القاهرة ـ «القدس العربي»: يقدم الروائي المصري سعد القرش في هذا الكتاب، قراءة للمشهد الصحافي والإعلامي المتداعي قبل اختفاء ـ أو إخفاء ـ مهنة من الوجود، مع تصاعد مسارات إعلامية شعبية فورية تستعصي على الرقابة، وتتيح لكل مواطن أن يكون إعلاميا ينقل واقعة أثناء حدوثها، وينلقها متابعون عبر العالم، ربما قبل وصول خبرها إلى الرقباء أنفسهم.
الكتاب، الذي أهدي إلى أستاذة الإعلام في جامعة القاهرة عواطف عبدالرحمن، أقرب إلى شهادة على مشهد سياسي وإعلامي مريض، وقد أصدرته دار ابن رشد للنشر في القاهرة، في سلسلة عنوانها «ميديا»، ويصدر فيها تباعا عدة كتب أخرى عن الشأن الإعلامي.
يستعرض المؤلف قضايا يشتبك فيها السياسي والاجتماعي بالإعلامي، من خلال مناقشة قضايا وهمية يفتعلها الإعلام، وتأميم الخطاب الإعلامي باستخدام رجال الدين أيضا، وفشل الإعلام المصري مهنيا في اختبار وفاة الرئيس السابق محمد مرسي، بنشر الخبر في صفحات الجريمة. والحدود والمسافات بين العمل الصحافي والسياسي والإعلاني والأمني/ المخابراتي.
ومن أجواء الكتاب هذه الاقتباسات:
«لا وجود للمواطن في صحف تتجنب بالأمر إثارة قضايا مثل مصرية تيران وصنافير. هناك صحف ألغت صفحات الرأي، واحتفظت صحف بصفحات للرأي منزوعة الروح كانت تنشر، على استحياء، مقالات لبقايا صقور مخصيّة، استخدمت مؤقتا واجهة للزينة، قبل الاستغناء عنها». «هل تتوجه الصحف إلى الناس بأوامر الحاكم، وتتفنن في تسويغ قرارته مهما تكن متعسفة، والمبالغة في الإشادة بحكمته إن وجدت، كما تحجب عنه الحقائق بما فيها نذر الثورة؟ أم تكون صوتا للجماهير ينقل أشواقها ومتاعبها إلى صانع القرار؟». «في عام 1879 انتشل الإمام محمد عبده جريدة «الوقائع» من ورطتها المهنية، فوضع لائحة تمنحها «حق الانتقاد على أي عمل من الأعمال عندما ترى له وجها، بما في ذلك نظارة (وزارة) الداخلية نفسها التي كانت الجريدة جزءا منها». «لنفترض هبوط كائن فضائي، واطلاعه على 50 مطبوعة، أو صعود هذه العبء «الورقي» ثقيل الوزن خفيف المضمون إليه، فهل يتخيل أن لمصر علاقة بمحيط اسمه العالم العربي؟». «لا يكتفي الظل الإعلامي بالاعوجاج، ففي ثبات هذا الاعوجاج صورة صادقة لعود أعوج، ولكن العود يهتز، ويتوالى تأرجحه، فتفشل مرآة الإعلام في تثبيت وضع يدل على عقل كبير يدير الأمور، منذ الارتهان بالتوقيت الأمريكي الإسرائيلي، ورفع شعاريْ «مصر أولا» و«مصر فوق الجميع»، في استنساخ لنشيد ألمانيا النازية».
مما يتضمنه الكتاب استسهال حجب المواقع الإلكترونية الأجنبية، التي تستهدف المصريين برسائلها، وكذلك إلغاء المواقع الإلكترونية للمؤسسات الصحافية الرسمية المصرية، وفي هذا الإلغاء محو يحرم المصريين والعرب والأجانب على السواء من وصول «صوت» مصر الهزيل مهنيا. في حين لا يعرف العرب عن مصر إلا ما تقرره لهم قناة «الجزيرة». وإذا بثت مادة إعلامية مصرية فلا تكون إلا مقطع فيديو من هزليات أحمد موسى، بإذاعته عام 2015 لعبة حربية من عام 2010 باعتبارها قصفا روسيا بارعا لمواقع «داعش»، وتجاوزات غير مهنية لعمرو أديب، بإجرائه تحقيقا قضائيا يجبر ضيوفا، من الأردن والسودان، على الاعتراف بجريمة لا يعرفون عنها شيئا.
هذا «الإلغاء» لمواقع الصحف المصرية، يجعل من مصر كوكبا خفيا على أبنائها المهاجرين، فيكونون صيدا جاهزا لإعلام مغرض محجوب في الداخل عن المصريين، وهم معرضون عن صحف ورقية تملي عليها القضايا والصور والعناوين تبعا لقاعدة «لا اجتهاد مع النص». وبنظرة سريعة على عناوين الصفحات الأولى، على الأرصفة عند باعة الصحف، لا يملك المواطن إلا أن يستخف بالوحي الهابط على رؤساء التحرير، ولا يستطيعون معه إلا الالتزام بحرفية النص. ولن يصدق أحد نصّا دستورا يؤكد مسؤولية المجلس الأعلى للإعلام عن «ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام… والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها»، حيث لا حرية، ولا استقلال، ولا حياد، ولا تعددية، ولا تنوع.
يستعرض المؤلف قضايا يشتبك فيها السياسي والاجتماعي بالإعلامي، من خلال مناقشة قضايا وهمية يفتعلها الإعلام، وتأميم الخطاب الإعلامي باستخدام رجال الدين أيضا، وفشل الإعلام المصري مهنيا في اختبار وفاة الرئيس السابق محمد مرسي، بنشر الخبر في صفحات الجريمة. والحدود والمسافات بين العمل الصحافي والسياسي والإعلاني والأمني/ المخابراتي.
ومن أجواء الكتاب هذه الاقتباسات:
«لا وجود للمواطن في صحف تتجنب بالأمر إثارة قضايا مثل مصرية تيران وصنافير. هناك صحف ألغت صفحات الرأي، واحتفظت صحف بصفحات للرأي منزوعة الروح كانت تنشر، على استحياء، مقالات لبقايا صقور مخصيّة، استخدمت مؤقتا واجهة للزينة، قبل الاستغناء عنها». «هل تتوجه الصحف إلى الناس بأوامر الحاكم، وتتفنن في تسويغ قرارته مهما تكن متعسفة، والمبالغة في الإشادة بحكمته إن وجدت، كما تحجب عنه الحقائق بما فيها نذر الثورة؟ أم تكون صوتا للجماهير ينقل أشواقها ومتاعبها إلى صانع القرار؟». «في عام 1879 انتشل الإمام محمد عبده جريدة «الوقائع» من ورطتها المهنية، فوضع لائحة تمنحها «حق الانتقاد على أي عمل من الأعمال عندما ترى له وجها، بما في ذلك نظارة (وزارة) الداخلية نفسها التي كانت الجريدة جزءا منها». «لنفترض هبوط كائن فضائي، واطلاعه على 50 مطبوعة، أو صعود هذه العبء «الورقي» ثقيل الوزن خفيف المضمون إليه، فهل يتخيل أن لمصر علاقة بمحيط اسمه العالم العربي؟». «لا يكتفي الظل الإعلامي بالاعوجاج، ففي ثبات هذا الاعوجاج صورة صادقة لعود أعوج، ولكن العود يهتز، ويتوالى تأرجحه، فتفشل مرآة الإعلام في تثبيت وضع يدل على عقل كبير يدير الأمور، منذ الارتهان بالتوقيت الأمريكي الإسرائيلي، ورفع شعاريْ «مصر أولا» و«مصر فوق الجميع»، في استنساخ لنشيد ألمانيا النازية».
مما يتضمنه الكتاب استسهال حجب المواقع الإلكترونية الأجنبية، التي تستهدف المصريين برسائلها، وكذلك إلغاء المواقع الإلكترونية للمؤسسات الصحافية الرسمية المصرية، وفي هذا الإلغاء محو يحرم المصريين والعرب والأجانب على السواء من وصول «صوت» مصر الهزيل مهنيا. في حين لا يعرف العرب عن مصر إلا ما تقرره لهم قناة «الجزيرة». وإذا بثت مادة إعلامية مصرية فلا تكون إلا مقطع فيديو من هزليات أحمد موسى، بإذاعته عام 2015 لعبة حربية من عام 2010 باعتبارها قصفا روسيا بارعا لمواقع «داعش»، وتجاوزات غير مهنية لعمرو أديب، بإجرائه تحقيقا قضائيا يجبر ضيوفا، من الأردن والسودان، على الاعتراف بجريمة لا يعرفون عنها شيئا.
هذا «الإلغاء» لمواقع الصحف المصرية، يجعل من مصر كوكبا خفيا على أبنائها المهاجرين، فيكونون صيدا جاهزا لإعلام مغرض محجوب في الداخل عن المصريين، وهم معرضون عن صحف ورقية تملي عليها القضايا والصور والعناوين تبعا لقاعدة «لا اجتهاد مع النص». وبنظرة سريعة على عناوين الصفحات الأولى، على الأرصفة عند باعة الصحف، لا يملك المواطن إلا أن يستخف بالوحي الهابط على رؤساء التحرير، ولا يستطيعون معه إلا الالتزام بحرفية النص. ولن يصدق أحد نصّا دستورا يؤكد مسؤولية المجلس الأعلى للإعلام عن «ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام… والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها»، حيث لا حرية، ولا استقلال، ولا حياد، ولا تعددية، ولا تنوع.



