أصدر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، برئاسة أمينه العام الشاعر والكاتب الصحفي الإماراتي الكبير حبيب الصايغ، بيانًا تعليقًا على التصريح الذي أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب،
فجر اليوم الأربعاء في ولاية فرجينيا، قائلًا إن مدينة القدس خارج طاولة المفاوضات في المستقبل، مقررًا وحده -هكذا- مصير المدينة التي تضم المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتهفو إليها قلوب مئات الملايين حول العالم.
وقال حبيب الصايغ: إن الإدارة الأمريكية لا تخرج عن سياقها حين تمضي في سلوكها نفسه وهي تتعامل مع موضوع القدس، لكنها، في واقع الحال، تخرج، يوميا واستراتيجيا، عن سياق المنطق والعقل، وهي تتعامل مع هذا العنوان التاريخي خارج التاريخ، ومع هذا العنوان الحضاري خارج الحضارة، ومع هذا العنوان الديني خارج الدين، ومع هذا العنوان السياسي خارج السياسة.
وأكد الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب أن الرئيس ترامب وإدارته يتعاملون مع ملف القدس وكأنه ملف هامشي وطارئ، أو كأنه ليس جزءًا من النسيج الداخلي، وبامتياز، للقضية الفلسطينية كقضية شعب ووطن وأمة وإنسانية، وكما لو كان قوسًا إضافيًّا زائدًا على المبنى وملحقًا به من خارجه، ما يدل على فهمه وإدارته لمعنى الحوار والحاضر والمستقبل، حين يقلب الحقيقة الثابته، فيجعل الطارئ المتمثل في إدارته وأي إدارة، شيئًا ثابتًا مستمرًا، ويجعل القدس القضية الطارئة والمؤهلة للنسيان.
وشدد الصايغ على أن الإدارة الأمريكية تنسى بهذا أن وعد ترامب الذي جاء بعد وعد بلفور بمئة عام، ببيع القدس أو التنازل عنها، بدءًا بقرار نقل السفارة الأمريكية، هو كوعد بلفور، وعد من لا يملك لمن لا يستحق، وعلى الإدارة الأمريكية التي لم تقرأ، على ما يبدو، حرفًا واحدًا من تاريخ القدس وفلسطين والشعوب المتمسكة بحقها وتقرير مصيرها، أن تتأمل قليلًا المشهد الفلسطيني والعربي منذ القرار الأهوج: إلى اجتماع العرب -الذين يفرقهم كل شيء- على كلمة القدس، وإلى قمة القدس في الظهران، وإلى وفود الشهداء والمصابين والأسرى، وإلى مسيرات العودة إلى الآن، حيث كان الإصرار مطوقًا بدم الشهداء البشارة وعلامة الطريق.
ووجه الصايغ رسالة قوية باسم الأدباء والكتاب العرب قائلًا إن القدس ضمير الأمة، وضمير الأمة ليس للبيع بأي ثمن أو تسوية، فالقدس هي، في حد ذاتها، القيمة المطلقة. وأضاف: أن الأدباء والكتاب العرب يلاحظون محاولات اختصار فلسطين في القدس والقدس في المسجد الأقصى، وهو ما لايقبله المنطق، لا منطق التاريخ ولا منطق السياسة أو القانون.
وذكر البيان أنه سواء أُخذ كلام ترامب "المتقلب" على محمل الجد أو لم يؤخذ، فإن في تصريحه "تشييئًا" للقدس واعتبارها سلعة تباع وتشترى وكأنها، وَيَا للمفارقة، إحدى صفقاته التجارية. كما أن في تصريحه، وفِي سياقاته المتصلة بالموضوع، استخفافًا بالعرب والمسلمين والمسيحيين في العالم، وكأن إرادة الشعوب أو قدر التاريخ يمكن أن يشطب بتوقيع فارغ من مضمونه على قرار فارغ من مضمونه.
واختتم بيان اتحاد الكتاب العرب بالتأكيد على أن لحظة الدم الفلسطيني هي الأبقى، وهي الأجدر بالمعنى والإعجاب والنقل التليفزيوني والإعلامي والبقاء والحباة، ولمن يعي التاريخ ويفهم في العقل والسياسة، فإن تعامل الفلسطينيين والعرب مع مسألة القدس يجبُّ، عبر الاستفادة من تجربة التاريخ ووعي العقود الماضية، مسارًا آخر يشبه معناها وعمقها وديموتها. القدس جزء من فلسطين، وقضية القدس جزء من القضية الفلسطينية، فلا فصل ولا تهاون ولا "صفقة قرن" إلا في ذهن الرئيس ترامب ووهم إدارته.