ما يحدثُ...
في هذه البلادِ يا صديقتي
أنّنا نتوقّف عن الحبّ
ولا نتوقّفُ عن الازدراء
وأنّنا...
بنصفِ ضمائرِنا نحيا
ومن دونِها نُجَرُّ
إلى مشاجبِ القلقِ والهلع!
وأنَّ هذه البلادَ التي...
يطوفُ على ظهرِها مَلِكان موكَلان
بِسدِّ رمقِها
والتي تتراقصُ على بسيطتِها النخلاتُ الشامخاتُ
عطشى حدَّ التلاشي
ونخيلُها بلا أقراط!
ليس من...
أُمنيةٍ حُبلى على وشكِ الطلْقِ في هذهِ البلاد
ننتفخُ فقط...
لنَحيرَ كيف نُنزلُ السقَمَ من جوارحِنا!
لا تتورّطي أكثر يا صديقتي في كشفِ خلاياي
فأنا لا أصلحُ لارتكابِ الجنونِ معكِ
ولا أصلحُ للمقامرةِ بشيباتِ لحيتي
ولا بآخرِ المصروفِ الشهري المتبقّي من مرتّبي
لأنّني بلا شيطانٍ يجرجرُ صبيانَ الفضولِ في
رأسي!
وبلا ليلٍ كريمٍ يهبُ الاحلامَ المجنونةَ في عتمتي الطويلة
نسيتُ كيفَ أكتبُ رسائلَ الشوقِ المذيّلةِ
بالورودِ والقلوب
نسيتُ كيفَ أفتعلُ الدهشةَ لنيلِ عناقِ أصابعِكِ
المتوحّشة!
بشائرُ هذه البلادِ يا صديقتي أخبارٌ كاذبة
لا تبعثُ في النفوسِ عطرًا لضحكةٍ ما
ولم تعدْ على محملِ الارتقابِ واللّهفة
كلّما مدَّتْ رأسَها من الأفقِ ترنو مآقينا
شدَّ أُذنَها الزمانُ
وأزمنةُ هذه البلادِ يا صديقتي
لا تعرفُ إلّا أثيرَ الشهداء
كلُّ من يموتُ على هذهِ الأرضِ شهيدٌ
المقتولُ غدرًا شهيد
والمنسوفُ شهيد
والمفلوجُ شهيد
والقاتلُ شهيد!
تعجُّ ميادينُ تنزُّهِنا بصورٍ تُذكّرُنا رسومُها
بحِقَبِ الموتِ والخوفِ العُضال
النفطُ الأسودُ...
بقرتُنا المُباحُ حليبُها للكونِ كلِّه
يملأ مترفينا منهُ جيوبَهُم وخدرَهُم
وآبارَهم
وتعساؤُنا يملأونَ خواصرَهم برائحتِهِ
الخانقة
ولا يرونَ منه إلّا...
الدُّخانَ المتصاعدَ في السماء!
كلَّ يومٍ في بلادي...
تأريخٌ عريضٌ للحزن!
كلَّ يومٍ في قلبي
تأريخٌ عريضٌ للخيبات!
الحبُّ لم يعدْ مؤتمَنًا على قلوبِنا
سرعانَ ما يَرشوه البؤسُ
ليتجمَّدَ في منافي الرّحيل!
***
وللأحزان والحبِّ المقتول بقيّة.