-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

حوار مع التشكيلية الفلسطينية منال ديب \ حاورهـــا : تيسير النجار

التشكيلية الفلسطينية المقيمة في اميركا منال ديب اتمنى تغيير نظرة الإنسان العربي للفن التشكيلي إيجابيا لأننا كفنانين عرب في المهجر نجحنا في إعطاء صوره مشرفه
تدمج الفنانة التشكيلية الفلسطينية المقيمة في اميركا منال ديب هويتها بكل لوحاتها دمجا جذريا فهي تنطلق للعالم من هوية واضحة ومتكاملة المعالم بالنسبة لها كفنانة مسلمة فلسطينية تعيش في اميركا ومن مسؤوليتها تجاه هويتها تنطق بلوحتها للعالم مفتخرة بها وبنضجها .
تعقد الفنانة منال خلال هذا الحوار مقارنات ما بين فهم الانسان الغربي والعربي وطريقة فهم كل واحد منهما للوحة ، كما تقدم تصورا مهما لارتباط اللوحة بقضايا المرأة ومساهمة اللوحة في طرح فكر المرأة وتقدم اطار هاما في آلية حمل اللوحة لقضية وطن اسمه فلسطين وفي هذا الاطار تتحدث عن تجربتها في مقر الأمم المتحده في نيويورك، حيث عرض لها ٣٠ لوحه تشكيليه تحت عنوانفلسطين ولمدة ثلاثة أشهر متتاليه ، كما وتتحدث الفنانة منال ديب عن  الإهتمام بالفن التشكيلي في المؤسسات الرسميه العربيه وتصفه بالاهتمام المتواضع والضعيف  جدا كما وتطرح عبر الحوار مجموعة من الافكار الجذرية المتعلقة بالفن التشكيلي وتاليا نص الحوار :
كيف يمكن ان يفهم الانسان العربي انك تعيشين في اميركا وترسمين فلسطين ؟
ـ حياتي في المهجر وبعدي عن وطني فلسطين خلق لدي رغبه لتجسيد الوطن عبر لوحاتي لأستطيع المضي بمشاعر الإنتماء رغم المسافات بيني وبين أرضي وأهلي، فمعظم لوحاتي تجسيد لذاكرة لم تمت بل بالعكس أحييت عبر الفن التشكيلي فكان لي متعة لقاء أحبتي ووطني من خلال أعين مشاهدي فني وعبر المعارض الشتى اللتي أتاحت لي التعبير عن هويتي الوطنيه في ظل ظروف صعبه للغايه.
كأمثله لعكس كيفية نضوج الذاكره في أعمالي الفنيه،في إحداها كونت قناع من مادة الجبس على وجهي ودمجت صور قديمه لجدي وأفراد عائلته في فلسطين بشكل مقاطع تنم عن ذكريات حفرت في ملامحي، ويمثل هذا القناع ذاكره وصور لم ولن تنسى مهما طالت الغربه، ولمادة الجبس حكاية أخرى مع فني، ففي أحد مشاريعي الجامعيه في أمريكا، طليت قماش كبير بالجبس ومن ثم علقته على الحائط وأنتجت صوره كبيره لجندي إسرائيلي ولصقتها على الجبس لتجسيد الجندي وهو يطارد الشباب الفلسطيني كما كنت أنا أطارد في شوارع رام الله، وجمعت حجاره كثيره نثرتها تحت قدمي الجندي، وعندها طلبت من البروفسور والطلاب رمي الجندي بالحجاره، وكانت النتيجه تشقق الجندي لعدة أجزاء، ومن روعة الفن الإيجابي قام الجميع برمي الحجاره بقوه للتأكيد على الغضب وفن تشقيق الجبس ومعه الجندي.
ما أردت توضيحه هنا بالأمثله، أن الغرب ليس مجتمع مغلق، وأن إنتماءاتنا الدينيه، والعربيه والوطنيه لا تخجل بل بالعكس هي مصدر فخر إن وظفت في أطر سليمه كالفن التشكيلي، وأنا جزء من هذا كله وأي نجاح مني شخصيا يكون جزء من النجاحات الشامله، فكل إنسان عربي هو أو هي صوره لنا جميعا، فكلنا مسؤولون عن إنتماءاتنا وعن رسالاتنا، وهذا لا يلغي العقبات التي تواجهنا يوميا ولكن إيماننا بقدراتنا يعطينا الثقه والأمل بالنجاح في شتى المجالات 
* ماذا يعني لك الرسم وعلى الاخص انك ام ايضا وهل ثمة فائدة يحققها لك؟
ـ الأمومه عطاء وإنتماء، وعشق الوطن أيضا عطاء وإنتماء غير منفصلان.
تجربة الفن عندي نوع من الفرح والإبتهاج، عشق ومحبه، وبنفس الوقت حرقه داخليه، محنة أعيشها، وغضب نفسي، وكل هذه الأحوال هي نتاج الأمومه وكوني فلسطينيهفأعمالي تعكس هذه الأحوال ومطالبها النفسيه بإنتاج لوحات فنيه بألوان وأشكال مختلفه تفي بأعراض واحتياجات هذه الأحوال على نحو مغاير في كل تجربه، غير أن هذه المنتوجات الفنيه كلها في النهايه ما هي إلا أوجه متعدده لجوهر واحد، وكل وجه يغني الوجه الآخر بصلته الفرديه، الخفيه، والمركزيه للإنتماء للجوهر، فإذا أراد شخص ما معرفتي، فعليه أن يلملمني من الأشكال المختلفه في أعمالي لمختلفه.
كأم، أصبح الفن أداة لزرع شعور الإنتماء عند بناتي الثلاث، فحسهم بدينهم الإسلامي، وعروبتهم وفلسطينيتهم زادت مع أعمالي رغم عيشتهم في أمريكا، فهم أول من يرى الأعمال ونتائجها، وهم أول من يقيم هذه الأعمال، وكأن الفن خلق وطن لهم في إطار البيت، وقد مثلت بعض أعمالي نبذه عن هذا الشعور بالأمومه والإنتماء من خلال الفن بقبول عملين لي في المعرض العالمي للمرأه في مدينة سان فرانسسكو الأمريكيه تحت عنوان مسلمه حيث أن هذين العملين يمثلان كيفية تعامل الفنانه المسلمه كأم في الغرب وتأثير الفن على الأولاد وعلى المجتمع بشكل أوسعوكانت تلك التجربه ناجحه جدا لي لشعوري بالتأثير الإيجابي لأعمالي الفنيه على مجموعه مهمه من الناس المهتمين بالموضوع.
الفن التشكيلي عموما كيف تجدين نظرة الانسان الغربي له مقارنةبالانسان العربي ؟
ـ عموما، الفن التشكيلي عند الإنسان الغربي له قيمة فعليه ونفسيه وعمليه، وفي المقابل الإنسان العربي ينظر للفن التشكيلي بعدم الحاجه له ولا يعطيه إهتمام في حياته فالفن إجمالا نوع من الرفاهيه أو الزينه لا أكثر.
وهذا الفرق الشاسع بين النظرات يأتي لاختلاف نمط التربيه المنزليه والمدرسيه والعزل بين الروابط النفسيه والفن التشكيلي في المجتمعات العربيه، فعلى سبيل المثال، تعتبر حصة الفن في جميع مراحل الحياه الدراسيه، حصة لهو ولعب وليست مهمه أكاديميا ولا نفسيا ولا تعتبر أساسا لتكملة الدراسه الجامعيه، ولهذا لا تزرع في عقول وقلوب أمهات وآباء المستقبل أي أفكار إيجابيه للإهتمام بنتائج الفن التشكيلي الشخصيه، والأسريه، والثقافيه، والتعليميه، والوطنيه أيضا.
من تجاربي الخاصه في الغرب، أرى عمق فهم أهمية الفن التشكيلي للإنسان الغربي بزيارته للمعارض واهتمامه بنشاطات الفنانين التشكيليين ومعرفته بتاريخ الفن التشكيلي القديم والمعاصر وثقافته الملازمه له شخصيا على مدار حياته وكيفية تعميق هذه الإهتمامات في أسرته والكشف عن المواهب لدى الأفرادوهؤلاء الأشخاص يتفاخرون فيما بينهم باهتمامتهم بهذا الفن الراقي وكيفية مساندته.
بالطبع الصوره التي رسمتها للفرق هي بالعموم، فهناك أشخاص في بلادنا العربيه لهم إهتمام الإنسان الغربي في الفن التشكيلي، ولكنهم للأسف قليلون ولا يستطيعون التأثير بالأغلبيه العامه، ففي إحدى لقاءاتي مع فنان كبير في إحدى الدول العربيه، تناولنا العقبات والصراعات اللتي يعاني منها الفنان التشكيلي العربي، وكيف أنه يهاجر بفنه للغرب ليستطيع النجاح أو حتى المعيش باكتفاء ذاتي، وقد عبر هذا الفنان الكبير عن أسفه لبعض العبارات اللتي قد يسمعها الفنان التشكيلي ومدى الإحباط الناتج عن هذه العبارات مثل الفنان مجنون أو الفن كفر أو فنان لأنه لم يلاقي شئ ثاني يفلح فيهوهكذا
شخصيا أتمنى نظرة الإنسان العربي للفن التشكيلي أن تتغير إيجابيا لأننا كفنانين عرب في المهجر نجحنا في إعطاء صوره مشرفه من خلال أعمالنا الفنيه التشكيليه للمجتمع الغربي وهذا النجاح يعطي مجالا لتقييم التأثير الإيجابي في مجتمعاتنا العربي عبر التأثير النفسي الإيجابي ولإتاحة الفرص للتعبير عن المشاكل والتخفيف من الضغط النفسي.
دراستي في ربط الفن التشكيلي بالعلم النفسي منحني ثقه تامه بالحاجه لدمج الفن التشكيلي كعامل مهم في حياتنا الشخصيه لما له من نتائج إيجابيه على تعاملنا مع أنفسنا ومع غيرنا.
* هل تم التأسيس في العالم العربي لرابطة خاصة للفنانيين التشكليين المغتربين ؟
ـ حسب معلوماتي لا توجد رابطه للفنانين التشكيليين العرب المغتربين، فالفنانين المغتربين يعملون بمجهوداتهم الذاتيه وينضمون لمجموعات فنيه في المهجر قد تمثل مجموعة فنانين بعينها، وربما يختار الفنان المغترب الإنضمام لرابطة فنانين في بلده العربي ولكنه لن يستطيع المشاركه الفعاله لعدم وجوده المستمر وأيضا للفوارق بالنسبه لنظرة المجتمعات العربيه للفن التشكيلي عن المجتمعات الغربيه.
فعلى سبيل المثال، لا الحصر، أرفقت إسمي كفنانه تشكيليه مع مجموعة فنانين في فلسطين على موقع إلكتروني يضم كبار الفنانين التشكيليين الفلسطينيين لمحاولة النضوج بالفن في المجتمع الفلسطيني رغم الإحباط والإحتلال، وموافقتي لضم إسمي لهذه المجموعه تنم عن شعوري بالإنتماء وواجبي كفنانه أن أشارك المجتمع الفلسطيني المتمثل بالفن للنهوض بالإنسان الفلسطيني بالشعور الإيجابي ليستطيع تحقيق الذات ولمساندة كل من لديه نواة إبداع فني، وخاصة الإناث، في مواصلة العمل على تنمية المواهب الفنيه.
أتمنى أن تكون هناك رابطه تضم وتمثل الفنانين التشكيليين العرب المغتربين، فهكذا رابطه ستفتح مجالا لتقديم أعمال وأفكار الفنانين المغتربين للإنسان العربي، وفي المقابل ستكون حلقة وصل بين الفنانين العرب والفنانين المغتربين للتعاون والنهوض بالأعمال التشكيليه وما لها من تأثيرات إيجابيه على الأفراد والأسر والمجتمعات.
لماذا لا يوجد معارض تبرز معاناة المرأة العربية ؟ وهل لا يوجد مساهمات في هذا المجال تشبهمساهمات السينما ، او الادب ؟
ـ معاناة المرأه العربيه كانت وما زالت على مر العصور رغم إختلاف صورها إلا أن جوهرها واحد ألا وهو التهميش النفسي والذاتي.
قد لا تكون هناك معارض بعينها تبرز معاناة المرأه العربيه، ولكن أكاد أجزم أن الفن التشكيلي للفنانات العربيات يكون نتاج هذه المعاناة مهما كان الموضوع الذي يناقشه الفن، فإن دققت النظر واستوحيت الرسائل من أعمال الفنانات العربيات التشكيليات سترى وضوح المعانا من عزل إجتماعي وأسري، ومن عنف نفسي وقد يكون جسدي، ومن صراع داخلي ممزق وأنين حزين، وكلها ممزوجه بثورة وإبداع خلاق.
أنا أوافقك الرأي أن مساهمات السينما أو الأدب فاقت مساهمات الفن التشكيلي لإيضاح ومناقشة معاناة المرأة العربية، وأتمنى أن تكون هناك مجالات مفتوحه لمثل هذه الأعمال، ولكن يجب أن لا ننسى أن في آخر المطاف الفنانه التشكيليه ستعاني هي شخصيا من عدم وجود مجتمع أو حتى معارض لتقييم رسالات هذه الأعمال، فكما أسلفنا، مجتمعاتنا العربيه تنظر للفن التشكيلي كرافهيه وزينه لا أكثر، ولهذا النظره تكون تجاريه أكثر من أنها رسالة، ومن جهة أخرى السينما والأدب يدخلان البيوت عبر شاشات التلفاز والكتب والإنترنت، ولكن الفن التشكيلي يبقى خارج جدران البيوت وبهذا يحتاج إلى رغبه شخصيه وإهتمام وعلاقة ما لزيارة المعارض، وهذا بحد ذاته يحد من وجود المرأه كفنانه أو كإنسانه مهتمه بالفن.
إجمالا، هناك دائما تخوف في مجتماعتنا من إندماج المرأه في الفن التشكيلي، فالعموم يعتقد، وقد يجزم، أن الفن التشكيلي هو مرتع للإنحلال الشخصي والنفسي عند المرأه، ولكن من تجربتي الشخصيه، الفن التشكيلي منحني التوازن الشخصي والأسري وقدم رسائل عده بوضوح كامل، وما يسعدني كثيرا أنني أستلم رسائل تشجيع وكلمات فخر واعتزاز من نساء عربيات في بلادنا العربيه، وطبعا من أهم تلك الرسائل هي من أمي وأخواتي وأقربائي من البنات والنساء حيث أصبحن يرون في صوره لحريتهن وصوتهن وحافز لهن للشعور الإيجابي.

* كيف ترين أفق الفن التشكيلي داخل اطار المؤسسات الرسمية العربية؟
ـ للأسف الإهتمام بالفن التشكيلي في المؤسسات الرسميه العربيه متواضع جدا، فكما أسلفت نرى الإهتمام بالفن التشكيلي من المؤسسات التعليميه ضعيف جدا على عكس المنهاج العام الدراسي في الغرب الذي دمج الفن في تعليم اللغه والرياضيات والعلوم، وأصبح الفن إجمالا أداه أساسيه للتعليم، وليس مهمشا كما في مدارسنا العربيه.
على سبيل المثال، جميع مؤسسات والدائر الحكوميه الأمريكيه تسعى لتشجيع الفن التشكيلي باقتناء الأعمال الفنيه ووضعها في باحات وممرات بنايات هذه المؤسسات لما لها من تأثير إيجابي على الموظفين، وهناك أيضا تشجيع رسمي يقضي بعمل تجارب فنيه من خلال عمل المؤسسات ووضع برامج تشكيليه للأفراد وللأسر للنهوض الذاتي تحت مظلة الإبداع الإيجابي.
من هنا أود أن أشارككم بتجربتي في معرضي عام ٢٠١٢ في مقر الأمم المتحده في نيويورك، حيث عرض لي ٣٠ لوحه تشكيليه تحت عنوان فلسطينولمدة ثلاثة أشهر متتاليه، وهي أطول مدة عرض فلسطيني في تاريخ الأمم المتحده، ومن المؤسف جدا أن المعرض لم يهتم به من المؤسسات الثقافيه الفلسطينيه، ولم يغطى بإيجابيه رغم زيارة الرئيس عباس وبعض السياسيون العرب والأجانب، إلا أن المعرض لم يذكر في الدوائر الرسميه ولا في الإعلام الرسمي، وبالفعل كان الفن التشكيلي مهمش، وفي نفس الوقت، المعرض جذب إهتمام يهودي من مدينة نيويورك بحيث كتبت ونشرت عدة مقالات لاذعه ومناهضه عن المعرض وعن إيحاءات أعمالي الفنيه، وفي المقابل لا تصريح رسمي فلسطيني ولا تبني للفن ورسالاته، وبالإمكان تطبيق ذلك الموقف على عدة معارض منفرده أو مع مجموعه من الفنانين في مدينة واشنطن العاصمه، حيث قمنا بدعوة الممثلين الرسميين الفلسطينيين لحضور الإفتتاح أو لزيارة المعارض بلا أي نتائج أو إهتمام يذكر.
هنا فقط أعكس تجربتي الخاصه ولا أستطيع التعميم طبعا.
ولكن من نقاشاتي ومشاهداتي للعلاقه بين الفن التشكيلي والمؤسسات العربيه، وما أرى في المقابل في الغرب، فإنني أجزم أن هناك فراغ كبير ومن واجبنا جميعا العمل على تشجيع المؤسسات للإهتمام الأكبر بالفن التشكيلي لما له من روابط إيجابيه ونتائج مشجعه على كل الأصعده الحياتيه وعلى ديمومة الإنتماء والوطنيه والأمل .

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا