-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

حوار مع سلمى الخضـراء الجيوسي في الـ«95» من عمرها ولا يزال في جعبتها كثير من المشاريع

من المعروف عن الناقدة والباحثة والمترجمة سلمى الخضراء الجيوسي أنها تنجز معظم مشاريعها بجهود فردية، لكن ما تقدّمه هذه الباحثة والكاتبة والمترجمة يفوق في أثره
ونتائجه ما تقدّمه مؤسَّسات حكومية وغير حكومية ضخمة تتوافر لديها الأموال والإمكانات وتُخَصَّص لها الميزانيات. والسرّ في ذلك أن الجيوسي تُقبل على مشاريعها بهمّة عالية، وتتولّاها برعايتها وإشرافها، وتكرّس لها وقتها وجهدها، مؤمنةً بقدرتها على إحداث الفرق وطبْع بصمة تخصّها وحدها دون سواها على جدار التاريخ.
والزائر إلى بيتها في العاصمة الأردنية عمّان، يعجب وهو يتأمّل ما يحلو لي أن أدعوه «خزانة الأسرار» التي قُسمت إلى عشرات الصناديق لتحتضن متعلَّقات المشاريع التي لم تنتَهِ (وربما لم تبدأ) بعد، ويشمل هذا الأفكارَ والخطاطاتِ والتصوراتِ الأولية والمحاورَ والاقتراحات.. وهذا واحدٌ من المؤشرات على الجدّية والمثابرة والإحساس بالمسؤولية، وهي الصفات التي تلازم شخصية سلمى الخضراء، وتجعلها «أيقونةً» في مجال العمل البحثي والثقافي المنطلق من رسالةٍ وطنية وقومية واضحة الملامح والأهداف.
ومن هذه الزاوية يمكن تفهّم الدوافع التي انطلقت منها وهي تؤسس في عام 1980م مشروعها الكبير «بروتا»، فقد كانت هناك حاجة ماسّة لوضع الكتاب العربي الجيد على رفوف المكتبة العالمية، وكان لا بد من سدّ الفراغ الناتج من غياب الثقافة العربية في المدوّنة الإنسانية. ثم جاء تأسيس «رابطة الشرق والغرب» للدراسات (1992م)، وهو مشروع أخذ على عاتقه إصدارَ عدد من الكتب النوعية المشتملة على دراسات حضارية، ومنها كتاب جامع عن حقوق الإنسان في الفكر العربي، وآخر عن القدس في التاريخ والتوراة، وثالث -كبير جدًّا- عن المدينة في العالم الإسلامي، ورابع عن الفن القصصي العربي في العصور الكلاسيكية.
هذه الحماسة للإنجاز وإطلاق المشاريع سمة لصيقة بشخصية سلمى الخضراء الجيوسي التي لا تفتأ تؤكد أنك إنْ قدمتَ أدبك وتراثك بشكل متقَن وذكي، فإن العالم مستعدّ له ومنفتح لك، مهما كانت محاولاتُ أعداءِ الثقافة العربية لردعه ولمنعك من تقديمه قوية.
وتقرّ الجيوسي أنّ ما يفتّ في عضدها، هو أنّ الرسالة الأساسية التي كرّست لها حياتها، لم تُصِبْ بـ«العدوى» إلّا عددًا قليلًا من المسؤولين العرب. لكن هذا لم يُثْنِها عن مقاومة الجهل الفادح بالعرب في الخارج، ونشر أرقى ما أنتجه العرب من أدب وإبداع في العالم، والتعريف بالإرث الروحي والمزايا الإنسانية لهم في القرون الوسطى.
ومما يَسِم  تجربتها أيضًا، تنوّع اهتماماتها وتعدُّد اشتغالاتها، فمِن الشعر إلى النقد، ومن تأريخ الأدب إلى البحث والترجمة، ومن الإشراف على الأنطولوجيات الموسوعية إلى الغوص في التراث.
فقد أبدت هذه المبدعة اهتمامًا بالشعر في بداياتها، وأصدرت مجموعتها اليتيمة فيه «العودة من النبع الحالم» عام 1960م، ثم تحولت إلى النقد والبحث والترجمة بعد أن أجرت على الشعر «حكمًا جارحًا» على حد تعبيرها. فكانت إذا جاءتها القصيدة، لا تتردد في تأجيلها ريثما تنتهي من هذا ومن ذاك، ولأن لحظة الإبداع هشّة ولا تطيق التأجيل، فقد ضحّت سلمى الخضراء بما لا يُضَحّى به حتى تنجز ما يجب أن يُنجَز، بحسب ما تقول قبل أن تضيف: «لو كنت أعيش في زمن رخيٍّ أتمتع باستقرار الوطن جميعه وتقدمه المستمر، لما اخترت إلّا الإبداع تعبيرًا عن تجارب الحياة، ولكني أدرك أنه لن يقوم بنا إلا العمل المستمر للدفاع عن شرفنا المغتصَب وسمعتنا الحضارية وإنجازاتنا الزاهرة».
وفي النقد، استهواها التأريخ الأدبي أكثر من سواه، لهذا خصصت أطروحتَها للدكتوراه لتناول الشعر العربي الحديث منذ القرن التاسع عشر حتى عام 1970م مؤرّخةً كل ما حصل لهذا الشعر منذ عصر النهضة.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا