-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

شمسٌ تليقُ بإفريقيا عبدالله بيلا بوركينا فاسو



إفريقيا .. بين (كونتي) و(ماني) .. فماذا تغيَّرَ ؟!
يفتحُ الصبحُ بوّابةَ الليلِ
تخرُجُ (إفريقيا) في تمامِ العُريِّ

وتفتحُ كلُّ الأساطيرِ حاناتِها
ربّما
ذا أوانُ احتلابِ النجومِ
ورصفِ السماءِ
إلى الجادَّةِ الآخِرة
الهواءُ هناكَ عليلٌ
بنقصِ الهواءِ
له نصفُ قلبٍ برئٍ
تُخبّئُ عورةَ آلامِهِ رئةٌ واحِدةْ !
هرِمَ الماءُ في المهدِ
شابَ مِن الطينِ فَودَاهُ
هل هكذا يبدأُ الكونُ رِحلَتهُ
هَرِماً ..
يتوكّأُ ظلَّ عصاهُ
وينحازُ صوبَ غموضِ النهايةِ ؟
هل هكذا ؟
ربّما
هي (إفريقيا) وحدَها
مَن تُشكِّلُ فُخَّارَ حُزنِ الزمانِ
على لونِها ..!
خدِيجٌ هو الحُزنُ
لكنّه يُولَدُ الآنَ
مُكتمِلاً في النُموَّ
لماذا يجئُ المساءُ حزيناً ؟
لماذا يعودُ الصباحُ إلى بيتِهِ
مُطرِقاً رأسَ خيباتِهِ ؟
هل لأنَّ الهواءَ عليلٌ بـ(إفريقيا) ؟
هل لأنّ السماءَ هناك صفيحٌ من الوهمِ
والأرضُ يختٌ قديمٌ
يعومُ على وجههِ ؟
خبّريني
أيا امرأةً رسَفَتْ في جلالِ القُيودِ
على ضوءِ شمسٍ خُرافيةٍ
أيُّ نجمٍ تعلَّقَ
في أُفقِ هذا الظلامِ .. الظلامِ
سيرمي شظيّةَ نورٍ
على مَفرِقِ الوهمِ ؟
يا امرأةً
شكَّلَتها العفاريتُ
سوداءَ ..
بيضاءَ ..
شمطاءَ
تبحثُ بين الخرافاتِ
عن لونِها المُتجذِّرِ في الصمتِ
عن عُمرِها المُترسِّبِ
في لحظةٍ هاربةْ.
*
*
الزمانُ .. قُبيلَ الزمانِ
المكانُ .. انحسارُ المكانِ
عن العدَمِ اللايُرى !
ثَمَّ قابِلةٌ تُجهِدُ الرَحِمَ الكونَ
بين يدَيها دمٌ ..
أبيضٌ أسودٌ !
نصفُ طفلٍ غريبٍ
يصيحُ كجِنيّةٍ في الخَلاءِ
وحبلٌ
يُشَدُّ على سُرَّةٍ ذابِلةْ
هكذا
ولَّدَتها الفجيعةُ (إفريقيا)
قبلَ بِدءِ الزمانِ
فتاهَتْ هناك خُطاها
على غفلةٍ أنجبتها الخطيئةُ
ذاتَ دُجىً
حمَّلَتْها مِن العارِ
ما لا تُطيقُ البغايا
وأهدَت لها اسماً غريباً
وبحراً مِن الدمعِ يرسو على نفسِهِ
ليفتَحَ بوّابةَ الحُزنِ
تدخلُ (إفريقيا) في تمامِ الأسى
قبوَ حُزنٍ يليقُ بها
تُخبّئُ ما بينَ نَهدَي فواجِعِها
عُملةً زائفة
ورَّثتْها لها كفُّ قابِلةٍ
تدفعُ العارَ عن أبويها
عليها
اصبري ..
اصبري ..
يَتُها المرأةُ المُستباحةُ حتى بأحلامِها
قد تُعيدُ الطبيعةُ
ترتيبَ أدوارِها مِن جديدٍ
تُشكِّلُ (إفريقيا) مِن جديدٍ
كما تشتهي امرأةً ترتدي معطفاً أبيضاً
فاصبِري
واصبِريْ
تُوجِّهُ (إفريقيا) حُلْمَها جهةَ الشرقِ
ثمّةَ ليمونةٌ
سوف تُشرقُ مِن خلفِ غاباتِها
ها هي الآنَ
مدّتْ إلى جهةِ الغربِ أحلامَها
ربّما
هي تخشى الحُموضةَ
تنداحُ مِن شمسِ ليمونةٍ حُرّةٍ
هل يُفيضُ الغُروبُ على مُقلَتَيها السُلوَّ
تُمشِّطُ كفُّ الشروقِ قفاها؟
وحدَها
تملِكُ الأجوِبةْ
يدانِ خُرافيتانِ
هنا امتدتا نحو قلبيْ
أخَذتني إلى ساحِلِ الشرقِ
شمسٌ تنامُ على حُضنِ بحرٍ حزينٍ
سماءٌ
تناءَتْ مصاعِدُها في الفضاءِ
وساريةٌ
حرَّكَتْ شهواتِ الرياحِ على صدرِ (غوري)
ما الترابُ هناكَ؟
وما الماءُ؟
ما نَسَماتُ الهواءِ؟
فؤادي يقولُ:
هنا خطأٌ فادِحٌ لا يُرى
فحاذِرْ حقولَ السلاسِلِ
نـحِّ خُطاكَ عن الأرضِ
سِرْ كالأساطيرِ في الريحِ
حقلُ السلاسلِ
يمتدُّ مِن جَذْرِ هذا الترابِ
إلى آخِرِ العائلةْ
فطِـرْ .. دونَ وعيٍ
على أُفقِ (غوري)
وصوِّبْ إليها أساكَ
فثمّةَ مُستَوعباتٌ لصرخاتِ (إفريقيا)
رتّبَتها هنا بالبداهةِ (غوري)
تلك البغيُّ الطريدةُ
في غضبِ البحرِ !
تلك التي نهَشتها السلاسلُ
تلك التي ثمِلَتْ في المواخيرِ
نامَتْ على ساحلٍ
ناعِسٍ حالمٍ
أيقَظَـتهُ أساطيلُ (إنجلترا) البربريةُ
فيما على شاطئٍ آخَرٍ
شهوةُ (البُرتغالِ)
تثورُ على صدرِ (غوري)
وماءٌ يغورُ على شَفةٍ قاحِلةْ
أصطفي الآنَ حُزني
كما تصطفيني الصواعِقُ
أُهدي (أمَيرْكا) بقيّةَ أيّامِها السودِ
أسألُ (غوري)
أين تنصُبُ تمثال حُزنِ العبيدِ؟
وأين سترسمُ لوحةَ نخّاسةِ الغربِ
والرجُلِ الأبيضِ .. السيّدِ .. الحُرِّ ؟!
تمثالُ حُزنِ العبيدِ
يُنكِّسُ في الوحلِ عينيهِ
بينا .. هناك (أميركا)
تُنصِّبُ تِمثالَ حُريّةٍ
لا يرى غيرَ أوهامِ أطماعِهِ
فانصُبي الآنَ (غوري) الحزينةَ
كلَّ التماثيلِ
كلَّ السلاسِلِ
كلَّ القُيودِ
ومُدِّي صُراخَ العبيدِ الخصيّينَ
أعلى ... وأعلى
واسألي (كونتا كونتي)
هل ارتاحَتِ الأرضُ منهُ
وصلّى على روحِه السَوطُ؟
هل يذكُرُ الآنَ (غوري)؟
ساحِلَ شحنِ العبيدِ؟
ثُغاءَ المسافةِ ما بين (أفريقيا)
والبلادِ الجديدةْ؟
ملامحَ سيّدهِ الأبيضِ الحُرِّ؟
ماذا تبقّى لـ (غوري)
إذا لم تُعمِّدْ
بصرخاتِ (إفريقيا) روحَها
توجِّهَ للشرقِ تِمثالَ حُزنِ العبيدِ؟
لعلَّ سماءً
ستُصغي لأوجاعِها مرةً!
تُعيدُ لـ(غوري) الطريدةِ
نكهةَ تُربتِها مِن جديدٍ
تُثبِّتُ في جهةِ الشرقِ
شمساً تليقُ بتأريخِ (إفريقيا)
*
*
تخرجُ الآنَ (إفريقيا)
في تمامِ التناقُضِ !!
كفٌ تـمُدُّ رِواقَ السلامِ
وأُخرى تُنقِّبُ في الأرضِ
عن خِنجَرٍ بائِدٍ
و (إفريقيا)
بين هذي .. وتلكَ
تُقلِّمُ أظفارَ أحزانِها
وتقرأُ في صُحُفِ الصُبحِ
أخبارَ (ماني)
تُنسِّقُ (إفريقيا) في يَدَيها
كطاقةِ حُزنٍ
وترفعُها للسماءِ
أغِثني .. أيا ربُّ
بـي عطَـشٌ للجمالِ
وبـي شهوةٌ للفَرَح
يفتحُ الليلُ .. بوّابةَ الصُبحِ
تدخُلُ (إفريقيا) في تمامِ العُريِّ
وتُغلِقُ كلُّ الأساطيرِ حاناتِها
في انتظارِ مساءٍ
يُفيقُ على امرأةٍ كاملة .



عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا