تعدد الثقافات رحمة. لم يكن تزتيفان تودوروف فيلسوفا
فرنسيا عاديا، أو كالفلاسفة الذين يظهرون على شاشات التلفزيون ويسدون النصح لرئيس البلاد
حول سياسته
اليومية، بل كان يعمل بصمت ولم يكن يقبل بقصف بلدان إسلامية، وليس كما فعل
هنري برنار ليفي عام 2011. وفي بداية عام 2017 غادر عالمنا. الكاتب الألماني شتيفان
بوخن يوضح لماذا كان ذو الأصل البلغاري تودوروف صوتا مركزيا في عصرنا ولماذا سيظل كذلك.
أحيانا يختفي إنسان دون أن ينتبه أحد لذلك. وقد
لا نشعر بالفراغ بسبب ذلك، لأننا لا نعي أهميته، وعبر ذلك لا نعي أهمية هذا الفقدان.
إن عدم الانتباه لذلك، يفضح لربما شيئا ما عن أولئك الذين لم يلتفتوا لذلك، والذين
ما زالوا يعيشون بين ظهرانينا. لما توفي تزتيفان تودوروففي السابع من فبراير 2017 عن
عمر يناهز السابعة والسبعين في العاصمة الفرنسية باريس، لم تكلف الملحقات الثقافية
في الجرائد الألمانية نفسها عناء كتابة شيء ذي قيمة عنه.
لقد ذكرَتْ أنه ناقد أدبي من أصل بلغاري. وقامت
بتعداد بعض من مؤلفاته، ولربما أشارت أيضا إلى أن اهتماماته الفكرية طبعها التعدد.
هذا كل شيء. لكن لا ريب في أنه يمكننا قول
ما هو أكثر من ذلك عن تزتيفان ثودوروف. ففي عمق وجد، وأكثر من أي شخص آخر حلل الوجود
الإنساني والصراع المحتدم بداخله بين الاحترام والحقد وبين التعايش والتدمير. أما أبحاثه
فقد امتدت من "اكتشاف" أمريكا وحتى العمليات الانتحارية التي قام بها شباب
في باريس سنة 2015، باسم "الدولة الإسلامية".