جهشت الفتاة التي لم تتجاوز العشرين ربيعاً «سحر»، بالبكاء وهي تروي أثناء زيارتها لنا في العيد برفقة أمها حكاية إرغام عمها لها بالموافقة على الزواج ضرة ثالثة من الشاب «مصلح»
البلغ أربعين عاما من العمر، ولم تكمل معه المائة يوم حتى بعث لها بقسيمة الطلاق بعد عجزه عن دفع إيجار الشقة التي استأجرها لها عندما كان «شيخاً» وميسور الحال.
تنهدت بعمق وهي تمسح دموعها التي امتزجت مع مساحيق مكياجها الجميل وقالت : « لم أكن أرغب بالزواج منه لولاء إلحاح عمي بالموافقة عندما قدم لهُ نفسه على أنهُ شيخ ديني، وتبيَّن فيما بعد بأنه يعمل في تجارة السوق السوداء لبيع المشتقات النفطية، وتعززت شكوكي أنه يقدم نفسه بشخصية مزيفة ليكسب رضاء عمي ووده حين عرفت بعد العرس بزواجه من الثانية انه كان قبل عام ونصف وأثناء الحرب، ولو كنت أعرف بهذا من قبل لرفضت الزواج نهائياً لأن من يتزوج مرتين خلال عامين دليلاً كافياً على أنه غير صالح للزواج، وهذه الحقيقة المكتشفه من زواجه بالثانية ثم مني تؤكد أنه كان يقلد بعض شيوخ الدين الذين يبررون تعدد الزوجات ببوابة العبور للجنة».
يبرر الرجال حقهم في الزواج بالثانية أو الثالثة أو الرابعة، بحجج دينية متعددة، ولا خلاف في ذلك شرعاً، ويقدمون على تحقيق رغبتهم بدوافع متعددة، لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى بالنوايا الكامنة خلفها، صادقة كانت أم للتسلية ببنات الناس، وفي معظم الحالات تحدث المفاجأة بعد العرس، حتى بعض شيوخ الدين غالباً يصطدموا بالواقع الجديد، ويفشلون، لكن للحق استطاع بعض الرجال تحقيق السعادة، والتعايش والاحترام بين كل الزوجات والأبناء.
إن نجاح واستمرار الزواج وإيجاد السعادة الزوجية مرتبط بعوامل متعددة منها مالية واجتماعية ونفسية، قد يتحملا العروسين صعوبة الحياة ويكافحان بالصبر والتعاون والعمل المثمر لتغيير واقعهما، وجعل عشهما الزوجي سعيداً، لكن هناك عامل أكثر أهمية يترتب عليه استمرار الزواج أو فشله وهو العامل الذاتي أي توفر الرغبة الأكيده لدى العريس عند التقدم للعروس واستمرار قوة هذه الرغبة وعدم ضعفها بعد الزواج، ثم قدرته الاقتصادية والمالية وملائمة ظروفه الاجتماعية على توفير العيش والسكن لها منفردة أو مع بقية الزوجات. إما الرغبة المؤقته أو المرتبط توفرها باستمرار مصادر الدخل المؤقته تسمى “نزوة” لا يمكن إن تبني حياة زوجية سعيدة وعامرة إلا زواجاً مؤقتاً تتبع أفراحه أحزان ودموع وذكريات مؤلمة لدى الفتيات والشباب المغلوب على أمرهم الذين لم يحسبوها صح، ممن لم تكن في نواياهم المسبقة من الزواج تحقيق “النزوة” أو تقليد الشيوخ ومغالطة الأهالي كما فعل “مصلح” الذي صور نفسه شيخ ديني وانطلق في زواجه من دوافع دينية وكأن يبحث عن الأجر والسعي للجنة مقلداً بعض الشيوخ.
كما هو للحروب أبطالاً وضحايا حقيقيون، يظهر فيها أيضاً أبطالاً مزيفون، ورواة منافقون، وتزدهر فيها تجارة السوق السوداء والممنوعات سلاح، وقود.. غذاء، …الخ، وليس كل من اشتغل فيها بطلاً أو ثائراً أو شيخاً أو عريساً صادقاً، إنما يطلق عليهم تجار حروب، فاحذروا العرسان القادمون منها، وتأكدوا من صلاحيتهم قبل الوقوع في زيفهم.
n.albadwi2013@hotmail.com
