انتقل إلى دار البقاء يوم الخميس الثالث من سبتمبر 2020 الصحافي الفلسطيني-المغربي المخضرم محمود معروف، الذي عاش بالمغرب لسنوات طويلة، يمتهن الكتابة الصحفية، وعمل جسرا بين الثقافة المغربية والمشرقية، من خلال كتاباته بجريدة “القدس العربي” التي كان مديرا لمكتبها بالرباط منذ تأسيسها سنة 1989.
وحل محمود معروف بالمغرب في بداية الثمانينات مراسلا لوكالة “قدس برس”، وهناك اشتغل في جريدة الاتحاد الاشتراكي المغربية أيضا. انتقل إلى بيروت لاحقا، لكنه ما لبث أن عاد إلى المغرب لينخرط في تجربة مع جريدة “القدس العربي” مباشرة خلال تأسيسها.
ومنذ ذلك التاريخ، أشرف محمود معروف على مكتب الرباط ليجعل منه أهم مكاتب الجريدة خارج لندن حتى يومنا هذا، بتغطيته للأحداث المغربية والإقليمية، حيث خصصت الجريدة صفحة كاملة لمنطقة شمال إفريقيا وأساسا المغرب. وفتح محمود معروف صفحات جريدة “القدس العربي” أمام المبدعين والمفكرين المغاربة سواء أكان عبر نشر إنتاجاتهم أم عبر حوارات.
وتعرض معروف في بعض اللحظات لمضايقات بين الحين والآخر بسبب نوعية المواضيع الحقوقية والسياسية التي كان يقوم بتغطيتها، أو بسبب فتح المجال أمام مفكرين ونشطاء معارضين للكتابة والنشر على أعمدة جريدة القدس واسعة الانتشار.
ويحسب لمحمود معروف، أنه جعل من جريدة “القدس العربي” الصحيفة الأجنبية التي تتوفر على أهم أرشيف حول الحياة السياسية والثقافية المغربية خلال ثلاثين سنة الأخيرة متفوقة على مختلف وسائل الإعلام الأخرى، بسبب وفرة المواد وتنوعها التي كان ينشرها.
وساهم محمود معروف في مزيد من التعريف بالقضية الفلسطينية في المغرب، ولعب دورا محوريا في مختلف أنشطة التضامن والفكر حول هذه القضية، حيث كان يحل ضيفا باستمرار في مختلف المدن والقرى لتقديم آخر التطورات.
ومباشرة بعد انتشار خبر وفاته، رثاه نسبة كبيرة من المثقفين والسياسيين المغاربة، وكتبت جريدة أخبار اليوم في موقعها الرقمي “ويعتبر معروف من أبرز الصحافيين الأجانب العاملين في المغرب، كما كانت تربطه علاقة وطيدة بقطاع واسع من المثقفين المغاربة، وعموم المناصرين للقضية الفلسطينية.
لقد كان محمود معروف سفيرا للعلاقات المغربية-الفلسطينية ثقافيا وإعلاميا، وبرحيله تخسر العلاقات الثنائية خير ممثل لها خلال العقود الأخيرة، كما تفقد الساحة المغربية أساسا قلما رائدا ساهم في نقل تجربة الكتابة الصحافية والسياسية والثقافية المغربية إلى المشرق العربي.