“البلية فيها و فيها”، لكن “بلية” الرقمي هي نوع من الهروب إلى الإفتراض، إلى المأمول والمرغوب من يوميات مغايرة للواقع. وذلك ما أعطته مواقع التواصل
الإجتماعي بكل بساطة لنا. نعيش لحظة مغايرة للحظاتنا المعتادة، نبدوا على غير عاداتنا و على غير هيأتنا و على غير طباعنا، نبدو… رائعين حالمين ودودين غير متكلفين، نبدو دون خطايا يومية وعثرات معيشية.
يتحدث الواحد منا عن جلوسه امام التلفاز ومشاهدة برنامج وثائقي علمي أو فكري. فيبدو في الطرف الأخر جالسا فوق أريكة من الرفاهية وسط جدران مزينة بلوحات فان غوخ، ويرتدي قميص نوم من الحرير. لكن الحقيقة مغايرة فالأريكة عبارة عن “سداري” عادي جدا “بخديات” منتفخة حد الانفجار. والبرنامج الوثائقي العلمي الفكري هو في الأصل فيلم حركة رديء جدا “الطايح فيه كثر من النايض”. اما الجدران فتزينها ساعة ضخمة وحيدة و يتيمة وباقي الجدران عارية تماما.
هكذا هو الإفتراض، مثل الأبراج الحلم بما ليس كائن و الحلم بما لا يمكن تحقيق نصفه على الأقل. الافتراض يجعلك تسمع إلى موسيقى موزار أو طرب الألة أو الجاز أو أم كلثوم او فيروز. لكن الواقع يؤكد انك تستمع إلى “هز جر” في محاولة لتحريك الجسد على غير طبيعة الخمول اليومي.
…الإفتراض دائما أجمل و أسهل من الواقع..