إنّ الغرض من هذا البحث هو محاولة كشف وجها آخر من وجوه كتاب/مقالة[1] تهذيب الأخلاق المنسوبة إلى لابن عدي وابن عربي والجاحظ والغزالي ومسكويه وابن سنان وابن الهيثم بتحقيقات مختلفة ومحقّقين مختلفين، وإنّه من أجل الوقوف على ذلك الإمكان، كان لابدّ –حسب الجابري- من استبعاد طريقة سادت في تلقّي هذه المقالة/كتاب، وخاصّة في تلقي خطاب الحسن بن الهيثم صاحب المناظر، ذلك الّذي ينظر إليه في حدود ما نُشر في كتاب المناظر، سواءً بصفته كتاباً علميّاً أو بوصفه مشروعاً محصوراً في علم البصريّات والهيئة. فهذه الأوصاف وإن صحّت بوجه، فإنّها تحرم القول الهيثمي من مداه الأصلي وتخومه الإشكاليّة. فعلى الرّغم من الحضور المميّز الّذي حظي به ابن الهيثم العالِم (le savant) في أوساط الباحثين والعلماء من خلال بحوثه العلميّة وكشوفه البصريّة، فإنّ الجانب الفلسفي ظلّ محتشماً، كما ظلّت بحوثه العلميّة خارج دائرة المساءلة الفلسفيّة، الأمر الّذي جعل ابن الهيثم الفيلسوف غائباً، أو “إذا ذكر فلكي يُستبعد بسرعةǃ”[2].