يُدهشنا دومًا المخرج السينمائي المغربيّ عز العرب العلوي، حيث يخلق مناخاتٍ بصريّة مُتخيّلة مُرتبطة بالتاريخ المغربيّ وذاكرته الغنيّة بالقصص والحكايات والرموز والعلامات، ذلك أنّ شغفه بالسينما وصُوَرها المُتخيّلة يقوده دومًا إلى عملية "التخييل"، لا باعتباره فقط مفهومًا إجرائيًا يتوسّله المُخرج للدخول صوب حداثة ورحابة الإبداع البصريّ، وإنّما بوصفه وطنًا يرنو إليه العلوي، كلّما ضاقت به الكتابة التقريرية عن السينما وصُوَرها وتحوّلاتها، فيجد نفسه مُنغمسًا في رحابة الإبداع السينمائي عن طريق أفلامٍ روائية وأخرى وثائقية.
والحقيقة أنّ ارتباط صاحب "كيليكيس دوار البوم" ببراديغم التاريخ، قد عزّز اهتمامه البصريّ في وجداني وجعلني منذ سنواتٍ أترقّب إنتاجاته في هذا المضمار، لما تُضمره من خطاب بصريّ عَالم يتعامل مع التاريخ، لا باعتباره حقيقة، وإنّما كسرديّة تاريخيّة أو قدرٍ وجوديّ، ما يجعله دومًا يُنزّل هذا التاريخ من برجه العالي ويجعله مادّة خاضعة كأيّ خطابٍ معرفي آخر للنقد والمساءلة والفحص. وهنا بالذات، تبدأ علاقة العلوي بمفهوم التخييل، حيث تمنحه هذه الخلاصات المعرفية التي يتوصّل إليها تجاه موضوع/ قضيّة/ إشكالية/ ظاهرة، إمكان إعادة كتابة تاريخٍ جديد داخل عرش الصورة السينمائية ووفق أنماط مُتعدّدة من الصُوَر ومستوياتٍ مُتباينة من التوثيق والتخييل.
بمناسبة عرض فيلمه الوثائقي الجديد "ماء العينين: الإمام المجاهد والعالم الرباني" (2022) قبل فترة قصيرة على قناة "الجزيرة الوثائقية"، كان لنا مع عز العرب العلوي هذا الحوار: