التاسعة ليلا .. بدأ الظلام يخيّم مجددا .. آذان المغرب يُعلن حلول ليلة أخرى بلا معنى ولا هدف .. وككل مساء، أجلس وسط كومة الظلام المحيطة بي هاته دون أن أفعل أي شيء .. أحاول تذكر ما فعلته طوال هذا اليوم .. لا شيء يُذكر .. مجرد روتين قاتل متكرر .. أبحث عن شيء يُعطي معنى لحياتي .. عن شيء جديد أقوم به يحرّك كياني ويجعلني ذا أهمية .. لا شيء .. لا شيء أبدا يحركني ويجعل حياتي ذات معنى .. قضيت حياتي و أنا أكرر هذا المشهد الروتيني القبيح في كل مرة .. أنظر إلى صوري القديمة العفوية التي التقطوها لي في صغري .. لقد كنت مبتسمة حقا .. يا للحسرة .. ابتسامة غير زائفة ... ابتسامة لا تخفي كل تلك الكمية الكبيرة من الضياع و اللامعنى كما هي الآن .. إن سألتني عما أنجزته طوال هاته السنين لن أجد شيئا ذا قيمة أجيبك به .. لم أقم بأي شيء يُذكر .. لا شيء البتّة .. كل ما فعلته هو أني قمت ببذل مجهود كبير لأستمر في العيش وأحافظ على نفسي كإنسانة سوية كي لا يصيبني الجنون .. هذا كل ما لدي لأفتخر به الآن، فأنا لم أفقد السيطرة على عقلي بعد .. لم أقم بأي شيء يشفع لي لأكون إنسانة طبيعية كما هؤلاء الأوغاد .. إنسانة طبيعية تشعر بالسعادة طوال الوقت أو حتى بعض الوقت .. وجدت نفسي فجأة وسط دوامة من الشك و التفكير والبحث من أجل اللاشيء .. من أجل العدم .. كل ما قمت به كان مجرد هراء بلا قيمة .. مجرد هراء تافه سيتكرر و يتكرر .. دون أن يُحدث تغييرا .. كل ما يتغيّر هو عدد الأيام التي تمضي بسرعة مهولة وجنونية .. لقد تحولنا إلى أشخاص مثيرين للشفقة .. الوضع يزداد سوءا شيئا فشيئا .. وما من حل للخروج من مأزق الوجود هذا .
عن طنجة الأدبية
عن طنجة الأدبية