اعتبر موقع "أميركيون" للديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين أن الإمارات العربية المتحدة دولة بوليسية استبدادية، تنتشر فيها قوانين الرقابة على الإعلام والتجسس على المواطنين. كما أن غموض قوانينها يسمح للحكام بتبرير سحقهم للمعارضين وإسكات صوت منتقدي الحكومة. وبات الإفلات من العقاب يشكل وباء مستفحلا في الإمارات، بسبب انتشار ثقافة الإعفاء من المحاسبة في أعلى مستويات الحكم.
ويشير الموقع إلى إحدى هذه الممارسات، وهي "الفضيحة" التي تعرض لها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي ورئيس الوزراء ونائب الرئيس، بعدما أرسل تهديدات لزوجته السابقة الأميرة هيا، وهو ما دفع المحكمة البريطانية إلى إصدار قرار بتأمين حماية خاصة لها ولأطفالها، بحسب الموقع.
تعذيب ممنهج
ويذكر الموقع الحقوقي أن التعذيب في الإمارات يتم استخدامه بشكل ممنهج في مراكز الاعتقال لانتزاع اعترافات وشهادات من المعتقلين، دون أي محاسبة لمن يمارسونه.
ويقول إن سجل التعذيب في الإمارات يؤكد أن الحكومة تستخدم هذه الأساليب ضد كل من تعتبرهم تهديدا، والتهديد هنا يتضمن عادة المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين والشخصيات الدينية والصحفيين.
كما أن الإمارات خلال سعيها للقضاء على أي صوت معارض، تسمح لعناصر الأجهزة الأمنية بالتمتع بصلاحيات غير محدودة لمعاقبة عائلات النشطاء، سواء أكانوا مسجونين أو يعيشون في الخارج.
ويشير الموقع أيضا إلى معاناة الباحث البريطاني ماثيو هيدجز الذي وجهت له تهمة التجسس وألقي به في سجون الإمارات لمدة ستة أشهر. وقد تعرض هذا الباحث لظروف اعتقال غير إنسانية، إلى جانب الضرب والاغتصاب، وذكر أيضا أن أحد السجانين قال له "كن حذرا فالسجناء البريطانيون يموتون هنا".
ويرى الموقع أن الإمارات رغم كل هذه الانتهاكات، تواصل ممارساتها دون خوف من أي تبعات في علاقتها بالدول الأخرى. ففي هذه القضية مثلا، قد يتوقع الجميع أن لندن ستراجع علاقتها المتميزة مع أبو ظبي، ولكن هذا لم يحدث، حيث تواصل بريطانيا تشجيع رجال الأعمال على الاستثمار في الشركات الإماراتية، على الرغم من أن الظروف القضائية في هذا البلد تجعل الاستثمار فيه مخاطرة كبرى. كما تواصل بريطانيا التعاون مع الإمارات في مجال بيع الأسلحة رغم المعاملة غير الإنسانية التي تعرض لها هذا المواطن البريطاني.
سوق لتصدير الأسلحة الأميركية
ويذكر الموقع أن بريطانيا ليست الدولة الوحيدة التي تتغاضى عن ثقافة انتهاك حقوق الإنسان المتفشية في الإمارات، بل إن الولايات المتحدة أيضا تمتنع عن مراجعة علاقاتها الاقتصادية بهذا البلد. ففي مايو/أيار 2019، وافقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على بيع شحنة جديدة من الأسلحة إلى السعودية والإمارات بقيمة 8 مليارات دولار، في إطار صفقة عاجلة تهدف إلى دعم حلفاء واشنطن في المنطقة.
وتمت هذه الصفقة رغم أن الإمارات استخدمت التعذيب ضد المعتقلين، وزودت مجموعات تابعة لتنظيم القاعدة بأسلحة أميركية، واستخدمت هذه الأسلحة أيضا لشراء ولاء مليشيات معروفة بارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان.
ويضيف الموقع أن الإمارات في العام 2019 مثلت أكبر سوق لتصدير الأسلحة الأميركية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في ظل وجود أكثر من ألف شركة أميركية تعمل في البلد. كما أن العديد من الشركات الأخرى تستفيد من الخدمات اللوجستية وشبكات النقل في الإمارات، وتستخدم أراضيها كمركز رئيسي لتسيير أعمالها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأجزاء من آسيا.
الصناديق الاستثمارية السيادية
ويقول الموقع إن واحدا من أهم العوامل التي تؤثر على تعامل الدول مع الإمارات، وتسمح لها بمواصلة انتهاك القوانين الدولية ومعاهدات حقوق الإنسان، هو الصناديق الاستثمارية السيادية.
فهذه الصناديق جعلت الإماراتيين يصبحون من أهم المستثمرين في دول أوروبية وآسيوية وفي أميركا الشمالية، بقيمة استثمارات إجمالية تتراوح بين 589 و773 مليار دولار، إلى جانب علاقاتها التجارية مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين والولايات المتحدة)، وهي دول تلعب دورا حاسما في الساحة الدولية.
هذه العلاقات الاقتصادية لا تزال متواصلة رغم تعدد التقارير والإدانات الصادرة عن مؤسسات تابعة للأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي. وعلى سبيل المثال، فإن مجموعة من خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أصدروا في مارس/آذار الماضي دعوة للسلطات الإماراتية إلى إجراء تحقيقات وتحسينات في ظروف الاحتجاز التي ترقى إلى مرتبة التعذيب، وطرق معاملة السجناء المهينة وغير الإنسانية.
كما أن البرلمان الأوروبي تبنى عام 2018 قرارا يدعو الإمارات إلى إيقاف كل أشكال التضييق ورفع حظر السفر المفروض على نشطاء حقوق الإنسان، وإلى السماح لهؤلاء بممارسة نشاطهم الحقوقي القانوني داخل الدولة وخارجها دون خوف من الانتقام.
سياسة الاختفاء القسري
ويشير الموقع إلى أن سياسة الاختفاء القسري والتعذيب امتدت من الأراضي الإماراتية إلى اليمن، حيث تسبب التدخل السعودي الإماراتي في سقوط الآلاف من الضحايا المدنيين، وارتكاب العديد من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، والتسبب في ما وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وهكذا تجاوز نظام الإفلات من المحاسبة الضحايا المدنيين الإماراتيين، ليشمل أيضا مدنيين من دول أخرى، وتصبح الإمارات متورطة في عمليات تصفية عابرة للدول، على حد تعبير الموقع الحقوقي.