سوداء، قبيحة، متسخة، مخيفة وغريبة الأطوار، هكذا لُقبت في يومي الأول في المدرسة الابتدائية بسبب شعري المجعد. لم ينتهِ الأمر عند هذا الحد بل انتظروني بعد
الدوام الدراسي وألقوا على شعري القمامة. الحل الأمثل في نظر والدتي لم يكمن في معاقبة هؤلاء الأطفال المتنمرين أو التمرن على قبول خامة شعري ومحاولة عقد هدنة مع شكلي الطبيعي، ولكن في التخلص من التجعد.
أمتلك شعرا مجعدا منذ ولادتي والذي يتكون في أساسه من حلقات متشابكة بإحكام يُخيل للناظر إليها أنه يرى شبكة لأسلاك التليفون في حي شديد الازدحام مما يوحي بأن الشعر المجعد أمرٌ فظيعٌ يجب التخلص منه؛ ولهذا اضطررت لزيارة مصفف الشعر كل أسبوع لجعل شعري أملسا، ليس ذلك فقط بل اضطررت لتحمل على مضض درجات الحرارة العالية لمجفف الشعر والتي كانت تحرق عنقي. أُمرت على مدار الساعة بتمشيط شعري حتى لا يبدو فوضويا، غير لائق وغير محتشم.
يتم التمييز ضد النساء حول العالم وفقا لخامات شعرهن، صدقوني إنه أمرٌ هام عندما يؤدي إلى رفضنا من وظيفة الأحلام أو منعنا من دخول المدرسة إلى أن نهدم شعرنا، علاوة على ذلك نصبح منبوذات ويتحول تصفيف شعرنا إلى معركة نخوضها دون أدنى فرصة للفوز، سيبدو الأمر بعد ذلك وكأنه خللٌ فينا يجب أن نعوض عنه. سيحاولون إقناعنا أننا لسنا جميلات كفاية ولا نتماشى مع مقاييس الجمال في المجتمع، ولا أعني المجتمع المصري أو العربي وإنما المجتمع الدولي الذي كون تلك الصورة الغير صحيحة والعنصرية حتى يقنعنا ألا يوجد امرأة أجمل من ممثلة “هوليودية” تسير في خيلاء على السجادة الحمراء ” ببشرتها البيضاء” و”شعرها المسترسل الأشقر“.
على ما يبدو أن الإجابة هي “لا”، شعرنا المجعد ليس وصمةَ عارٍ، أو عبءً يفوق الشعر الناعم أو المموج؛ على الرغم من أنه يبدو جميلا في بعض الأحيان، نتمنى في أوقاتٍ أخرى أن نزيله عن بكرة أبيه، القضية حقا لا تكمن في شعرنا في حد ذاته بل في استطاعتنا أن نظهر أنفسنا دون الخوف من الرفض أو الإهانة أو التنميط نحن نستحق أن نكون طبيعيات وأن نتسمك بشعرنا الطبيعي الذي ينمو من فروة رؤوسنا مثلما لا نغطي ندوبنا أو علاماتنا البيضاء.
وختاما، إن اللحظة التي سندمر فيها شكلنا الطبيعي، سنخسر أنفسنا.