من المنتظر أن يخلف الاتفاق الأوروبي بخصوص الهجرة، والذي يقضي بإحداث "منصات إنزال" مهاجرين في الدول المغاربية الكثير من ردود الفعل. وهذا بحكم أن القرار كان "أحادي الجانب" وفق تعبير اللجنة الوطنية العليا الليبية. فكيف تجاوبت بلدان المنطقة مع هذا القرار؟
تضمن الاتفاق الذي تمخضت عنه القمة الأوروبية المنعقدة الخميس حول مجموعة من الأسئلة الأوروبية على رأسها الهجرة، إحدى النقاط، التي تنظر بلدان أوروبية لها بكونها في غاية الأهمية، لمواجهة أزمة الهجرة بأكثر فعالية. ويتعلق الأمر بإنشاء مراكز استقبال أو احتجاز للمهاجرين في الضفة الجنوبية من المتوسط، أطلق عليها "منصات إنزال" للمهاجرين الذين يتم إنقاذهم في عرض البحر.
كما جاء في الاتفاق أنه ستخلق "مراكز خاضعة للمراقبة" تقام على الأراضي الأوروبية. وسيكون ذلك على أساس طوعي، ولا تكون الدول الأوروبية مجبرة على المساهمة فيه. وورد في الاتفاق أيضا الحد عمل الحكومات الأوروبية على الحد من تنقل المهاجرين بين دولها. كما نص على حث جميع المنظمات الإنسانية على الامتثال للقوانين المفروضة، إضافة إلى رفع الدعم المالي لخفر السواحل الليبي.
والمعني الأول من "منصات الإنزال" هي دول المنطقة المغاربية، وتحديدا تونس، الجزائر، المغرب وليبيا. ويراد منها تجميع المهاجرين في هذه المراكز، التي لم يحدد دورها بالتفصيل، إن كانت للاحتجاز أو الاستقبال، على أن تدرس ملفات المهاجرين الواحد تلو الآخر، وتمكين المهاجرين المستوفين لشروط اللجوء من حق اللجوء والانتقال لإحدى الدول الأوروبية.
الجزائر "غير معنية بمشروع الاتحاد الأوروبي"
ولم تبد الدول المغاربية أي تجاوب مع هذا الاتفاق، خاصة في شقه المرتبط بإحداث "منصات إنزال" المعنية به. ونقل موقع "كل شيء عن الجزائر" عن مسؤول جزائري، وصف بالرفيع المستوى، أن "بلاده غير معنية بمشروع الاتحاد الأوروبي الذي يخطط لبناء مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة في دول شمال أفريقيا، ولا يوجد أصلا محادثات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي حول ذلك".
ومن جهته، قال مسؤول في وزارة الداخلية الجزائرية "إذا كانوا يريدون أن يفرضوا علينا منصات للهجرة خارجة عن الإقليم، هذا لن يحدث طبعا، لأن تنصيب مراكز استقبال في بعض الدول الأفريقية هو بمثابة معرض للعبيد"، حسب تعبيره. كما اعترض وزير الخارجية عبد القادر مساهل على الفكرة، معتبرا أن "الجزائر تعاني من هذه الظاهرة" أيضا، قاصدا أزمة الهجرة.
وجاء تصريح رئيس الدبلوماسية الجزائرية ردا على حديث وزير الداخلية الإيطالي لوسائل الإعلام قال فيه: إن "إيطاليا ستدعم بالاتفاق مع السلطات الليبية إنشاء مراكز استقبال للمهاجرين جنوبي ليبيا على الحدود الجزائرية".
المغرب: "حلول سهلة"
وهذا الرفض للاتفاق الأوروبي، لم يقتصر على الجزائر فقط، وإنما عبرت الرباط بدورها عن عدم قبولها بالانخراط في هذه الفكرة، علما أن المغرب اعتمد منذ سنوات سياسة للهجرة، تصفها تقارير إعلامية بالمتقدمة، يحاول من خلالها إدماج المهاجرين في النسيج المجتمعي.
"إنها حلول سهلة وغير منتجة" يعلق وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في تصريح له على هذا الاتفاق. ودعا للتعاون مماثل للشراكة المغربية الإسبانية في مجال الهجرة.
تونس رفض قديم
ولم تبد تونس من جهتها أي استعداد للتعاون مع بروكسل بهذا الشأن. وكانت نفت قبل مدة على لسان سفيرها في روما أي تعاون مع الاتحاد الأوروبي بهذا الشأن، في رد من الدبلوماسية التونسية على مقال لصحيفة إيطالية، تحدثت فيه عن مفاوضات تونسية إيطالية لإحداث مراكز احتجاز المهاجرين في تونس.
ليبيا: صمت حكومة الوفاق ورفض "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان"
أما بالنسبة لليبيا، وإن كانت حكومة الوفاق الوطني ملتزمة الصمت بهذا الخصوص، إلا أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان سارعت للتعبير عن "رفضها التام للخطة الأوروبية الأحادية الجانب"، في بيان توصل به مهاجر نيوز. وبررت هذه المنظمة المستقلة هذا الرفض بالوضع الإنساني والحقوقي في ليبيا، إضافة لكون هذا البلد المغاربي غير موقع على معاهدة جنيف الخاصة باللاجئين.
عن مهاجر نيوز