-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

قراءة في مفترق طرق المدن المغربية - الدكتور جواد مبروكي،

للإيجاز وبدون مقدمة، إليكم تحليلي لبعض تقاطعات طرق المشهد الحضري للمغرب.

1- مؤتمر متعدد الجنسيات، مسابقة للبقاء على الحياة


عند مفترق الطرق هذه، نجد حشدًا مكثفًا من الزوار من أصول مختلفة، مغربية وسورية وعراقية ومعظمهم من عدة بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، ويجتمعون جميعًا هنا ليس من أجل التبادل الثقافي بل من أجل مسابقة البقاء على قيد الحياة. إنه مؤتمر عالمي حقيقي بدون أمن وبدون لوجستيك، إنه إنجاز مغربي استثنائي!

2- حديقة حيوانات متنقلة، هندسة جديدة

بمجرد أن تتوقف السيارات عند إشارة الضوء الأحمر، فإنها تتحول إلى معرض للحيوانات حيث يقترب عدد كبير من الزوار من العربات ويراقبون الركاب وسلوكهم من خلال زجاج النوافذ. وأحيانًا يُضحك الزائرون الركاب وأحيانًا يستفزونهم للسخرية منهم. وهكذا يغير شاغلو علبة عرض الحيوانات المتنقلة الزائرين من إشارة ضوء أحمر إلى آخر. هل تتخيلون حديقة حيوانات متنقلة وبدون حراس وبدون أمن؟ أليس هذا إبداعًا مغربيًا خارق للعادة؟

3- مسرح بدون خشبة

تقريبًا في جميع إشارات الضوء الأحمر لدينا الحق في مشاهدة عروض مسرحية، تكون أحيانًا كوميدية وفي بعض الأحيان درامية وأحيانًا تكون مشاهد الرعب. وليس لدينا خيار نوع المسرحية أو الممثلين، بل علينا أن نتقبل مسرحية المفاجآت في الهواء الطلق. تتخيلون مسرحيات بدون أمن وبدون مخرج وبدون ديكورات وبدون ستار؟ إنه إنجاز مغربي عظيم جداً!

4- مفهوم جديد لروض الأطفال

في بلد آخر، للحصول على مكان في دور الحضانة، عليك أن تقدم الطلب سنة من قبل بالعِلم أنها مكلف للغاية. ولكن في مدن المغرب عند إشارات الضوء الأحمر، لدينا نوع جديد من روض الأطفال حيث يتميز بنقطتين، الأولى لا داعي لطلب مسبق للحصول على مكان للطفل والثانية ليس هناك تكلفة مادية حيث تحصل المربية على راتبها من طرف سائقي السيارات وليس من الوالدين أو الدولة. إنه نموذج جميل لحضانة الأطفال من إبداع مغربي والذي يجب أن تستلهم منه أوروبا؟

5- مركز لإدماج المعاقين جسديا وذهنيا

في دول أخرى، تنفق الحكومات مبالغ ضخمة من المال لدمج المعاقين جسديًا وعقليًا. ولكن في مفترق طرق المدن المغربية، حققنا نجاحًا كبيرًا في دمج المعاقين حيث يتعايشون مع تدفق السيارات عند إشارات الضوء الأحمر ويحصلون على نفقة مالية جماعية حيث يشارك كل سائق بقدر من المال لأن للسائقين المغاربة حس مهيب بالمسؤولية الاجتماعية تجاه المعوقين. تخيلوا أن هذا الادماج يتحقق بدون طبيب وبدون ممرضة وبدون مساعدة اجتماعية وبدون مربي، إنه إبداع مغربي رائع!

6- مركز تجاري ضخم

عند مختلف إشارات الضوء الأحمر نحضر بيعًا حصريًا للسائقين لأنهم الهدف المحتمل لهذا النوع من التجارة حيث نجد المنتجات المباعة متعددة وتختلف حسب المواسم وعلى سبيل المثال نجد مناديل بأحجام صغيرة وكبيرة و وُرود وزجاجات المياه البلاستيكية وأقنعة مضادة للكوفيد وبطاقات الهاتف النقال وبالطبع نجد أيضا منتجات فنية للبيع مثل وجوه مضحكة ورقص الأيادي وابتسامات بهلوانية وتقبيل السيارات وإلخ. ومن الواضح أن هذا النوع من التجارة لا يتطلب سجلاً تجاريًا، علاوة على أنه معفى من جميع الضرائب والرسوم. وبفضل هذه التسهيلات أصبح هذا النوع من التجارة عملاقًا ومزدهرًا بسرعة عالية في عدد ضخم من ملتقى طرق المدن!

وكالعادة لا أختتم تحليلاتي لإعطاء الحرية للقارئ في الختام كما يحلو له.

الدكتور جواد مبروكي، طبيب نفسي ومحلل نفسي للمجتمع المغربي

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا