-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

الإسم متقي والفعل فاجر بقلم / هناء السعيد.

حكي البخاري في كتابه المسمي الصحيح أن أهل اليمن كانوا إذا جاءوا مكة للحج لم يحملوا معهم طعام وشراب ويقولون نحن " المتوكلون" !!

حتي اذا وصلوا اخذوا يتسولون الناس طعامهم وشرابهم. ويقال إن هذا كان سبب نزول الآية (( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى )) البقرة 197 . أين مكان العلة والداء هنا ؟؟ لدينا خلط وصورة نمطية للمتقي وللمتوكل علي حد سواء ، وهو أنه شخص ضعيف هزيل ملابسه هالكة ووجه شاحب من الورع ، تارك الدنيا ، زاهداً فيما سيأتي ناسيا ما قد مضي . تلك الصورة مصدرها قناعة ترسخت في العقلية المسلمة من قرون التأصيل والتقعيد والتمذهب ، وهي أن ما يحبه الله فقط هو امتثال أمره الشرعي ، وعليه فالصالح والتقي والمتوكل هو العابد ، وعليه فأقدس المقدسات المحراب وما حوي . لكن لله تعالي سنن كونية ، أسباب وقوانين وضعها لحكم كونه ، أسباب بدونها لن يتم إعمار هذا الكون ، وهي المهمة التي لأجلها خلقنا ، ولكننا نسينا بل تناسينا . تلك الطرق الدنيوية التي وضعت للدنيا ، لأن الله يحب الدنيا ، ويحب خلقه و إلا لماذا خلقهم وخلقها ؟! هل خلقهم ليكونوا اعداد ضخمة بلا سعر ، هل خلقهم ليكونوا عالة يركعون لمن يطعمهم ويسقيهم ويداويهم ويأويهم ؟! اللهم لا.. وكذلك فإن من حاد عن أسباب الله في دنياه ، كمن حاد عن توحيديه عالماً متيقنا من داخله ، كلاهما ميزان واحد ، وليسوا جبهتان متعارضتان كما تديننا "الأعور " عودنا ، أو كما اتخذناه ستار لتكاسلنا ، و أسطورة أن لنا الآخرة ولهم الدنيا ، فهذا عشم إبليس في الرضا عنه ، جنة الآخرة امتداد لجنة الأرض ، من خرب هنا لن يجد هناك عمار ولا مستقر وقرار . من الكبائر والمعاصي أن تجهل صنع حاجاتك ، أن تجهل طرق بناء بيتك ، أن تجهل طرق ادارة مدينتك ، أن تجهل مالك وما عليك ، ان تجهل لغة تحتاجها في التعامل ، أن تجهل ما يلزم التواصل والتعارف من سبل واخلاقيات ومساحات لقبول الاختلاف وبه تقطع " لتعارفوا" . . الأمر الشرعي أتذكره ؟؟ ومن ينبهر بالغرب وتقدمه المذهل فإن السر المكشوف لنا هو أنهم كانوا متقين بالاخذ بالسنن الكونية علي الأقل.. اما نحن فنزعم التقوي والمشيئة عندنا كود المراوغة ، والتكبير صار علامة رعب ، وصلاتنا وصيامنا وقت عطلة العمل ، ومفكرنا مذنب ، ومكفرنا إمام !! لا تقوي شرعية ولا كونية ، وأشكو بثي وحزني إلي الله.. فنحن أمة جنت علي نفسها بنفسها قبل التأمر ، جنت علي نفسها لما قلبت الموازين وشرعنت الخمول وتغزلت في الفقر وتفننت في سرد حكايات القبر ، وختامات النساك بسجدة ، ربما لو مجدوا من مات غارق في عرقه بعد كده في ارضه أو من صرع لأجل فكرته لتغير الحال.. فهل نحن متقين أم جائرين ؟؟ (أسأل روحك) علي قولة الست.. فالاجابة لا تحتاج بحث في مراجع ، تحتاج ضمير وصراحة وشجاعة مهما كان هذا موجعا فيه الشفاء.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا