يتطلب تجديد الخطاب الدينى إرادة سياسية مدعومة
بإرادة النخب الثقافية، إرادة مستنيرة وشجاعة. ومصر مؤهلة لذلك قبل غيرها بهذا التصور
المجمل المكثف رسم المفكر
والفيلسوف المغربى محمد سبيلا – فى حواره مع روزاليوسف-المسار
الذى يجب على العالم العربى والإسلامى المضى فيه إذا أراد تجديد الخطاب الدينى. سبيلا
ارجع الكوارث التى يشهدها عالمنا العربى اليوم الى الاسلام السياسى لنقله الدين من
مجاله الروحى الى الصراع البشرى مؤكدا ان فكر الاستاذ على عبد الرزاق الذى يفصل بين
الدين والسياسة لو قدر له الانتصار كان سيجعل عالمنا العربى فى مصاف الامم المتقدمة.
سبيلا مؤلف «الأصولية والحداثة» و«مدارات الحداثة»
و«الحداثة وما بعد الحداثة» أكد أن استيعاب علوم العصر وبخاصة منها العلوم الاجتماعية
والإنسانية خطوة تالية لتجديد الخطاب الدينى وفيما يلى نص الحوار:
■ شاع أخيرا مصطلح «تجديد الخطاب الدينى» هل ترون فارقا جوهريا بين هذا
المصطلح ومصطلحات اخرى كانت تستخدم فى فترات سابقة مثل «قراءة التراث» و«الإصلاح الدينى»
و«الاجتهاد»؟
- التجديد المطلوب هو تجديد شمولى وراديكالى
بمعنى جرىء. لذلك يبدو أن الشعارات التى رفعت سابقا هى شعارات لا تخلو من قصور فقراءة
أو إعادة قراءة التراث هو شعار ثقافى، وحتى إن كانت إعادة قراءة التراث مسألة ومقدمة
ضرورية لكل إصلاح فإنها -على ضرورتها- غير كافية إضافة إلى أن إعادة قراءة التراث تتنازعها
كل الاتجاهات: قراءات تكرارية واجترارية وكم من قراءات قدمت نفسها كتجديد لكنها ليست
إلا تكرارا وترديدا بصيغ جديدة للقراءات أى للتصورات القديمة.
فالتراث ليس بضاعة نركنها فى جانب من حياتنا الاجتماعية، وليس أداة سهلة
الاستعمال بل التراث ثقافة وفكر وأيديولوجيا وعادات ومسلمات راسخة فالتراث التقليدى
هو رؤيتنا للحياة وله آليات راسخة ذهنيا وسلوكيا بحيث يصعب تغييره. ومن صفات الثقافة
التكلس والرسوخ واكتساب البداهة والمعنى إضافة إلى أن قراءة حداثية للتراث تتطلب جهدا
ثقافيا وعقليا كبيرا إذ تتطلب إخراج التراث من إطار نظرته إلى ذاته التى هى بالتأكيد
نظرة تمجيدية للذات لأن الوظيفة الأساسية التى يؤديها التراث هى أنه يقدم نفسه كهوية
وكحماية للذات وكمرشد موجه للسلوك وكمقدم لمعانى لفهم العالم. والمرحلة الثانية وهى
أصعب وتتمثل فى استيعاب علوم العصر وبخاصة منها العلوم الاجتماعية والإنسانية، وهى
علوم تحمل وتضمر معنى حديثا للعالم، وهى أكثر موضوعية وأكثر توفيرا لأسس نقد القديم
والمتكلس من التراث.
لذلك فالقراءات الحداثية للتراث (ونموذجها قراءات
محمد عبده ونصرحامد أبوزيد والتيزينى وآركون والجابرى والعروى) هى فهم للتراث لا من
خلال ادعاءاته عن نفسه بل هى خروج من سياجات التراث ونظرته التمجيدية لذاته وللذات
الجماعية، ورؤيته فى سياق وفى منظور كوني.
أما شعار الإصلاح الدينى فنقيصته أنه استنساخ للتجربة
الغربية وأنه تبعية واستلاب وغزو فكرى كما تقول التصورات الثقافية التقليدانية.
أما الاجتهاد فقد تحول إلى لغة مكرورة لا تعنى شيئا
بل لعل الاجتهاد تحول من محاولة للخروج من الذات إلى رجوع عنيف إليها، وإلى الجهاد
الذى شوه الدين تشويها عالميا وربطه بالدم والقتل والدمار.
شعار إصلاح أو تجديد الخطاب الدينى شعار جيد معتدل
تدرجي، ويتحدث عن تجديد لا عن اقتلاع أو تغيير، كما أنه لا يتحدث عن الدين أو عن جوهر
الدين بل عن الخطاب الذى تروجه النخب الثقافية التقليدية. إنه شعار ملائم. وقد تبلور
فى مصر بشكل تدريجى كما أنه يضمر بعدين سياسى وثقافى فى تفاعل بين البعدين، إنه شعار
ملائم والمشكلة هى فى الأدوات الفكرية والبشرية، فهل الأخيرة على دراية بالأبعاد والأدوات
الفكرية الملائمة؟
فهل الأزهر الذى هو مؤسسة تقليدية وتقليدانية والذى
هو أحد حراس التراث قادر على ممارسة الانتقاد الذاتى الكافي، وهل هو قادر على استيعاب
المفاهيم الكونية الحديثة فى مجال العلوم الإنسانية، وهل هو قادر على استعمالها؟ هل
يطلب منه الخروج من ذاته وذلك مع كل التقدير والإجلال للتاريخ القوى والنيّر لمؤسسة
الأزهر؟
■ ما هو تصوركم التفصيلى لما يجب أن يكون
عليه «تجديد الخطاب الدينى» من حيث الأسس الفكرية؟
- تبعا لذلك لا يمكن «تجديد» الخطاب الدينى
من طرف المؤسسات التقليدية بل ان ذوى الثقافة التقليدية يمكن أن يكونوا حاضرين فى التنفيذ
ومساهمين لكن وضع خطة فكرية سياسية يقتضى وجود رؤية فكرية جديدة شمولية متحررة من التكرار
والاجترار.
1- اختيار لجنة موسعة من رواد القراءة التحديثية
للتراث. متحررة من الكليشيهات القديمة أو على الأقل لجنة ثنائية من التقليديين والحداثيين
ولديكم فى مصر تراث نهضوى وتنويرى عظيم وورثة مدرسة طه حسين وتلامذة فؤاد زكريا ونجيب
محمود وفرج فودة ومحمود أمين العالم وأحمد كمال أبو المجد وغيرهم من تلامذة على مبروك
ونصر أبو زيد، وهم لديكم بالمئات.
2- وضع خطة لتنقية الكتب المدرسية والجامعية
من بصمات الرؤية المتشددة وبقايا الفكر الحنبلى والخوارجى والوهابى والإخوانى والتيمى
والقطبى والمودودى وكل أشكال وأصوات الارتداد التاريخى المغلق.
لكن هذا يتطلب إرادة سياسية مدعومة بإرادة النخب
الثقافية والسياسية، إرادة سياسية مستنيرة وشجاعة. ومصر مؤهلة لذلك قبل غيرها لأنها
البلد الذى عاش أول تجربة تحديثية فى العالم العربي، والمتوفر على عقول تحديثية كبرى
وزخم تاريخى وحضارى كبير، أملنا فى مصر. أساتذتنا الرمزيون والفعليون مصريون.
■ هل تعتقدون أن خلق مجتمع صناعى متطور فى
عالمنا العربى كفيل بتجديد الخطاب الدينى دون اجتهادات فكرية كما حدث مثلا فى ماليزيا
وإندونيسيا؟
- كان الرهان سابقا على نوع من العلاقة الميكانيكية
بين التقنية والثقافة. وهذا التوازى كان ناتجا عن الفكرة الماركسية القائلة بالتماثل
أو التقابل بين البنية الاجتماعية-الاقتصادية والبنية الثقافية. كان السائد فى خمسينيات
وستينيات القرن الماضى أن إدخال جرار إلى البادية هو إدخال لثقافة ولعقلية جديدة بل
لحد أدنى من العقلانية.
- وقد تبين بالتجربة التاريخية أن تغيير العقلية
هو من أصعب ما يمكن أن يحدث. فالثقافة ليست انعكاسا أوتوماتيكيا للتنظيم وللتأليف التقنى
بل هى بنية لها استقلاليتها النسبية وفاعليتها الخاصة.
- لذلك يتعين أن نفرد للثقافة جهدا خاصا فتغيير
الثقافة أو العقلية لا يتم إلا بالثقافة فالثورة الثقافية أو الجهد الثقافى ضرورى وأساسى
ومركزى فى أية عملية تحديث وبالضبط فى تجديد الخطاب الدينى أى فى الثقافة الدينية.
وخاصة بالنسبة لمجتمعات تجد فى البنية الثقافية التقليدية معنى وهوية ومقاومة واعتزازا
فى عصر تسوده ثقافة متقدمة تتجاوز كل الثقافات التقليدية وتفرض عليها مراجعة صورتها
عن ذاتها وعن علاقتها بالآخر وبالعالم بل تفرض عليها ضرورة فهم أنها لم تعد صالحة أو
كافية لفهم الذات والتطورات النوعية للعالم الحديث فى كل المجالات.
- أما الدول الآسيوية الإسلامية فهى أقرب
إلى الثقافة الأسيوية وهو ما جعلها أكثر اندماجا فى الدينامية التاريخية والحضارية
لهذه الثقافة وذلك على الرغم من كل الجهود لتكبيلها ثقافيا بواسطة تغسيلها بالتدفق
اللانهائى لصور الماضي.
■ لو سلمنا بفرضية أن عملية التجديد الدينى
فى عصرنا الحديث بدأت مع الشيخ محمد عبده بحكم قراءتكم لواقعنا الحالى ما هى الأمور
أو المسائل التى غابت عن رؤية محمد عبده التجديدية؟
- عملية تجديد الفكر وبخاصة الفكر الدينى
هى عملية طويلة الأمد ولا يمكن أن تحدث بنقرة على زر. إرهاصاتها الأولى نجدها عند محمد
عبده ورواد الإصلاح فى مصر، حيث تبلورت فكرة الفصل بين النظام السياسى والدين، وخاصة
عندما تبلورت من داخل البيت الدينى عند على عبد الرازق باعتبارها نواة فكرية للانطلاق
الحضارى فى درب أو دروب العصر الحديث، لكن الفكرة قمعت كما قمع صاحبها لأنها هى الرد
المباشر على فكرة أن الإسلام دين ودولة وأن الدولة والسياسة من أركان الإسلام الأساسية،
وهى الفكرة المحورية المولدة لكل أشكال «الإسلام السياسي» الذى يقوم على الانتقال بالدين
من المجال الروحى إلى مجال الاصطراع البشرى حول المصالح وعلى إضفاء سمة أيديولوجية
على التراث.
وقد أخذت هذه الفكرة التى اختمرت فى الإسلام السياسى
منذ بداية القرن العشرين ذروتها ابتداء من سبعينيات القرن الماضى حيث حققت قفزة تاريخية
نوعية بتبنيها للعنف والقتال (القاعدة-داعش).
وبعد أن بلغ هذا الاتجاه أوجه فى طلاء الرؤية العربية
الإسلامية بالدماء وفى رسم حدود دموية للتراث الحضارى بدأت عملية الدهشة والإنكار:
هذا ليس منا، هذا لا ينتمى إلينا، فالعملية هى أشبه ما تكون بإخراج اللاوعى واللامرئى
والمتخيل إلى سطح التاريخ.
■ كل حديث عن التجديد يقودنا حتما إلى الموقف
من التراث بإيجاز شديد ما هى الاسس التى ينبغى ان تكون حاضرة عند قراءتنا للتراث الفقهى
والعقائدى واللغوى والاخلاقى؟
الإصلاح أو التجديد المنشود يجب أن يكون كليًا بمعنيين
المعنى الأول أنه يشمل كافة مناحى النشاط الإنسانى سياسيا وعسكريا وأمنيا واجتماعيا...
المعنى الثانى هو شموليته فى المجال الثقافى فالثقافة بنية كاملة متشعبة قانونى-لغوى-أخلاقى-ميتافيزيقى...
طبعا للفقهيات والتأويليات مكانة مركزية فهى بمثابة النواة المشعة.
لكن إذا كانت الخطة السياسية الشاملة لمواجهة التطرف
هى خطة إرادية وتخضع لبرامج وخطط وتوجيهات ومراحل فإن تجديد البنية الثقافية وتهويتها
وتعريضها لاختبارات الأزمنة الجديدة هى مسألة تطور تشمل كافة مستويات الثقافة. صحيح
أن المجال السياسى إذا كانت تتوافر فيه شروط الريادة والوعى التاريخى الحاد فإنه سيكون
مجالا موجها ورياديا. فهذه تحولات تاريخية عميقة جوهرها هو اللحاق بالزمن وركوب العصر
لأن البديل الآخر هو الارتماء فى منافى ومطارح التاريخ كما أكد على ذلك رواد الحداثة
الفكرية لدينا عبد الله العروى ومحمد عابد الجابرى.
لهذا التوجه مستويات: مستوى مواجهة أشكال الجمود
والمقاومة لأن البنية الفكرية التقليدية لا يمكن أن تستسلم وتمر بسلاسة والمستوى الثانى
هو بناء الأفق الفكرى المتمثل فى كيفية الانخراط فى العصر واستلهام وتمثل الاجتهادات
العلمية فى مجالى الطبيعة والتاريخ وتلمس معالمها الأساسية.
■ كيف ترون علاقة الدولة بعملية التجديد هل
ينبغى أن تكون عملية التجديد بمعزل عن الدولة؟ أم يجب ان تتبنى الأنظمة العربية فكرة
التجديد؟
- يجب أن ننطلق من أن الدولة (بمعنى أجهزة
السلطة والسيادة وليس بمعنى الأمة لأن هذين المعنيين يتداخلان ويتلابسان فى اللغة العربية
ويقودان إلى نوع من سوء الفهم) هى جهاز تحديثى فهى أول شكل تنظيمى (قانونى) استفدناه
من الحداثة الغربية إما مباشرة عن طريق الاستعمار (الذى هو الشكل العنيف الذى اتخذ
به التحديث طابعا كونيا) أو عن طريق الاقتباس والتأثر.
لذلك تظل الدولة (الجهاز) بشقيها الإدارى والعسكرى
نواة ومناط التحديث، وقد ازداد هذا الدور التحديثى للدولة فى المجتمعات التابعة بعد
تطور النظام الدولى (الأمم المتحدة-مجلس الأمن-المنظمات المالية والحقوقية- وعشرات
المنظمات الأخرى) وبسطه لنوع من الرعاية التوجيهية فى مجالات التنمية والتدبير المالى
والاقتصادي، أى تحوله إلى نوع من الحكومة العالمية.
فلا يمكن أن نتصور أى بديل آخر غير الدولة فى قيادة
وريادة عملية إصلاح الخطاب الديني. لكن ذلك مشروط بمدى تمثل النخب السياسية والإدارية
والثقافية لثقافة الحداثة والتحديث، ومدى شعورها ووعيها بأولوية وضرورة تحديث المنظور
الثقافى والوعى الثقافى.
وبالنظر إلى أن هذا الشرط قد تحقق بعد الانسداد
الذى آلت إليه الأنظمة والمؤسسات والفعاليات التقليدية والتقليدانية نتيجة إفرازات
العنف السياسى الذى آلت إليه دعواتها وتصوراتها المتدحرجة منذ أواخر القرن التاسع عشر
الميلادي. فالقوى التقليدية المحافظة لم تكن هى ذاتها تتصور هذه المئالات الكارثية
الدموية لخطابها ولتصوراتها الحالمة إذ أنها أدت إلى عكس النتائج المرصودة فقد شوهت
عالميا وجه الثقافة التقليدية ونفّرت منها بل يسرت قيام أحلاف عالمية لمحاربتها.
■ يرتبط الحديث بالتجديد فى هذه الأيام بالحديث
عن داعش واخواتها الذى يفجر مفارقة شبيهة بالمفارقات اليونانية القديمة وهى: اذا كانت
داعش نتيجة حتمية للتراث الفقهى فلماذا لم تظهر سوى الآن ولم تظهر فى عصور سابقة؟ واذا
كان التراث بريئا من الحالة الداعشية فكيف نفسر النصوص التراثية التى يستند إليها هذا
التنظيم ؟
- كل الديانات تتضمن مدونتين إحداهما عنيفة
والأخرى سميحة وكريمة. والشعوب تستعمل تارة التراث العنيف وتارة التراث أو المنظور
المسالم حسب الشروط التاريخية والأحوال المجتمعية وأحوال وثقافة النخب إلى غير ذلك
من العوامل.
تاريخنا الثقافى ملىء بمخزون العنف وهو ينتظر اللحظة
التاريخية المناسبة.
فى العصر الحديث شعر العرب والمسلمون بعد إفاقتهم
على قوة وعنف العالم الحديث (يقول أحد المؤرخين المغاربة ما معناه: واستفاق المغاربة
على الكور والكرناد أى القنابل والمدافع) بصدمة مزدوجة أو مثلثة:
1- قوة وعنف الآخر.
2- تقدمه.
3- تأخر الذات ومشاعر الخيبة والجرح النرجسي.
وهنا اختلفت ردود الفعل وبدأ يتبلور نوع من الوعى
الأيديولوجى: إذا كنا متأخرين فليس ذلك راجعا لنا أو لثقافتنا بل لخبث ومكر الآخر،
وإذا كان الآخر متقدما علينا تقنيا وماليا وتجاريا فنحن متفوقون عليه روحيا وثقافيا
والبعض الآخر ذهب إلى القول بأن له الدنيا ولنا الآخرة إلى غير ذلك من أشكال التبرير
والتسويغ و«التفسير».
كما اختلفت النخبة فى تشخيص اللحظة التاريخية وفى
تحديد معالم النهوض: الوعى الديني-الوعى العلمى أو التقنى-الوعى السياسى الليبرالى
أو الوعى بالحرية.
داعش ظهرت على خط الوعى الدينى فى تلاقحه مع أوضاع
سياسية معينة. إنها امتداد للوعى الدينى التقليدى فى التقائه بخطط سياسية معينة وبخاصة
منذ سقوط «الخلافة» العثمانية وركوب اتجاهات مذهبية دينية وإخوانية على هذا الخط، والخطوة
التى وفرتها له «الوليمة البترولية» (التى يسميها البعض «النقمة البترولية»).
لقد سار الوعى العربى الرسمى الحديث فى مسار متعاكس
مع الوعى الحداثي. ففى الوقت الذى اتجهت فيه الحداثة فى الغرب نحو الفصل بين السياسة
والدين (حماية للدين ووقاية للسياسة) اتجه الوعى التقليدى الإسلامى العربى إلى ربط
الدين بالسياسة إلى حد اعتبار السياسة (الإمامة) ركنا من أركان الدين، وإلى التمسك
بحلم الخلافة الإمبراطورى كيوتوبيا خلاصية. وهكذا فقد ظل الوعى الفكرى العربى (الذى
تنتجه النخب الثقافية والسياسية ويتم إشاعته فى المجتمع) وعيا منشدا إلى الماضى وإلى
نموذجية الماضي، وعيا دفاعيا تتحكم فيه بالدرجة الأولى وظيفة واحدة للثقافة (الدفاع
بدل الفحص النقدى واستشراف آفاق التطور التاريخى).