأبه لمعيارية الكتابة القصصية، فكل ذلك سوف يأتي تباعا عندما تقرأ القصة التي كتبتها وتراجعها مرة تلو المرة، الأمر الذي سوف يتيح لك استبدال لفظة بدل لفظة أخرى ووضعها في سياقها الصحيح، وإضافة أحداث فرعية، وزيادة عدد الشخوص، والانفتاح على أزمنة متنوعة، والتعرف على أمكنة متعددة، ثم بعد ذلك ننصحك باستغلال الحالات الروحانية للكتابة، حيث إنها لا تأتي وقت ما نشاء بل وقت ما تشاء هي، وفي كثير من الأحايين تنتاب الكاتب حالة من الصداع، والعصبية، وكراهية مسك القلم، ويشعر بالاختناق، ويرغب في البكاء، ويود أن يكمل القصة مع نفسه ذهنيا؛ فلا بأس في كل ذلك، نقول له: مزق الورق، ارم القلم، أجهش بالبكاء حتى لو علا صوت نحيبك، خفف من ملابسك، اترك الكتابة وقم بالمشي حافيا على أرضية باردة سوف يساعدك ذلك كثيرا على الاسترخاء وإعادة توازنك الذهني والعصبي، المهم أن تتنفس قليلا من الضيقة، وبعد أن تهدأ اجمع قصاصات ما مزقت، وابحث عن قلمك، امسك ما استطاعت من كتابة القصة في ذهنك ولو جملة صغير وبسيطة، حتى إذاما عادت لك حالة الكتابة الروحانية، فانطلق من هذه الجملة للاستمرار في الكتابة مرة أخرى، فحالة التوقف عن الكتابة لا تدوم كثيرا، كذلك ينبغي أن يكون لديك قلم آخر احتياط؛ قلم سائل سريع الكتابة، وفي حال حضرتك فكرة أو إضافة ليست في محلها؛ فسارع بتدوينها على إحدى زوايا الورقة وضع حولها دائرة، لكي يتسنى لك العودة لها مرة أخرى وتوظيفها إما في سابق ما كتبت أو لاحقه، كذلك عليك أن تعيش أحداث القصة تنام مع القصة وتحلم بالقصة وتصحو للقصة، أنصحك أيضا، أن تدون كل صغيرة وكبيرة من مواقف وأحداث في جهازك المحمول، حاول أن تدون كل فكرة تطرأ على بالك، كل كلمة أعجبتك وتريد أن توظفها لصالح مشهد معين، كل حركة، كل نظرة، فليكن جهازك المحمول هو مفكرتك التي تدون بها لحظة بلحظة، لكي تعود إلى ما دونت فيما بعد بما يخدم قصتك- ولاسيما- بعض الألفاظ، وعليك أن تعايش الناس جميعا بجميع فئاتهم وترصد حركاتهم سكناتهم طباعهم طريقة عيشهم، حتى إذا سافرت حاول أن تتخلص من بروتوكول السفر وتنزل إلى الشارع، لا أقول لك أن تقوم بما يقوم به البعض من أعمال غير مقبولة، ولكن كن فاحصا مدققا مقشرا منقرا مدونا، القصة لا تحب العزلة؛ فإذا شعرت برغبة في اعتزال الناس فلا ضير في ذلك على ألا تتجاوز المدة يومين اثنين، فكتابة القصة ليست ككتابة البحث العلمي في التاريخ واللغة والعقيدة التي من الممكن أن يعتزل الباحث فيها الناس لمدة أشهر أو سنوات، وتذكر بأن القصة تنشأ كالجنين ينمو في بطن أمه، ويولد ويترعرع ويكبر، فلا تخشى النقد في بواكير أعمالك القصصية، ولكن لكي تتجنب المحبط والمثبط للمعنويات من بعض النقاد الذين يقتاتون على مثل هذه الأخطاء، أنصحك بل أرجوك إن لم أكن أتوسل إليك، عملك ملكك ما لم ينشر، وملك الآخرين إذا نشر ورأى النور، فأعد القراءة تلو القراءة قبل الندم وفوات الأوان، ودعك من المتشدقين في ديناميكية السرد؛ فالقصة في الأصل هي حكاية ورواية، تحكى وتروى بالألسن، تحكيها جدتي وجدتك، ويتناقلها الرواة شفاهة، مهارتها في عنصري الجذب والتشويق، والقدرة على الوصف والتصوير.
أنصحك أن تطبع قصتك خطوة بخطوة على جهازك اللاب توب أو الكمبيوتر: فمثلا تكتب في حالة الإلهام والبديهة الحاضرة، وفي حالة الإعراض اطبع ما كتبت على جهازك بسرية تامة، وفي كل مرة تطبع فيها سوف تجد نفسك تلقائيا تستبدل كلمة وجملة وتضيف أحداثا، وتحذف مواضع، فكتابة العشر صفحات مع مرور الوقت وتعدد قراءة المراجعة في كل مرة سوف تتجاوز المئة صفحة، ولكن ليس العبرة بكثرة الألفاظ التي تحشو الصفحات، فالألفاظ جاثمة في المعاجم لن تطير، و قابعة في كتب فقه اللغة لن تبرح مكانها، وسوف تجدها على قارعة الطريق، وهي - أيضا - طريحة بطريقة مزرية في كثير من القصص وتراجم الأفلام والمسلسلات الأجنبية، وهي ليست حكرا على أحد، وليست ملكا لأحد، أيضا ليست العبرة في استعارتها، بل العبرة في توظيفها التوظيف السليم في القصة، ووضع اللفظة في سياقها المفيد والمؤثر، والقصة لا تحتاج إلى فرد عضلات لغوية، فيكفيها بعض الكلمات المعجمية، ولكنها تعتمد على فنية ربط الأحداث بأسلوب سلس ومريح للقارئ وتصوير خلجات النفس ومهارتها في رسم الشخوص؛ فلا يبهرنك أو يغرنك ما تقرأ في بعض من الروايات، فمن السهل على الإنسان الاقتباس والنقل من هنا وهناك، والاعتماد على الغير، ولكننا نحتاج إلى قلمك أنت، نحتاج إلى روح كتابتك مهما كانت درجة جودتها المهم أنها صناعة أصلية وليست مستوردة؛ فنحن نقرأ وأثناء قراءتنا اكتشفنا كثيرا من الروايات مكتوبة بأيدي الغير، وليست أصلية الجنسية.
لا تشغل نفسك في بادئ الأمر بمؤثرات القصة، اترك جودة الحبكة القصصية في النهايات، فكثرة القراءة والمراجعة ستمنحك حبكة قصصية متماسكة ومتناغمة ومنسجمة المقومات، فقط امنح نفسك فرصة لكتابة جيدة كالرسام المبدع إذا أمسك بالريشة وهام بها، لا تستعجل رهافة القص، حتى لو جاءت قصصك جافة، وانتابك شعور بأنك لا تصلح لكتابة قصة، فلا ضير في ذلك استمر في الكتابة لطالما لديك القدرة على الكتابة، ولطالما لديك «روح القصة»، ومن ثم سوف تأتي رهافة القص، وتدفئ قصتك بحسك القصصي، اكتبوا وثقوا لهذا العصر، لقد سئمنا قصص ابن الغني يتزوج بنت الفقير وابن الفقير يتزوج بنت الغني وصراع الطبقات، نريد عناوين جديدة من مثل « قطط انستغرام، لأني أسود، الأسود يليق بك، خرائط التيه.... وهكذا « آن الأوان أن تكتبوا بلغة عصرنا، أيضا نصيحتي لك أيها القاص بألا تضع كل أفكارك وطباعك في شخصية واحدة، بل قسمها بمهارة، ووزعها على كل شخوص القصة «الرئيسة، الثانوية، الهامشية» وتذكر بأن الكمال لله، حتى عنصر الزمان والمكان امنحه شيئا من فكرك، فكم عمل مكتوب عندما انتقل إلى عمل مرئي ومسموع، أنقذه الممثل المقتدر أو الممثلة المقتدرة وستراه من خلل كاتبه.
فائدة: هناك مجموعات قصصية قصيرة كثيرة للشباب، بعد إطلاعنا على ما أمكن من بعضها، وجدنا فيها بعض القصص يصلح مشروعا لقصة متوسطة، وبعضها مشروعا لقصة طويلة، وبعضها مشروعا لرواية، إذاما أعيد كتابتها من جديد، بإضافة أحداث فرعية لا تضر بفكرة القصة الرئيسة «الثيمة»، بل تمنحها شيئا من عنصر التشويق، ومعها سوف تزداد الشخصيات الثانوية والهامشية، وتكثر الأزمنة المختلفة، وتضاف أماكن متعددة. وكل ذلك يصب في مصلحة المشهد الأدبي- لاسيما- إذاما انتقل العمل الأدبي من المكتوب إلى المرئي والمسموع، فالتلفزيون والسينما والإذاعة بحاجة إلى مثل هذه الأعمال الدسمة والمكتملة.
* كاتب وباحث لغوي كويتي
fahd61rashed@hotmail.com
كمن يكتب القصة القصيرة، ومن يكتب القصة القصيرة ليس كمن يكتب القصة المتوسطة، ومن يكتب القصة المتوسطة ليس كمن يكتب القصة الطويلة، ومن يكتب القصة الطويلة، ليس كمن يكتب الرواية.
ولكن دعونا من البطولات المعرفية، وفرد العضلات اللغوية، وتعال معي أيها القارئ الكريم لنتحدث ببساطة وبسجية مطبوعة غير مصطنعة أو متكلفة، العمل القصصي يستوجب السرية التامة بخوف وحرص حذر؛ خوف من السرقة، وحرص من تفكك الحبكة، وحذر من عين الحاسدين، «الكاتب سريع الإصابة العين»، فلا تبوح لأحد كائن ما كان بعملك الأدبي حتى ينشر، أو على أقل تقدير يذهب إلى المطبعة للنشر بدءا من عنوان القصة، كذلك العمل القصصي لا يحب أن يشرك معه أي عمل آخر، كما يقول المثل المصري «زي الفريك ما يحبش شريك»، والعمل القصصي يحب التفرغ الذهني الخالص، وهذا ما يميز قاص على آخر، كما أننا نحذر من الاندفاع بالكتابة المبكرة المنشورة - وأؤكد على المنشورة - ونأمل من الشباب التريث والتروي ريثما تتعانق الملكة بالثراء اللغوي، فإذا رأى القاص أنه جاهز لكتابة القصة، فليكتبها كتابة أولى بأي شكل من الأشكال وبأية لغة أو لهجة يراها حاضرة المهم في ذلك أن يؤسس لها، وهذا الأساس سوف أطلق عليه «عظم القصة»، لطالما فكرة الحدث المتكامل «الثيمة» موجودة في ذهنه، فلا تشغل نفسك بتقنيات القصة، ولا تأبه لمعيارية الكتابة القصصية، فكل ذلك سوف يأتي تباعا عندما تقرأ القصة التي كتبتها وتراجعها مرة تلو المرة، الأمر الذي سوف يتيح لك استبدال لفظة بدل لفظة أخرى ووضعها في سياقها الصحيح، وإضافة أحداث فرعية، وزيادة عدد الشخوص، والانفتاح على أزمنة متنوعة، والتعرف على أمكنة متعددة، ثم بعد ذلك ننصحك باستغلال الحالات الروحانية للكتابة، حيث إنها لا تأتي وقت ما نشاء بل وقت ما تشاء هي، وفي كثير من الأحايين تنتاب الكاتب حالة من الصداع، والعصبية، وكراهية مسك القلم، ويشعر بالاختناق، ويرغب في البكاء، ويود أن يكمل القصة مع نفسه ذهنيا؛ فلا بأس في كل ذلك، نقول له: مزق الورق، ارم القلم، أجهش بالبكاء حتى لو علا صوت نحيبك، خفف من ملابسك، اترك الكتابة وقم بالمشي حافيا على أرضية باردة سوف يساعدك ذلك كثيرا على الاسترخاء وإعادة توازنك الذهني والعصبي، المهم أن تتنفس قليلا من الضيقة، وبعد أن تهدأ اجمع قصاصات ما مزقت، وابحث عن قلمك، امسك ما استطاعت من كتابة القصة في ذهنك ولو جملة صغير وبسيطة، حتى إذاما عادت لك حالة الكتابة الروحانية، فانطلق من هذه الجملة للاستمرار في الكتابة مرة أخرى، فحالة التوقف عن الكتابة لا تدوم كثيرا، كذلك ينبغي أن يكون لديك قلم آخر احتياط؛ قلم سائل سريع الكتابة، وفي حال حضرتك فكرة أو إضافة ليست في محلها؛ فسارع بتدوينها على إحدى زوايا الورقة وضع حولها دائرة، لكي يتسنى لك العودة لها مرة أخرى وتوظيفها إما في سابق ما كتبت أو لاحقه، كذلك عليك أن تعيش أحداث القصة تنام مع القصة وتحلم بالقصة وتصحو للقصة، أنصحك أيضا، أن تدون كل صغيرة وكبيرة من مواقف وأحداث في جهازك المحمول، حاول أن تدون كل فكرة تطرأ على بالك، كل كلمة أعجبتك وتريد أن توظفها لصالح مشهد معين، كل حركة، كل نظرة، فليكن جهازك المحمول هو مفكرتك التي تدون بها لحظة بلحظة، لكي تعود إلى ما دونت فيما بعد بما يخدم قصتك- ولاسيما- بعض الألفاظ، وعليك أن تعايش الناس جميعا بجميع فئاتهم وترصد حركاتهم سكناتهم طباعهم طريقة عيشهم، حتى إذا سافرت حاول أن تتخلص من بروتوكول السفر وتنزل إلى الشارع، لا أقول لك أن تقوم بما يقوم به البعض من أعمال غير مقبولة، ولكن كن فاحصا مدققا مقشرا منقرا مدونا، القصة لا تحب العزلة؛ فإذا شعرت برغبة في اعتزال الناس فلا ضير في ذلك على ألا تتجاوز المدة يومين اثنين، فكتابة القصة ليست ككتابة البحث العلمي في التاريخ واللغة والعقيدة التي من الممكن أن يعتزل الباحث فيها الناس لمدة أشهر أو سنوات، وتذكر بأن القصة تنشأ كالجنين ينمو في بطن أمه، ويولد ويترعرع ويكبر، فلا تخشى النقد في بواكير أعمالك القصصية، ولكن لكي تتجنب المحبط والمثبط للمعنويات من بعض النقاد الذين يقتاتون على مثل هذه الأخطاء، أنصحك بل أرجوك إن لم أكن أتوسل إليك، عملك ملكك ما لم ينشر، وملك الآخرين إذا نشر ورأى النور، فأعد القراءة تلو القراءة قبل الندم وفوات الأوان، ودعك من المتشدقين في ديناميكية السرد؛ فالقصة في الأصل هي حكاية ورواية، تحكى وتروى بالألسن، تحكيها جدتي وجدتك، ويتناقلها الرواة شفاهة، مهارتها في عنصري الجذب والتشويق، والقدرة على الوصف والتصوير.
أنصحك أن تطبع قصتك خطوة بخطوة على جهازك اللاب توب أو الكمبيوتر: فمثلا تكتب في حالة الإلهام والبديهة الحاضرة، وفي حالة الإعراض اطبع ما كتبت على جهازك بسرية تامة، وفي كل مرة تطبع فيها سوف تجد نفسك تلقائيا تستبدل كلمة وجملة وتضيف أحداثا، وتحذف مواضع، فكتابة العشر صفحات مع مرور الوقت وتعدد قراءة المراجعة في كل مرة سوف تتجاوز المئة صفحة، ولكن ليس العبرة بكثرة الألفاظ التي تحشو الصفحات، فالألفاظ جاثمة في المعاجم لن تطير، و قابعة في كتب فقه اللغة لن تبرح مكانها، وسوف تجدها على قارعة الطريق، وهي - أيضا - طريحة بطريقة مزرية في كثير من القصص وتراجم الأفلام والمسلسلات الأجنبية، وهي ليست حكرا على أحد، وليست ملكا لأحد، أيضا ليست العبرة في استعارتها، بل العبرة في توظيفها التوظيف السليم في القصة، ووضع اللفظة في سياقها المفيد والمؤثر، والقصة لا تحتاج إلى فرد عضلات لغوية، فيكفيها بعض الكلمات المعجمية، ولكنها تعتمد على فنية ربط الأحداث بأسلوب سلس ومريح للقارئ وتصوير خلجات النفس ومهارتها في رسم الشخوص؛ فلا يبهرنك أو يغرنك ما تقرأ في بعض من الروايات، فمن السهل على الإنسان الاقتباس والنقل من هنا وهناك، والاعتماد على الغير، ولكننا نحتاج إلى قلمك أنت، نحتاج إلى روح كتابتك مهما كانت درجة جودتها المهم أنها صناعة أصلية وليست مستوردة؛ فنحن نقرأ وأثناء قراءتنا اكتشفنا كثيرا من الروايات مكتوبة بأيدي الغير، وليست أصلية الجنسية.
لا تشغل نفسك في بادئ الأمر بمؤثرات القصة، اترك جودة الحبكة القصصية في النهايات، فكثرة القراءة والمراجعة ستمنحك حبكة قصصية متماسكة ومتناغمة ومنسجمة المقومات، فقط امنح نفسك فرصة لكتابة جيدة كالرسام المبدع إذا أمسك بالريشة وهام بها، لا تستعجل رهافة القص، حتى لو جاءت قصصك جافة، وانتابك شعور بأنك لا تصلح لكتابة قصة، فلا ضير في ذلك استمر في الكتابة لطالما لديك القدرة على الكتابة، ولطالما لديك «روح القصة»، ومن ثم سوف تأتي رهافة القص، وتدفئ قصتك بحسك القصصي، اكتبوا وثقوا لهذا العصر، لقد سئمنا قصص ابن الغني يتزوج بنت الفقير وابن الفقير يتزوج بنت الغني وصراع الطبقات، نريد عناوين جديدة من مثل « قطط انستغرام، لأني أسود، الأسود يليق بك، خرائط التيه.... وهكذا « آن الأوان أن تكتبوا بلغة عصرنا، أيضا نصيحتي لك أيها القاص بألا تضع كل أفكارك وطباعك في شخصية واحدة، بل قسمها بمهارة، ووزعها على كل شخوص القصة «الرئيسة، الثانوية، الهامشية» وتذكر بأن الكمال لله، حتى عنصر الزمان والمكان امنحه شيئا من فكرك، فكم عمل مكتوب عندما انتقل إلى عمل مرئي ومسموع، أنقذه الممثل المقتدر أو الممثلة المقتدرة وستراه من خلل كاتبه.
فائدة: هناك مجموعات قصصية قصيرة كثيرة للشباب، بعد إطلاعنا على ما أمكن من بعضها، وجدنا فيها بعض القصص يصلح مشروعا لقصة متوسطة، وبعضها مشروعا لقصة طويلة، وبعضها مشروعا لرواية، إذاما أعيد كتابتها من جديد، بإضافة أحداث فرعية لا تضر بفكرة القصة الرئيسة «الثيمة»، بل تمنحها شيئا من عنصر التشويق، ومعها سوف تزداد الشخصيات الثانوية والهامشية، وتكثر الأزمنة المختلفة، وتضاف أماكن متعددة. وكل ذلك يصب في مصلحة المشهد الأدبي- لاسيما- إذاما انتقل العمل الأدبي من المكتوب إلى المرئي والمسموع، فالتلفزيون والسينما والإذاعة بحاجة إلى مثل هذه الأعمال الدسمة والمكتملة.
* كاتب وباحث لغوي كويتي
fahd61rashed@hotmail.com