أديب فلسطيني، ولد في القدس وعاش فيها حتى أصبحت تسري في دمه. في مدارسها تعلم أبجدية اللغة، وفي صحفها نشر أول إبداعاته. عمل في صحف كثيرة، وكان مدرسا
في أحد مدارس القدس ينشئ جيلا جديدا من الطلبة، تعرض للاعتقال، فرضت عليه الإقامة الجبرية، لكنه لم يتخل عن مواقفه الوطنية.
وبقي يواصل نشاطه الثقافي، والإبداعي، أصدر عددا من الروايات، وساهم بإنشاء ندوة اليوم السابع عام ١٩٩١مع عدد من الكتاب المقدسيين التي تواصل عملها حتى اليوم. رغم أنه اقترب من السبعين من العمر فلا يزال يمارس نشاطه الأدبي، والثقافي بحماس الشباب، وبعزيمة لا تعرف الاستسلام.
في ديوان العرب التقينا بالأديب جميل السلحوت، وكان لنا هذا الحوار
- حدثنا عن طفولتك، متى بدأت تتجه للكتابة؟ هل ساعدك أحد؟ هل وفر الأهل لك الوقت للكتابة؟ أبرز الصعوبات التي واجهتها في الكتابة؟
ولدت عام ١٩٤٩ في عرب السواحرة، جبل المكبر، خمسة كم جنوب أسوار القدس، وهم عشائر بدوية بدأوا يستقرون في عشرينات القرن العشرين، وكانت الأميّة هي السائدة في فترة طفولتي، أول مدرسة للبنين افتتحت في القرية عام ١٩٤٤، فأبواي أميّان، ولم يكن هناك كهرباء أو راديو أو تلفزيون أو حتى صحيفة، وعشت طفولة ذبيحة، وسط حياة فقر مدقع. دخلت المدرسة في سن السّادسة بطريقة استثنائيّة، لمرابطتي على نافذة الصّف الذي يدرس فيه أخي الذي يكبرني بعامين، ورسب في الصّفّ الابتدائيّ الأوّل، ولأنّني كنت أجيب على أسئلة المعلم إجابات صحيحة دون استئذان مع أنّني خارج الصّفّ، فقد أشفق عليّ المدرس عندما أمطرت السّماء وأنا على النّافذة، فتكلّم مع المدير بخصوصي، فوافق بدوره على إدخالي الصّفّ موضّحا بأنّني إذا نجحت؛ فسيسجّلونني في نهاية العام ويرفّعونني، وإذا لم أنجح فسيسجّلونني للعام القادم للصّف الأوّل، كان سنّ السّابعة هو سنّ القبول للأوّل ابتدائي، وانتهى العام الدّراسي بتفوّقي، وحصولي على طابة ثمنها قرش أردني كمكافأة.
في الصّفّ الرّابع عاقبني مدرّس اللغة العربيّة على موضوع تعبير كتبته، متّهما إيّاي بأنّ أحد والديّ قد كتبه لي، فأقسمت له بأنّني من كتبه، فزاد سخطه عليّ بحجة أنّني أقسمت يمينا كاذبا، ولم أكن أعرف وقتها أن والديّ كانا أميّين، ومرّ بنا معلم الدّين وهو يضربني وأنا أبكي، فأمسك به عنّي وهو يقول: هذا طالب مجتهد لماذا تضربه؟ فأخبره قصّتي، فقال له معلم الدّين: هذا مجتهد ويكتب عبارات قويّة، وإذا لم تصدّق خذه إلى غرفة المعلمين، واطلب منه أن يكتب موضوعا جديدا، فكتبت موضوعا عن "يوم ماطر" حيث كان ذلك اليوم ماطرا. ولما قرأه المعلم أعجب به، فكافأني بلطمة على رأسي! وقال: (يبدو انك شاطر يا تيس)!
وكانت على طاولة المعلمين مجلّة (رسالة المعلم)، فأمسكت بها وشرعت أقرأ، فانتبه لي معلم الدّين، وسألني إن كنت أفهم المكتوب فيها، وعرض عليّ أن آخذها معي حتى يوم غد، فأخذتها، وفي اليوم التّالي ناقشني في قصّة مكتوبة بقلم أحد المعلمين في مدرسة أخرى، فأعجب بها، وفي اليوم الذي يليه أحضر لي مجموعة قصصيّة لمحمود سيف الدّين الإيراني، فقرأتها في نفس الليلة.
ومنذ الصّفّ الرّابع الابتدائيّ، وأنا أدّخر مصروفي الشّخصيّ الذي لم يتجاوز نصف قرش يوميا غير منتظمة، وأذهب يوم الجمعة إلى القدس مشيا على الأقدام لأشتري كتابا، بغض النّظر عن كاتبه أو محتواه، كما كنت أشتري مجلة (العربيّ) بعشرة قروش، وفي المرحلة الإعداديّة تزوج الأديب المرحوم خليل السواحري ابنة عمّي، وكان يحضر لبيت عمّي المجاور لبيتنا وفي يده رزمة كتب، ولمّا رأى اهتمامي أخذ يعيرني كتبه ويناقشني بها، وفي المرحلة الإعداديّة في مدرسة قرية صورباهر المجاورة، لأنّه لم تكن مرحلة إعدادية في قريتنا، تعرّضت للضّرب بسبب موضوع التّعبير، تماما مثلما حصل معي في الرّابع الابتدائي، وفي الصّفّ الثّاني الإعداديّ أرسلت بعض كتاباتي إلى صحيفة الجهاد المقدسيّة عبر البريد، فنشروا لي تحت باب (بأقلام القرّاء)، وكانت فرحتي كبيرة بذلك عندما أرى ما نشرت في الصّحيفة التي كان يشترك بنسخة منها معلمو المدرسة، فيخبرني أحدهم بذلك.
- كتّاب وشعراء أثروا في الأديب جميل السلحوت؟
في بداياتي تأثرت بالأديبين محمود شقير، وبالمرحوم خليل السّواحري بحكم القرابة.
- ما الذي تقرأ هذا الأيام؟
في هذا اليوم الخامس عشر من أيار مايو ٢٠١٧ أقرأ «ثلاثيّة فلسطين» الرّوائيّة: حارة النّصارى، الرّحيل والقناع للرّاحل نبيل خوري.
- لو لم تكن أديبا ماذا كنت تحب أن تكون؟
لا أرى أنّني أديب حتّى يومنا هذا، مع أنّ النّقاد يصنّفونني كأديب، وأواصل طريقي في الكتابة كي أكون أديبا.
هل حققت حلمك في عالم الأدب؟
لديّ مشروع ثقافيّ كبير، وأتمنّى أن أعيش حتّى أواصل المطالعة المكثّفة، وأن أنهي مشروعي الكتابيّ الرّوائيّ الطّموح.
هل تعتقد أن انتماء الكاتب أو الأديب لحزب معين يفقده حياديته ككاتب؟
الأديب أكبر من أيّ حزب أو تنظيم، والتّعصّب الحزبيّ يقيّد الكاتب، ويحصر إبداعه في قالب سيمنع انتشاره.
كنتَ أحد المبادرين في تأسيس ندوة (اليوم السابع) الثقافية، هل لك أن تقدم للقارئ لمحة عنها؟
في شهر آذار ١٩٩١ وبمبادرة من جميل السلحوت التقى كلّ من: جميل السلحوت، ديمة جمعة السمان، إبراهيم جوهر، ربحي الشويكي ونبيل الجولاني، ودعوا عشرات الكتّاب والمثقّفين الفلسطينيّين لعقد ندوة ثقافيّة دوريّة أسبوعية أسموها «ندوة الخميس» في مركز القدس للموسيقى في القدس الشّريف، يتحاورون ويتبادلون في الشّأن الثّقافيّ المحليّ والعربيّ والعالميّ، ثمّ انتقلت من يوم الخميس إلى يوم السّبت كي لا تتعارض مع ندوة يعقدها اتحاد الكتّاب في الوقت نفسه، فحملت النّدوة المقدسيّة اسم «ندوة اليوم السّابع»، وعندما توقّفت ندوة اتحاد الكتّاب عادت النّدوة إلى مساء الخميس، واحتفظت باسمها ولا تزال «ندوة اليوم السابع»، وبعد حوالي عامين انتقلت إلى المسرح الوطنيّ الفلسطينيّ، ولا تزال النّدوة مستمرّة حتّى يومنا هذا.
أهداف الندوة:
- الحفاظ على الهويّة الوطنيّة والثّقافيّة في القدس.
- عقد ندوات ولقاءات لفضح ممارسات الاحتلال وسياساته التهويديّة للمدينة.
- جمع وتدوين التّراث الشّعبيّ الفلسطينيّ في القدس.
- عمل دراسات وأبحاث عن الأبنية التّاريخيّة والمساجد والكنائس والأديرة والزّوايا والتّكايا والمقابر التّاريخيّة في القدس.
- عمل دراسات وأبحاث عن العائلات المقدسيّة العريقة، وحياة (التّمدّن) في المدينة كنموذج للحياة المدينيّة في فلسطين.
- عمل دراسات وأبحاث عن الشّخصيّات المقدسيّة والفلسطينيّة والعربيّة والاسلاميّة التي كان لها دور في القدس.
- طباعة النّتاجات الأدبيّة والثّقافيّة والأبحاث لمبدعي القدس.
- تواصل المثقّفين والكتّاب الفلسطينيّين مع بقيّة زملائهم في الدّاخل الفلسطينيّ وبقيّة أجزاء الضّفّة الغربيّة.
وكبداية ضمن الإمكانيّات المتاحة استقرّ رأيهم أن يناقشوا كتابا يختارونه، وأن يحدّدوا موعدا لمناقشته، وتعطى الأولويّة في الحديث لمن كتب عن الكتاب، ثمّ يجري نقاش عام يشارك فيه من يريد من الحضور، واشتراط الكتابة هنا من أجل تشجيع الحركة النّقدية ومحاولة تفعيلها، ومن أجل النّشر والتّوثيق في الصّحافة المحليّة والعربيّة والألكترونيّة.
وقد صدر عن النّدوة حتّى الآن تسعة عشر كتابا توثيقيّا لما يجري فيها وهي:(يبوس)، و(ايلياء)، و(قراءات في نماذج لأدب الاطفال)، و(في أدب الطفل)، و(الحصاد الماتع لندوة اليوم السّابع)، و(أدب السّجون)، و(أبو الفنون)، و(حارسة نارنا المقدّسة)، و(بيارق الكلام لمدينة السّلام)، و(من نوافذ الابداع)، و(نور الغسق)، و(مدينة الوديان)، و(مرايا الأقلام في مدينة السّلام)، و(العشق المسموح في مدينة الرّوح)، و(أقلام ترسم الطريق)، و(حياة أخرى هناك)، (اليوبيل الفضي لندوة اليوم السابع)، و(بساتين الحياة).
وتتعدّى فعاليات وجلسات النّدوة قراءة الكتب إلى حضور المسرحيّات التّي تعرض في المسرح الوطنيّ، ومناقشتها مع المخرج والممثّلين والكتابة عنها، وكذلك بالنّسبة للأفلام السّينمائيّة الوثائقيّة.
وإذا كان أحد أهداف النّدوة هو تجميع الكتّاب والمثقّفين المقدسيّين من أجل النّهوض بالثّقافة العربيّة في القدس، فإنّ حضور النّدوة حتى نهاية آذار ١٩٩٣ أيّ بداية إغلاق القدس ومحاصرتها وعزلها عن محيطها الفلسطينيّ وامتدادها العربيّ، لم يقتصر على المقدسيّيين فقط، حيث كان يحضرها أدباء ومثقّفون من بقيّة أجزاء الضّفّة الغربيّة أمثال الشّاعرة الكبيرة المرحومة فدوى طوقان، والشّاعر الدّكتور المرحوم عبد اللطيف عقل، والرّوائي المرحوم عزّت الغزّاوي، والشّاعر المرحوم عبد القادر العزّة، والدّكتور محمود العطشان، والدّكتور المرحوم عيسى أبو شمسية، والرّوائي احمد رفيق عوض، والشّاعر المتوكّل طه ، والدّكتور إبراهيم العلم وآخرون. وذات ندوة حضرها الأديب خالد جمعة والشّاعر عثمان حسين من قطاع غزة، والشّاعر باسم النّبريص أيضا.
كما أنّ عددا من المبدعين الفلسطينيّين في الدّاخل الفلسطينيّ حضروا النّدوة، وتمّت نقاشات بعض نتاجاتهم الإبداعيّة ومنهم: المرحوم سميح القاسم، المرحوم طه محمد علي، المرحوم سلمان ناطور، مفيد مهنا، رياض مصاروة، راجي بطحيش، رجاء بكرية، عرين مصاروة، أنوار سرحان، مرمر القاسم، نزيه حسّون، كاملة بدارنة، وفاء عيّاشي، سوسن غطاس، د.محمد هيبي، ميسون أسدي، وعناق مواسي، بل إنّ الأديبة الشّابة نسب أديب حسين ابنة الرّامة الجليليّة تواظب على حضور النّدوة منذ حوالي ثماني سنوات.
ومن أهداف النّدوة أيضا هو الأخذ بأيدي المواهب الإبداعيّة الشّبابيّة، حيث يستمع الحضور لإبداعاتهم ويقيّمونها ويوجّهون أصحابها نحو الرّقيّ الابداعيّ.
ومن اللافت للانتباه أنّ النّدوة الثّقافيّة هي الوحيدة المستمرّة على السّاحة الفلسطينيّة، بل على السّاحة العربيّة، وهي النّشاط الثّقافي الأبرز في القدس، حيث أنّها مستمرة منذ آذار – مارس- العام ١٩٩١ بشكل أسبوعيّ دوريّ دون انقطاع، ويحرص الكتّاب والمثقّفون المقدسيّون الفلسطينيّون على حضورها بدافع ذاتيّ، لإيمانهم بأنّ كلّ فرد فيها سيستفيد بتنمية قدراته الثّقافيّة والإبداعيّة، حتّى أنّ البعض يترك عمله من أجل حضور النّدوة.
ويكفي النّدوة فخرا أنّها تقوم بالتّعريف على الكثير من النّتاجات الثّقافيّة المحليّة والعربيّة فور صدورها، وكثير من المخرجين المسرحيّين يعرضون (بروفاتهم) الأخيرة أمام روّاد النّدوة، ويستمعون إلى ملاحظاتهم وانتقاداتهم قبل أن يعرضوها أمام الجمهور، وقد صدر عن النّدوة كتاب تسجيليّ توثيقي بذلك تحت اسم «أبو الفنون».
وكثير من الكتّاب والأدباء من القدس وغيرها يعرضون إبداعاتهم على عدد من روّاد النّدوة؛ ليعطوا ملاحظاتهم عليها قبل نشرها، ويعدّلون ويصحّحون إبداعاتهم بناء على ذلك، وسبق للنّدوة أن ناقشت عشرات كتب الأطفال المحليّة والمترجمة عن الأدب الاسكندنافي، والتي وزّعتها مؤسّسة دياكونيّا السّويديّة على تلاميذ المدارس في فلسطين وبعض الدّول العربيّة.
والنّدوة تعنى بمواهب الشّباب الابداعيّة، فتأخذ بأيديهم وتوجههم، وتستمع لهم من أجل صقل مواهبهم وتنمية ابداعاتهم. وقد انطلق من النّدوة "دواة على السور" وهي نشاط ثقافيّ شبابيّ بادرت به رائدتا النّدوة نسب أديب حسين، ومروة السّيوري.
ونظرا لاستمراريّة النّدوة ومواظبتها وجدّيّتها، فقد أصبحت قراءاتها واصداراتها المنشورة في العديد من الصّحف والمواقع الألكترونيّة المتخصصّة، مرجعا للطّلبة والدّارسين في الكثير من الجامعات المحليّة والعربيّة.
- بعد مرور أكثر من ربع قرن على (اليوم السابع) هل تشعر بالرّضا من حجم إنجازاتها؟ أم أنّك كنت تطمح أبعد من ذلك؟
ضمن الامكانيّات المتاحة، نعم أنا راض عن انجازات النّدوة.
- في ضوء ما تشهده بلادنا العربية من أحداث أين وصلت فكرة تقبل الآخر في الأدب العربي؟ هل قصر الأدب في إرساء قيم التسامح والمحبة بين أبناء الوطن الواحد؟
ما المقصود بالآخر؟ هل هو المواطن المختلف أم العدو؟
فإذا كان المقصود هو التّعدّدية الفكرية والحزبيّة في الوطن الواحد، فيبدو أنّ الشّعوب العربيّة ليست مؤهّلة لذلك لأكثر من سبب، أهمّها الجهل وما ينتج عنه من موبقات والانغلاق الثّقافي، وتقديس الجهل، والتركة الاستعماريّة الثّقيلة، لذلك فإنّ الوطن العربيّ أصبح مرتعا خصبا "للتّكفير والتّخوين" الذي يصل إلى درجة الاقتتال الدّاخلي كما يحصل في سوريّا، العراق، ليبيا وغيرها. وهناك قضيّة أخرى يجب الانتباه لها وهي أنّ العرب حتّى الآن لم يبنوا دولة مدنيّة واحدة، وما الدّول الموجودة إلا مجرّد تحالفات عشائريّة.
والثّقافة العربية بشكل عام والفلسطينيّة بشكل خاص ثقافة متسامحة، والمشكلة تكمن في الآخر الذي يلغي كل من لا يتساوق معه.
- هل أثرت التقنيات الحديثة من فيس بوك وما شابهها على تطور االأدب العربي أم أنه أدى إلى تراجعه لانشغال الكتاب بالتواصل الاجتماعي وإبداء الآراء؟
الفيسبوك ليس مكانا لتطوير الأدب ولا لنشره وتسويقه.
- شعر المقاومة الذي انتشر في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، أين هو اليوم؟ أغاني جوليا بطرس (وين الملايين؟) أين هي اليوم من الجماهير العربية
الأدب يواكب الحالة المعيشيّة السّائدة، وفي مراحل الهزائم والتّراخي السّياسيّ تكثر البكائيات واللطم، وهناك متفائلون يحاولون رسم البسمة وبناء الثّقة، والتّغنّي بمستقب زاهر.
- المثقفون العرب هل هم مستقلون في ما يبدعون، أم أنهم أسرى الحاكم، والسلطة، والحزب، وأصحاب النفوذ، والمال، والفضائيات؟
علينا الانتباه بأنّ من يسوّقون ثقافة الهزيمة، ويزيّنون الانكسارات والطّائفيّة البغيضة، ويمجّدون التّحزّب الأعمى والانقسامات هم مثقّفون متذيّلون باعوا أنفسهم بثمن بخس، ويقابلهم مثقّفون آخرون يدافعون بشرف عن الأوطان وحقوق الشّعوب.
- واضح أن الانقسام في الشارع العربي بين قوى التكفير والجهل والتخلف قد امتد لكل الساحات العربية، بما فيها ساحات الأدب والثقافة، ما دورنا كمثقفين في هذا المجال؟ ما الذي قدمناه في هذا المجال للتصدي للأفكار التكفيرية التي تهدد مجتمعاتنا، وتهدد أمتنا ككل؟
مشكلة العالم العربي هي في انتشار الجهل وتقديسه، والانغلاق الثّقافي، وما يترتّب على ذلك من فقر وحرمان على مختلف الأصعدة، وما فكر (التّكفير والتّخوين) إلا نتاج لتراكمات الجهل التي أدخلت الأمّة في متاهات جعلتها تقتل بعضها وتدمّر أوطانها وحضارتها، كما يحصل في سوريّا، العراق، ليبيا وغيرها.
ومن المؤسف أنّ الاسلام السّياسيّ لم يتّعظ من أخطائه ولا من أخطاء غيره، وما يهمّ أحزاب الاسلام السّياسيّ هو الوصول إلى الحكم تحت أيّ ثمن، وانقلاب حماس في قطاع غزّة عام ٢٠٠٧، لإقامة (إمارة إسلامية) بقرار من القيادة العالمية للإخوان المسلمين خير دليل على ذلك، علما أنّ مساحة قطاع غزّة لا تتجاوز ٣٧٠ كيلو متر مربّع، يقطنها أكثر من مليوني مواطن، ومحاصر برّا وجوّا وبحرا.
وما يجري في سوريّا والعراق وليبيا دليل آخر، فالإسلام السّياسي يقاتل شعوبه وأمته ويهدم أوطانه، بدعم من أمريكا وإسرائيل وحلف النّاتو، وبعض دول البترول العربي، والمحصّلة هو تنفيذ (مشروع الشّرق الأوسط الجديد) الأمريكي؛ لإعادة تقسيم دول المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، وتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيوني، وكل ذلك يتمّ بدماء ومال وتمويل عربيّ مسلم، وتحت راية (لا إله إلا الله) والله والإسلام بريء ممّ يفعلون.
ومّما لا شكّ فيه أنّ هناك مثقّفين متنوّرين يتصدّون لذلك بفكرهم وأقلامهم، ويقابلهم مثقّفون يروّجون لسياسة الهزائم.
- هل الساحة الثقافية الفلسطينية بخير؟ ما هي أبرز العقبات التي تواجهها؟
رغم كلّ العقبات، وفي مقدّمتها الاحتلال وإفرازاته، إلا أنّ الفلسطينيّين لم ولن يهزموا ثقافيّا، فالثّقافة الفلسطينيّة جزء من الثّقافة العربيّة العريقة والأصيلة، ويستحيل أن تهزم أمام ثقافات وليدة تتمرس خلف قوى عسكريّة غاشمة.
- ما الذي يمنع وجود اتحاد واحد لكل الكتاب الفلسطنيين في مختلف أماكن إقامتهم بما فيهم كتاب الداخل؟
لا مانع في ذلك، وقد تحقّقت وحدة الكتّاب الفلسطينيّين في الدّاخل والخارج تحت (الاتحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين)، وتمثل في أمانته العامّة المواقع جميعها في الدّاخل والخارج، وستجري انتخابات للأمانة العامّة للاتحاد في تمّوز، يوليو القادم.
وهناك هيئات ادارية لفروغ الاتحاد في الداخل والخارج، لكنها تنطوي جميعها تحت لواء الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين.
- هل تشعر أن للكتاب الفلسطينيين دورا في الشأن السياسي، وما يخص قضيتهم أم أن دورهم هامشي؟
ليس المطلوب من الكاتب أن يشغل منصبا سياسيّا رفيعا، وإن كان يحقّ له ذلك، والمطلوب من الأديب أن يكون ناصحا مرشدا للسّياسيّ لا تابعا له.
- بدون مجاملات، كيف تقيم أداء ديوان العرب على الساحة الأدبية؟
ديوان العرب جهد فرديّ مشكور لشخص بعينه هو عادل سالم، وهو يقوم بنشر الثّقافة الوطنيّة واحتضانها، وهذا يكفيه. وقد يكون هناك من يساعده في العمل، لكن الفضل دائما ينسب لصاحب المبادرة، مع عدم نكران دور الآخرين.