الجزائر – «القدس العربي»: اجتمع أمس الأربعاء المخرج الجزائري بشير درايس مع مسؤولين في وزارة المجاهدين الجزائرية بخصوص فيلم بن مهيدي، الذي ترفض السلطات الترخيص بعرضه،
بدعوى مخالفته للنص الأصلي، الذي وافقت عليه وقررت على أساسه تمويل الفيلم، فيما يؤكد المخرج أن الأمر لا يتعلق بهذه التفاصيل، وإنما بحرية التعبير المهددة بالانقراض، وأن هناك إرادة لإعادة كتابة التاريخ وفق وجهة نظر معينة.وقال مخرج الفيلم بشير درايس في تصريح لـ»القدس العربي» إن السلطات وخاصة وزير الثقافة تسعى لتحويل الأنظار عن النقاش الحقيقي، لأن المشكل ليس في السيناريو، أو في التعديلات، التي تم إدخالها عليه، وأن هناك جملة من المغالطات يجب تصحيحها، مؤكدا أنه ليس منتجا منفذا حتى لا تتحكم فيه وزارة المجاهدين ووزارة الثقافة، بل إنه مخرج العمل ومنتج منتدب وليس منتجا منفذا فقط، وأن السيناريو الخاص بالفيلم كتبه عبد الكريم بهلول، وذلك بعد الاطلاع على النص الأصلي الذي كتبه مراد بوربون، وكان من الصعب تحويله مباشرة إلى فيلم، بالنظر إلى التكلفة العالية للفيلم من جهة، ولأن النص لم يكن سيناريو حقيقيا، بل وثيقة تاريخية.
واعتبر درايس أن بهلول نزل ضيفا على عدة بلاتوهات تلفزيونية باعتباره سيناريست فيلم بن مهيدي، والسلطات كانت تعرف ذلك جيدا، كما أنه كان حاضرا في تصوير عدة مشاهد من الفيلم.
وشدد المخرج على أن الجدل القائم بخصوص التمويل فيه الكثير من المغالطة، لأن الفيلم كان قد حصل على تمويل من شركات توزيع في الخارج، وجهات أخرى كان يهمها الفيلم، وبلغت الميزانية 6 ملايين يورو، ولكن السلطات تدخلت، وقالت إنه من غير المقبول أن يتم إنجاز فيلم عن شخصية ثورية مثل بن مهيدي، دون أن تساهم فيه، الأمر الذي جعلنا نعتذر لمن أرادوا التمويل، ونقبل بتمويل السلطات للفيلم جزئيا، والذي انخفضت ميزانيته إلى 3 ملايين يورو وهناك من قمنا بتسديد الأموال التي دفعوها، يقول المخرج، الذي يؤكد أنه منذ سنة تقريبا، ولما بدأ يشعر أن السلطات وخاصة وزارة المجاهدين غير راضية عن الفيلم، وجه مراسلة إلى وزير المجاهدين طيب زيتوني، وعرض عليه تسديد المبلغ الذي دفعته السلطات في الفيلم، والمقدر بحوالي مليون يورو، لأن هناك شركة توزيع أجنبية أعجبها الفيلم، وأرادت المشاركة في التمويل، لكن وزارة المجاهدين ردت في مراسلة رسمية، ورفضت العرض الخاص باسترجاع الأموال التي وضعت في الفيلم، مشددا على أنه ما زال مستعدا لتسديد المبلغ الذي مولت به السلطات إنجاز فيلم بن مهيدي.
واعتبر درايس أنه أنجز فيلما عالميا عن بن مهيدي، وأن هناك أكثر من 30 قناة أجنبية وقعت على شراء حقوق بث الفيلم، والذي سيتم عرضه في قاعات السينما في خمس دول أوروبية وأمريكية، وبالتالي فإن تأخير صدور الفيلم مسألة تترتب عنها خسائر مالية لأن هناك شروطا تعاقدية، ولا يمكن بكل بساطة وضع الفيلم في الدرج ونسيانه، موضحا أنه سيسعى إلى التوصل لاتفاق مع وزارة المجاهدين، ولكنه لن يحرف الفيلم ولن يزيف الحقائق التاريخية، وأنه إذا لم يتم التوصل لاتفاق سيضطر للجوء إلى القضاء.
انتقادات للتكلفة المالية
وأبدى المخرج انزعاجه من الكلام الكثير حول تكلفة فيلم بن مهيدي، معتبرا أن المبلغ لا يساوي شيئا بالنظر إلى ما تم إنجازه، والفترة التي استغرقها التصوير، وإعادة بناء مدينة بأكملها في تونس تشبه مدينة بسكرة خلال الأربعينيات والخمسينيات، وإعادة بناء البيت العائلي لبن مهيدي، وبناء جسر في منطقة الأخضرية، مستغربا لماذا لا يتم الحديث عن أفلام أخرى مولتها السلطات، والتي التهمت ميزانيات ضخمة، بل إن هناك أفلاما استنزفت مبالغ ضخمة دون أن يتم تصويرها، مثل مشروع فيلم الأمير عبد القادر، الذي التهم ميزانية تقدر بـ15 مليون يورو، ذهبت أدراج الرياح، دون أن يتم تصوير مشهد واحد، ولم يتم بناء أي ديكور، يقول بشير درايس!
وشدد المخرج على أنه يشعر أن هناك نية لإعادة كتابة التاريخ وفق وجهة نظر معينة، على حساب ذاكرة الشهداء، في حين أن هناك حقائق تاريخية لا يمكن القفز عليها، وأنه كمخرج منتم إلى الجيل، الذي ولد بعد الاستقلال، لا يمكن أن يساهم في تزييف التاريخ، مشيرا إلى أن النقاش، الذي يجب أن يكون هو ذلك المتعلق بحرية التعبير، التي أضحت أكثر من مهددة، لأنه من القانون الذي وضعته وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي، والذي يفرض رقابة على الأعمال السينمائية، وخاصة والتي تخص الثورة، أصبح للإداري يد مطلقة، في حين لم يعد للسينمائيين أية سلطة على أعمالهم، وأنه كان من القلائل الذين نددوا بهذا القانون، والنتيجة نراها اليوم.
وشدد المخرج على أنه يشعر أن هناك نية لإعادة كتابة التاريخ وفق وجهة نظر معينة، على حساب ذاكرة الشهداء، في حين أن هناك حقائق تاريخية لا يمكن القفز عليها، وأنه كمخرج منتم إلى الجيل، الذي ولد بعد الاستقلال، لا يمكن أن يساهم في تزييف التاريخ، مشيرا إلى أن النقاش، الذي يجب أن يكون هو ذلك المتعلق بحرية التعبير، التي أضحت أكثر من مهددة، لأنه من القانون الذي وضعته وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي، والذي يفرض رقابة على الأعمال السينمائية، وخاصة والتي تخص الثورة، أصبح للإداري يد مطلقة، في حين لم يعد للسينمائيين أية سلطة على أعمالهم، وأنه كان من القلائل الذين نددوا بهذا القانون، والنتيجة نراها اليوم.
وزير الثقافة غيرا راض عن الفيلم
من جهته اعتبر وزير الثقافة عز الدين ميهوبي أنه لا يريد الدخول في جدال مع المخرج، وأن القضية تعاقدية قانونية بحتة، فالمخرج قدم سيناريو الفيلم الذي على أساسه تم تمويله، لكن عندما انتهى من التصوير قدم فيلما آخر غير ذلك الذي تمت الموافة عليه، وبالتالي وجدنا أنفسنا أمام فيلمين، واحد تم اقتراحه لم يتم تصويره، والثاني لم نسمع به من قبل، مشددا على أن المخرج حر في تقديم الفيلم من وجهة النظر التي يريد، لكن عليه أن يجد له التمويل.
ونفى الوزير أن تكون هناك أية نية لفرض وجهة نظر معينة في إنجاز الأفلام السينمائية، لكن من الضروري احترام العقود المبرمة، خاصة لما يتعلق الأمر بتمويل حكومي، موضحا أنه لا يريد الخوض في محتوى الفيلم، لأن هذا الأمر ليس من اختصاصه، ولكن الملاحظة الأساسية هي أن الفيلم المقدم مخالف للسيناريو الذي قدم إلى لجنتي وزارتي المجاهدين والثقافة والذي تمت الموافقة عليه.
ونفى الوزير أن تكون هناك أية نية لفرض وجهة نظر معينة في إنجاز الأفلام السينمائية، لكن من الضروري احترام العقود المبرمة، خاصة لما يتعلق الأمر بتمويل حكومي، موضحا أنه لا يريد الخوض في محتوى الفيلم، لأن هذا الأمر ليس من اختصاصه، ولكن الملاحظة الأساسية هي أن الفيلم المقدم مخالف للسيناريو الذي قدم إلى لجنتي وزارتي المجاهدين والثقافة والذي تمت الموافقة عليه.