إفريقيا .. بين (كونتي) و(ماني) .. فماذا تغيَّرَ ؟!
|
|
يفتحُ الصبحُ بوّابةَ الليلِ
|
تخرُجُ (إفريقيا) في تمامِ العُريِّ
|
وتفتحُ كلُّ الأساطيرِ حاناتِها
|
ربّما
|
ذا أوانُ احتلابِ النجومِ
|
ورصفِ السماءِ
|
إلى الجادَّةِ الآخِرة
|
|
الهواءُ هناكَ عليلٌ
|
بنقصِ الهواءِ
|
|
له نصفُ قلبٍ برئٍ
|
تُخبّئُ عورةَ آلامِهِ رئةٌ واحِدةْ !
|
|
هرِمَ الماءُ في المهدِ
|
شابَ مِن الطينِ فَودَاهُ
|
هل هكذا يبدأُ الكونُ رِحلَتهُ
|
هَرِماً ..
|
يتوكّأُ ظلَّ عصاهُ
|
وينحازُ صوبَ غموضِ النهايةِ ؟
|
هل هكذا ؟
|
|
ربّما
|
هي (إفريقيا) وحدَها
|
مَن تُشكِّلُ فُخَّارَ حُزنِ الزمانِ
|
على لونِها ..!
|
|
خدِيجٌ هو الحُزنُ
|
لكنّه يُولَدُ الآنَ
|
مُكتمِلاً في النُموَّ
|
|
لماذا يجئُ المساءُ حزيناً ؟
|
لماذا يعودُ الصباحُ إلى بيتِهِ
|
مُطرِقاً رأسَ خيباتِهِ ؟
|
هل لأنَّ الهواءَ عليلٌ بـ(إفريقيا) ؟
|
|
هل لأنّ السماءَ هناك صفيحٌ من الوهمِ
|
والأرضُ يختٌ قديمٌ
|
يعومُ على وجههِ ؟
|
|
خبّريني
|
أيا امرأةً رسَفَتْ في جلالِ القُيودِ
|
على ضوءِ شمسٍ خُرافيةٍ
|
أيُّ نجمٍ تعلَّقَ
|
في أُفقِ هذا الظلامِ .. الظلامِ
|
سيرمي شظيّةَ نورٍ
|
على مَفرِقِ الوهمِ ؟
|
|
يا امرأةً
|
شكَّلَتها العفاريتُ
|
سوداءَ ..
|
بيضاءَ ..
|
شمطاءَ
|
|
تبحثُ بين الخرافاتِ
|
عن لونِها المُتجذِّرِ في الصمتِ
|
عن عُمرِها المُترسِّبِ
|
في لحظةٍ هاربةْ.
|
*
|
*
|
الزمانُ .. قُبيلَ الزمانِ
|
المكانُ .. انحسارُ المكانِ
|
عن العدَمِ اللايُرى !
|
|
ثَمَّ قابِلةٌ تُجهِدُ الرَحِمَ الكونَ
|
بين يدَيها دمٌ ..
|
أبيضٌ أسودٌ !
|
|
نصفُ طفلٍ غريبٍ
|
يصيحُ كجِنيّةٍ في الخَلاءِ
|
وحبلٌ
|
يُشَدُّ على سُرَّةٍ ذابِلةْ
|
|
هكذا
|
ولَّدَتها الفجيعةُ (إفريقيا)
|
قبلَ بِدءِ الزمانِ
|
فتاهَتْ هناك خُطاها
|
على غفلةٍ أنجبتها الخطيئةُ
|
ذاتَ دُجىً
|
حمَّلَتْها مِن العارِ
|
ما لا تُطيقُ البغايا
|
وأهدَت لها اسماً غريباً
|
وبحراً مِن الدمعِ يرسو على نفسِهِ
|
ليفتَحَ بوّابةَ الحُزنِ
|
تدخلُ (إفريقيا) في تمامِ الأسى
|
قبوَ حُزنٍ يليقُ بها
|
تُخبّئُ ما بينَ نَهدَي فواجِعِها
|
عُملةً زائفة
|
ورَّثتْها لها كفُّ قابِلةٍ
|
تدفعُ العارَ عن أبويها
|
عليها
|
|
اصبري ..
|
اصبري ..
|
|
يَتُها المرأةُ المُستباحةُ حتى بأحلامِها
|
قد تُعيدُ الطبيعةُ
|
ترتيبَ أدوارِها مِن جديدٍ
|
تُشكِّلُ (إفريقيا) مِن جديدٍ
|
كما تشتهي امرأةً ترتدي معطفاً أبيضاً
|
فاصبِري
|
واصبِريْ
|
|
تُوجِّهُ (إفريقيا) حُلْمَها جهةَ الشرقِ
|
ثمّةَ ليمونةٌ
|
سوف تُشرقُ مِن خلفِ غاباتِها
|
|
ها هي الآنَ
|
مدّتْ إلى جهةِ الغربِ أحلامَها
|
ربّما
|
هي تخشى الحُموضةَ
|
تنداحُ مِن شمسِ ليمونةٍ حُرّةٍ
|
|
هل يُفيضُ الغُروبُ على مُقلَتَيها السُلوَّ
|
تُمشِّطُ كفُّ الشروقِ قفاها؟
|
|
وحدَها
|
تملِكُ الأجوِبةْ
|
|
يدانِ خُرافيتانِ
|
هنا امتدتا نحو قلبيْ
|
أخَذتني إلى ساحِلِ الشرقِ
|
شمسٌ تنامُ على حُضنِ بحرٍ حزينٍ
|
|
سماءٌ
|
تناءَتْ مصاعِدُها في الفضاءِ
|
وساريةٌ
|
حرَّكَتْ شهواتِ الرياحِ على صدرِ (غوري)
|
|
ما الترابُ هناكَ؟
|
وما الماءُ؟
|
ما نَسَماتُ الهواءِ؟
|
|
فؤادي يقولُ:
|
هنا خطأٌ فادِحٌ لا يُرى
|
فحاذِرْ حقولَ السلاسِلِ
|
نـحِّ خُطاكَ عن الأرضِ
|
|
سِرْ كالأساطيرِ في الريحِ
|
حقلُ السلاسلِ
|
يمتدُّ مِن جَذْرِ هذا الترابِ
|
إلى آخِرِ العائلةْ
|
|
فطِـرْ .. دونَ وعيٍ
|
على أُفقِ (غوري)
|
وصوِّبْ إليها أساكَ
|
فثمّةَ مُستَوعباتٌ لصرخاتِ (إفريقيا)
|
رتّبَتها هنا بالبداهةِ (غوري)
|
|
تلك البغيُّ الطريدةُ
|
في غضبِ البحرِ !
|
تلك التي نهَشتها السلاسلُ
|
تلك التي ثمِلَتْ في المواخيرِ
|
|
نامَتْ على ساحلٍ
|
ناعِسٍ حالمٍ
|
أيقَظَـتهُ أساطيلُ (إنجلترا) البربريةُ
|
فيما على شاطئٍ آخَرٍ
|
شهوةُ (البُرتغالِ)
|
تثورُ على صدرِ (غوري)
|
وماءٌ يغورُ على شَفةٍ قاحِلةْ
|
|
أصطفي الآنَ حُزني
|
كما تصطفيني الصواعِقُ
|
أُهدي (أمَيرْكا) بقيّةَ أيّامِها السودِ
|
أسألُ (غوري)
|
أين تنصُبُ تمثال حُزنِ العبيدِ؟
|
وأين سترسمُ لوحةَ نخّاسةِ الغربِ
|
والرجُلِ الأبيضِ .. السيّدِ .. الحُرِّ ؟!
|
|
تمثالُ حُزنِ العبيدِ
|
يُنكِّسُ في الوحلِ عينيهِ
|
بينا .. هناك (أميركا)
|
تُنصِّبُ تِمثالَ حُريّةٍ
|
لا يرى غيرَ أوهامِ أطماعِهِ
|
|
فانصُبي الآنَ (غوري) الحزينةَ
|
كلَّ التماثيلِ
|
كلَّ السلاسِلِ
|
كلَّ القُيودِ
|
|
ومُدِّي صُراخَ العبيدِ الخصيّينَ
|
أعلى ... وأعلى
|
واسألي (كونتا كونتي)
|
|
هل ارتاحَتِ الأرضُ منهُ
|
وصلّى على روحِه السَوطُ؟
|
هل يذكُرُ الآنَ (غوري)؟
|
ساحِلَ شحنِ العبيدِ؟
|
ثُغاءَ المسافةِ ما بين (أفريقيا)
|
والبلادِ الجديدةْ؟
|
ملامحَ سيّدهِ الأبيضِ الحُرِّ؟
|
|
ماذا تبقّى لـ (غوري)
|
إذا لم تُعمِّدْ
|
بصرخاتِ (إفريقيا) روحَها
|
توجِّهَ للشرقِ تِمثالَ حُزنِ العبيدِ؟
|
لعلَّ سماءً
|
ستُصغي لأوجاعِها مرةً!
|
تُعيدُ لـ(غوري) الطريدةِ
|
نكهةَ تُربتِها مِن جديدٍ
|
تُثبِّتُ في جهةِ الشرقِ
|
شمساً تليقُ بتأريخِ (إفريقيا)
|
*
|
*
|
تخرجُ الآنَ (إفريقيا)
|
في تمامِ التناقُضِ !!
|
كفٌ تـمُدُّ رِواقَ السلامِ
|
وأُخرى تُنقِّبُ في الأرضِ
|
عن خِنجَرٍ بائِدٍ
|
|
و (إفريقيا)
|
بين هذي .. وتلكَ
|
تُقلِّمُ أظفارَ أحزانِها
|
وتقرأُ في صُحُفِ الصُبحِ
|
أخبارَ (ماني)
|
|
تُنسِّقُ (إفريقيا) في يَدَيها
|
كطاقةِ حُزنٍ
|
وترفعُها للسماءِ
|
أغِثني .. أيا ربُّ
|
بـي عطَـشٌ للجمالِ
|
وبـي شهوةٌ للفَرَح
|
|
يفتحُ الليلُ .. بوّابةَ الصُبحِ
|
تدخُلُ (إفريقيا) في تمامِ العُريِّ
|
وتُغلِقُ كلُّ الأساطيرِ حاناتِها
|
في انتظارِ مساءٍ
|
يُفيقُ على امرأةٍ كاملة .
|