في مراكز الاحتجاز الإدارية، باتت جلسات استماع المحتجزين المتعلقة بالإبعاد والطرد من الأراضي الفرنسية تنظم عبر الفيديو. الأمر الذي تنتقده المنظمات الحقوقية وترى أنه يفتقر إلى الجدية اللازمة.
يقف قاضي الحريات والاحتجاز (JLD) ومحام ومترجم أمام الكاميرا، بينما على الطرف الآخر من المحادثة، يقف مهاجر محتجز في مراكز الاحتجاز الإداري. قد يبدو المشهد للوهلة الأولى كأي محادثة فيديو روتينية، لكن وخلال 15 دقيقة، سيقرر القاضي مصير هذا المحتجز، وإذا ما سيتم ترحيله أو تمديد احتجازه.
في النهاية، قرر القاضي تمديد فترة احتجازه، قرار يفضله القضاة في هذه الفترة المعقدة بسبب جائحة كورونا والحدود المغلقة.
ففي ظل الجائحة، أصبحت السلطات تعتمد أكثر فأكثر على جلسات الفيديو، خاصة في مراكز الاحتجاز (CRA). يقول بأول شيرون، المسؤول عن الدعم القانوني للمحتجزين في جمعية سيماد، مستاءً "لقد علمنا أنه خلال هذا الأسبوع فقط، تم عقد جلسات عبر الفيديو لمحتجزين في عدة مدن مثل بوردو وهينداي".
وتعتبر هذه الجلسات قانونية منذ عدة سنوات، وفي ظل الأزمة الصحية، تم الاعتماد عليها بشكل أكبر بموجب قرار كان من المفترض أن تنتهي فترة نفاذه في 10 آب/أغسطس.
في اتصال مع مهاجر نيوز، أكدت ماريان لارغ، وهي محامية في مكتب باريس متخصصة في اللجوء وحقوق الأجانب، على استمرار العمل بهذه الجلسات عبر الفيديو في منطقة إيل دو فرونس (باريس وضواحيها)، وخاصة في مركز احتجاز "فانسين".
وفي الوقت الذي تم فيه تعليق عمليات الترحيل بسبب الأزمة الصحية، لا تزال جلسات الاستئناف والنظر في قضايا الطرد والترحيل مستمرة.
للمزيد >>>> فرنسا: مهاجرون مصابون بفيروس كورونا يستنكرون ظروف احتجازهم "غير الصحية"
"هل يدرك المهاجر الذي تتم محاكمته عبر الفيديو أنه قيد المحاكمة فعلاً؟"
بالنسبة للمحامية، والتي تشعر بالقلق من فكرة أن "الاستثناء قد يصبح مبدأ"، تنشأ العديد من المشكلات خلال جلسات الفيديو، سواء كانت مقابلات منظمة مع محامين أو جلسات استماع بالمعنى الدقيق للكلمة بحضور القاضي.
وتشرح "أولاً وقبل كل شيء، الهاتف الذي يُعطى للمعتقل للاتصال بمحاميه هو هاتف من شرطة مركز الاحتجاز. ولا نعرف مكان وجود المعتقل بالضبط أثناء هذه المحادثات، ولا حتى إذا كانت هذه المحادثات مع المحامي سرية، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الحال. سيكون من المدهش لو كانت عكس ذلك!".
علاوة على ذلك، فإن المسافة الجسدية بين المحتجز والمترجم الفوري، عندما يكون حضور الأخير ضروريا، يمكن أن تجعل الفهم الشفهي صعبا عبر الفيديو.
المشكلة الرئيسية الأخرى، وفقا للمحامية، هي قلة الجدية أثناء هذا الإجراء. فتقول "عندما تذهب إلى المحكمة، هناك محامون يرتدون الزي الرسمي، وجمهور وقاض وكاتب. تعتبر كل هذه التفاصيل جزءا من البروتوكولات ومن إجراءات العدالة. لكن للأسف، في جلسات الفيديو، يمكن أحياناً أن تتقلص مدة الجلسات ويتشتت انتباه المشاركين بسبب الشاشات المتعددة أثناء المحادثة، جميع هذه التفاصيل تعطي إحساساً بالاستعجال في تحقيق العدالة".
وتكمل لارغ "هناك مقولة قانونية في اللغة الإنجليزية مفادها أن العدالة لا يجب أن تتم فحسب، بل يجب أن تظهر أيضا وكأنها تتحقق. وهذا يعني أنه يجب أن يُنظر إليها على أنها محققة. ولكن في الوضع الحالي، هل يتم تحقيقها فعلياً؟ لست متأكدة. والشخص الذي يُحاكم، هل يدرك حقا أنه قيد المحاكمة؟".
للمزيد >>>> بريطانيا: رحلات جوية لترحيل الوافدين عبر المانش رغم مخاوف المنظمات
"تجاوزات كبيرة على المبادئ الأساسية للعدالة"
والأكثر إثارة للقلق، وفق ما وضحته المحامية ماريان لارغ، هو أن الأحكام تصدر بشأن المحتجزين في مركز "مينيل أميلو"، الواقع بالقرب من مطار "شارل دي غول" الباريسي، دون أن يكون الشخص المعني، أي المحتجز، موجودا في جلسة الفيديو. تقول لارغ "يتخذ القاضي قراره في الملف وفي الترافع دون الشخص المعني".
ولم يعلق مجلس الدولة، المسؤول عن الإجراءات القضائية في هذا المركز، على هذا الموضوع.
من جانبها، أدانت الجمعيات، بما في ذلك "سيماد"، جلسات الاستماع عبر الفيديو، معتبرة أنها "غير قانونية"، والتي كانت تجري بالفعل حتى قبل فترة الحجر الصحي. ففي عام 2018، نبهت "سيماد" بشكل خاص إلى عقد جلسات عبر الفيديو في مراكز الاحتجاز في منطقة "أوت غارون" لأربعة أجانب، بسبب عدم وجود عناصر مرافقة متاحين لنقلهم إلى المحكمة.
ويعلق بأول شيرون من "سيماد"، قائلا "لا يمكن اعتبار غرفة الفيديو في مركز الاحتجاز غرفة عدالة لأنها ليست مكانا عاما. ينص القانون، منذ عام 2018، على السماح بعقد مؤتمر بالفيديو دون موافقة الشخص الذي يحاكم، بشرط اعتبار المكانين المستخدمين للجلسة قاعات محكمة مفتوحة للجمهور. وبما أن هذه الشروط لا تُحترم، فإننا نتعامل مع انتهاكات خطيرة للمبادئ الأساسية للعدالة".
ويمكن للأجانب الذين ينتظرون الترحيل أن يحتجزوا لمدة أقصاها 90 يوما (باستثناء حالات الأنشطة الإرهابية). يتم انتقاد هذه الاحتجازات من قبل الجمعيات والمحتجزين داخل هذه المنشآت بسبب نقص النظافة، معتبرين أنفسهم مُهمَلين ويعانون من سوء المعاملة. كما أضرب العديد من المحتجزين عن الطعام في مراكز مختلفة في الأيام الأخيرة.