نزيهة محمد سليم عبد القادر الخالدي الموصلي (1927م- 15 شباط 2008م) هي فنانة تشكيلية من العراق. وصفها جلال طالباني بأنها «أول امرأة عراقية رسخت ركائز الفن العراقي المعاصر».
ولدت عام 1927م، في مدينة إسطنبول في تركيا، ولأبوين عراقيين، وكان والدها محمد سليم ضابطا في الجيش، وقد برزت الفنانة نزيهة في أسرة تحب الرسم والفن التشكيلي وقد برز منها الفنانين المشهورين سعاد سليم ونزار سليم وكذلك جواد سليم الذي كان له دور في عمل نصب الحرية المشهور في بغداد. اسمها الصريح فاطمة نزيهة وهي البنت الوحيدة بين سبعة اخوة، توفي ثلاثة منهم صغارا، أحدهم عند الولادة والثاني بعد عام وآخر بعد عام ونصف، وبقيت هي -وهي الخامسة- بين أربعة أخوة وهم بأسمائهم المركبة (محمدرشاد، علي سعاد، أحمد جواد ومصطفى نزار)نشأت (نزيهة) في وسط عائلي كان يهتم كثيرا بالثقافة والمعرفة والفنون، فوالدها الحاج (محمد سليم علي الموصلي) كان رساما ومديرا عاما وأول أستاذ رسم للامير غازي، واخوتها فنانون أيضا. كانت دار العائلة في منطقة (الفضل) ببغداد، ملتقى الفنانين العراقيين والاجانب مثل:(باريما) و(ماتوشالك) و(حابسكي) و(مدام ستنلويد) و(كنت وود) وإلى ذلك. كانوا جميعا مهتمين بسماع الموسيقى الكلاسيكية، وكان والدهم يتذوق المقام العراقي ويقرأه، كما كان يجود القرآن الكريم. تأثرت بوالدها في تشكيل الانتباهة الأولى التي تركزت حولها تجربتها في فن الرسم. تجربتها هي وتجارب إخوتها كذلك، رشاد وسعاد وجواد ونزار. كان يعلمهم تكبير الصور بالمربعات، وجر خط مستقيم بسحب القلم من اليسار إلى اليمين على أن يقطعوا انفاسهم حتى ينتهوا من ذلك، وأن يظللوا ويقيسوا الأحجام. هنالك علامة جرح بارزة على خدها هو من فعل أخوها جواد عندما كانت صغيرة حيث غرس ماشة شعرها في خدها وتسبب في جرحها.
تخرجت من معهد الفنون الجميلة ببغداد سنة 1947
ونظرًا لتفوقها فقد أُرسلت ببعثة رسمية إلى باريس وهي أول أمرأة عراقية تُسافر
خارج القطر لدراسة الفن. تخرجت من المعهد العالي للفنون الجميلة (البوزار) سنة
1951، حيثُ تخصصت في رسم الجداريات على يد الفنان الفرنسي المعروف «فرناند ليجيه»
و«سوفربي»، كما أُرسلت بزمالة لمدة عام واحد إلى ألمانيا الشرقية للتخصص في رسوم
الأطفال ورسوم المسرح وتمرنت أثناء ذلك على المزججات والتطعيم بالأنامل.
شاركت الفنانة في نشاطات مُختلفة كإسهامها مع
الفنان شاكر حسن آل سعيد ومحمد غني حكمت وجواد سليم في تشكيل جماعة الفن الحديث
عام 1953-1954م، وفي تأسيس جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، إلى جانب دورها
التربوي كأستاذة في معهد الفنون الجميلة حتى عام 1982.
لها العديد من الأعمال منها: شباك بنت الجلبي-
ليلة عرس- صانع اللحف- افراح المرأة - الدخلة، وغير ذلك الكثير، ولكن سرقت معظم
تلك الأعمال من المتحف العراقي في مركز صدام للفنون أثر الاجتياح الأمريكي للعراق
سنة 2003 في أسوا عملية تخريب تعرضت له المتاحف في العراق ولم يبق من تلك الأعمال
سوى ست لوحات هي: (امرأة مستلقية، الأهوار، بائع البطيخ، الحرب، بورترية لفتاة،
الجدة)، واللوحة الأخيرة تصور امرأة عجوز في حجرها كرة صوف، وفي كفها اليمنى إبرتا
الحياكة، وقد تعرضت أجزاء من هذه اللوحة للتلف والتخريب المتعمد. تلك اللوحات منها
اثنتان معروضتان في قاعة العرض في دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة، أما
اللوحات الأربعة الأخرى فقد تم حفظها.
توفيت أثر مرض عضال في 15 شباط 2008 عن عمر
يناهز 81 سنة.
أُقيم لها تشييع أنطلق من دارها في منطقة
الوزيرية قرب كلية الفنون الجميلة، والتي تعود لشقيقها الراحل الفنان جواد سليم
حيث مثواها الاخير في مقبرة الشيخ معروف في جانب الكرخ من بغداد. واعلنت الأمانة
العامة لمجلس الوزراء العراقي الجمعة في بيان عن ايفاد ممثل عنها حضر مراسيم تشييع
الفنانة الراحلة فضلا عن تبني مراسم الدفن والعزاء، ونعاها الرئيس جلال طالباني
بقوله «ودع العراق الفنانة التشكيلية الرائدة نزيهة سليم، أول امرأة أسهمت في
إرساء ركائز الفن العراقي المعاصر، وعملت مع شقيقها الفنان العراقي الأبرز في
القرن العشرين جواد سليم وشقيقها الآخر نزار سليم وكوكبة من الرسامين والنحاتين الرواد
على التأسيس لمدرسة فنية منفتحة على الحداثة وليست منقطعة عن التراث، إن رحيل
نزيهة سليم خسارة كبرى للفن والثقافة في العراق، بيد أن أعمالها ستبقى جزءاً
أصيلاً من ثروة العراق الفنية.»